الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهالة الافتراضية وتأليه البشر

حيدر السلامي

2017 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الكائن البشري بطبيعته يميل إلى الكسل والاسترخاء والسرعة في إطلاق الأحكام واستعجال النتائج ولا يفضل الغوص في التفاصيل والنظر في المسائل الدقيقة وتحليلها.
ذلك لأن النظام الأول والأكثر استعمالاً في عملية التفكير بدهي بسيط وعاطفي متكرر لا يحتاج إلى بذل أدنى جهد وليس فيه أي مشقة بينما تجد النظام الثاني (القليل الاستعمال) على العكس تماما فهو تحليلي منطقي بطيء كما يقول دانيال كانمان في كتابه التفكير بسرعة وببطء.
من هنا نفهم كيف يتلاعب بعقولنا السياسيون والإعلاميون والعاملون في المجالات التسويقية الإعلانية والدعائية وقادة الحرب النفسية ويتمكنون ببضع أساليب وحيلٍ، أن ينفذوا ما يعرف بعمليات غسل الدماغ وبالتالي هدم قناعاتنا أو تأطيرها بالشكل الذي يريدونه.
من تلك الأساليب ما اصطلح عليه بالهالة. ومعناها اللغوي الدارة الضوئية التي تحيط بالقمر ويراد بها هنا التأثير الذي تحدثه بعض الشخصيات ذات الشهرة الواسعة أو الكاريزما.
فالميل الطبيعي للعقل الإنساني نحو التبسيط والنظر بسطحية للأمور والقضايا يجعل من بعض الأشخاص رموزا ومثلا عليا يضفي عليها هالة من القداسة والتنزيه من أي نقص أو عيب في قول أو فعل بل يصعد بها أحيانا إلى مقام الألوهية.
إن صاحب االهالة شخص مبجل كريم مقدس لا يرقى إليه الشك. إنسان كامل (سوبر مان) وليس لأحد أن ينقده أو يرد عليه قوله أو يعارضه بحال من الأحوال لأنه الإله أو ابن الإله.
هكذا ببساطة ينساق بعضنا المبهور ببعضنا الآخر وبتأثير الهالة المضروبة حوله نحو تأليهه والدفاع المستميت عنه وتسويغ أعماله وتسويق أقواله على أنها هي الصواب المطلق الواضح وغيرها الخطأ المحض الفادح وهو دائما على الحق بل هو الحق بعينه وما عداه الباطل.
بهذه الطريقة الاتباعية يتكرس التطرف بنوعيه الفكري والسلوكي معاً ليدفع بالمرء قابلاً وتدريجاً إلى هاوية العنف وبالتالي تبرير إقصاء وتهميش وتصفية المخالف.
مثال بسيط على هذه الظاهرة: لو أن أحداً ناقش فكرة أو موضوعاً سياسياً كان أم اجتماعيا أم دينياً وجره الحديث إلى توجيه النقد لشخصية هالوية تتمتع بما ذكرناه آنفاً، كيف تتوقع أن يكون الرد ممن يتحمس لتلك الشخصية ويؤمن بامتيازها على الجميع؟! ولطالما تحدث هو عن قدراتها الخارقة وشجاعتها الفائقة وعقليتها الرائقة وغالى في بيان ذكائها وأفرط في وصف حكمتها وعدالة قضيتها والإطراء على تواضعها مع ما تمتلكه من نوادر... و.. و.. مما لا يُملّ ذكره ويُجلّ أمره؟!
لو كان لأحدنا رأي مخالف للمشهور في عالم دين مرجع أو خطيب أو قائد سياسي أو زعيم وطني أو رئيس كتلة أو حزب أو تيار أو غير ذلك مما شابهه (خارج نطاق العصمة طبعاً)، وأراد أن يعبر عن رأيه بحرية وصراحة في جمع من الناس أو عبر وسيلة إعلام مثلا فهل يستطيع؟!
أترك الإجابة طلباً للسلامة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس