الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيوا العلم .. حيوه

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 9 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نعيش في كنف نظام لا يعتمد الا على الدعاية وفن اللقطة، ومنذ اليوم الأول لا يصدّر لنا سوى عبارات معسولة على شاكلة "انتم مش عارفين انكم نور عنينا" "هذا الشعب لم يجد من يحنوا عليه" "أم الدنيا وهاتبقى أد الدنيا" "تحيا مصر".
الا أن الواقع والاحصائيات وما توصّله حواسنا الى عقولنا كلها أمور تُجمع على أن الانهيار الاقتصادي لم يكن ابدا في أي وقت على ما هو عليه الأن، والفشل الاداري لم يكن ابدا على ما هو عليه الأن والفساد لم يكن ابدا على ما هو عليه الأن، والقمع وتراجع مصر على كافة المستويات واحتلالها مراكز أولى في كل ما هو شنيع وكارثي هو الأعلى على الاطلاق.
فلأول مرة يسجن شباب لأنهم يحملون العلم المصري، ويطارد كاللص كل من قال أن الأرض مصرية، بينما يرقص من يحمل علم دولة اخرى في حماية الأجهزة الأمنية معززا مكرما أمنا من أي عقوبة أو لوم.
يتحدث هؤلاء بوقاحة بالغة عن مكافحة الارهاب في كل حين بينما تبقى سيناء تحت تعتيم اعلامي كامل لا أحد يطّلع على ما يحدث فعليا على أرضها ولا أحد يجرؤ على الحديث، وسط سنوات وسنوات من الاضطرابات التي انتقلت من الأطراف الى القلب، ولا أحد يعترف بفشل الأساليب المتبعة وعدم كفاءة من يتبعونها، وعليك فقط أن تسبح بحمدهم وتقدس لهم تكليفهم الالهي بمحاربة هذا الشئ الهلامي الغامض المسمى بالارهاب.
اراضي الدولة تباع في صفقات لا احد يعرف عنها وشركاتها تتوقف الواحدة تلو الأخرى، الزراعة في تراجع وصيد الأسماك متعثر أو خاضع لتحكم الحيتان الكبار مع انهيار السياحة وتهريب الآثار في أكبر حملة تهريب للآثار المصرية لم تشهدها البلاد منذ فجر التاريخ.
انهيار منظومة التعليم والرعاية الصحية، لا عدل ولا أمن، والمستقبل قد تمت مصادرته لصالح ابناء اللواءات، إلا أن كل ما سبق لم يمنع هذا النظام المنفصل عن الواقع من أن يطالب شباب الجامعات بتحية العلم في الصباح بحثا عن انتماء مفقود، هو انتماء قد تم قتله والتمثيل بجثته في نفوس كل من عشقوا تراب هذا الوطن وتمنوا له أن ينال مكانته التي يستحقها بين الأمم، فلم يجدوا غير القمع والتنكيل والفضيحة والمطاردة والانتهاك، حتى أصبح منتهى أملهم الخروج من كل هذا القهر بأي ثمن والابتعاد عن هذه الأرض بأقصى مسافة ممكنة ولو كان ذلك في القطب الشمالي أو حتى في المريخ!
غرس الانتماء لم يكن ابدا بتقديم التحية لقطعة من القماش الملون ايها السادة، غرس الانتماء بتحقيق العدل والمواطنة وتوفير الأمن وتكافؤ الفرص، عندما تعمل الحكومة لصالح كل انسان في هذا البلد بالعدل وتوزع الثروات بالعدل ويقف الجميع على قدم المساواة امام القانون والدستور ويقوم الكل بمهمته الموكل بها، غرس الانتماء يكون بمكافئة المجد المجتهد ومحاسبة اللص والفاشل وتولية الأصلح.
سيشعر الشباب بالانتماء عندما تحتضنهم بلادهم وتفتح أمامهم أبواب المستقبل وتوفر لهم سبل العيش الكريم، لا أن تطاردهم وتعد عليهم انفاسهم لمجرد ان طالبوا بأدني حقوقهم المشروعة.
ان أكثر الناس حديثا عن الوطن وترديدا لعبارات على شاكلة "تحيا مصر" هم من يقضون بإصرار شديد على فرص هذا البلد في الحياة والوجود، وكيف لهؤلاء أن يعلموا غيرهم الانتماء، فقديما قالوا "فاقد الشئ لا يعطيه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح