الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال كردستان .. احلام عصافير أم نزق ثوري ؟

راضي العراقي

2017 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


استقلال كردستان .. احلام عصافير .. أم نزق ثوري ؟
أحلام العصافير هي ابلغ ما يمكن ان توصف به توجهات الاخوة الكرد في الانفصال عن الوطن الام ( العراق ) .. يقودهم فيها الى هذا الحلم الرومانسي زعيمهم مسعود البرزاني الذي يعيش هو الاخر احلام الزعيم التاريخي الذي سيخلده التاريخ الى جانب سيمون بوليفار والمهاتما غاندي وبقية من ساهم في صنع التاريخ لبلاده ورفع فيها رايات الحرية والاستقلال .. لكن البرزاني بعقليته العشائرية وعنصريته القومية اختار الهدف الخطأ في المكان الخطأ .. فالظروف التي يلعب فيها البرزاني لعبته ( الثورية ) لا تنسجم مع معطيات الوضع الاقليمي والدولي .. كما انها لا تنسجم مع التطور الفكري والايديولجي لشعوب المعمورة التي ما عادت تحركها الشعارات الرنانة ولا التوجهات التي تلعب بالمشاعر القومية على حساب الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. فقد ولى زمن النزق الثوري مع التطور العلمي والفكري الذي يشهده العالم .. ولم تعد البيانات والخطب النارية تحدث ذات التأثير الذي كانت تحرك الجماهير في زمن الحركات الثورية والمسيرات المليونية والاضرابات العمالية ..
اليوم يحاول هذا الرجل القبلي ان يرسم لشعبه صورة رومانسية عن الاستقلال والحرية مستخدماً نفس الاساليب القديمة قافزاً فوق المسلمات وفوق الواقع .. فالمطالبة بأستقلال كردستان عبر المتاجرة بالشعارات القومية يتم بأفق ضيق ولا ينم عن واقعية وخبرة او حنكة سياسية .. بل يبدو المشروع لعب بالنار ومتاجرة واضحة بمقدرات الشعب الكردي في شمال العراق والذي يتمتع بقدر كبير من الحكم الاستقلالي عن بقية انحاء العراق .. والمغامرة بحلم الاستقلال يبدو انتحار سياسي اكثر مما هو هدف وطني وقومي نبيل .. فأقليم كردستان العراق يفتقر الى مقومات اقامة الدولة المستقلة بأبسط مفاهيمها .. فلا الوضع الاقليمي يسمح باقامة هذه الدولة ( المستقلة ) لانها ستكون محاصرة بدول كبيرة ومتماسكة تحوي في اراضيها على جاليات كبيرة من الكرد وستكون هذه الدول في وضع سياسي واجتماعي خطير فيما لو سمحت لاكراد العراق بتحقيق مبدأ الانفصال والاستقلال .. فتركيا وايران ترى في تنفيذ هذا الحلم تقويضاً لامنها القومي واستهدافاً لوحدتها الوطنية وعليه فأن هذه الدول ستعمل المستحيل في سبيل منع هذا الحلم .. وهذا ما نلاحظه ونلمسه في تصريحات الساسة الاتراك والايرانيين التي تصل الى حد التلويح بالتدخل العسكري والحصار الاقتصادي اذا ما تم اجراء الاستفتاء المزمع تنفيذه في الخامس والعشرين من ايلول ..
كما ان مستلزمات اقامة دولة مستقلة في كردستان العراق تبدو صعبة للغاية مع افتقار الاقليم لمنفذ بحري او حدود مشتركة مع دولة او جهة مؤيدة لهذه الخطوة .. وستعاني الدولة ( المستقلة ) فيما لو تحقق الحلم من حصار سياسي واقتصادي خانق سيجلب المآسي على الكرد وسيجدون انفسهم ضحية لشعارات رنانة وتوجهات ثورية وقومية عقيمة خدعها بهم البرزاني وزمرة الحالمين من السياسيين العنصريين الذين كانوا يحلمون بأن يتركوا الكهوف ويعيشون في قصور فارهة ويركبون الطائرات والسيارات الفخمة بعد ان تيبست مؤخراتهم من ركوب البغال عندما كانوا يشنون حرب عصابات ضد النظام السابق ..
الحلم الكردي بأقامة دولة مستقلة وان كان حلم مشروع في منظور الطموح القومي لكل الشعوب .. الا انه يبدو مستحيلاً في ظل الظرف الجغرافي والاقليمي والسياسي الذي فرضه الواقع الدولي خلال القرن الماضي .. وهذا ما يجب ان يعترف به الاخوة الكرد بكل شجاعة .. اما التلاعب بالمشاعر القومية وانتهاز الفرص لكسب مزيد من المكاسب على حساب وحدة العراق ومقدرات بقية الشعب فلا تخدم الكرد في قابل الايام .. وعلى العقلاء من الكرد ان لا ينساقوا الى الخدعة التي يسوقها البرزاني وزمرته العنصرية ذات التوجهات القومية الضيقة .. وعلى المثقفين من الاخوة الكرد ان ينتبهوا الى ان زمن الشعارات الرنانة ذات الصبغة الثورية الطوباوية قد انتهى مع تطور الفكر الانساني العقلاني .. وان العالم يتجه نحو اقامة التجمعات الاقتصادية التكاملية بدل التشرذم والانفصال .. وعليه فنحن ننتظر موقفاً واضحاً من قبل هؤلاء المثقفين بعيداً عن الشعور بالتعالي القومي والنزق الثوري الذي اطاح بكثير من التجارب وادى الى كوارث اجتماعية وسياسية ما زلنا نعاني منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل