الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف الفكر اليساري بعد مرور قرن على الثورة البلشفية

فيدل عزيزي

2017 / 9 / 20
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


مضت قرابة ثلاثة عقود على انهيار المنظومة السوفياتية وما تبعها من جمهوريات و حركات سياسية ولدت نتيجتها.
تقلص دور هذه الأحزاب إلى ما يشبه بالرمزي أو الانعزالي للتعبير عن حركة سياسية غير مسار التاريخ الحديث لا وبل حجمت شكل العالم الجيوسياسي الذي نعيش فيه اليوم.

أن سطوع نجم الرأسمالية مع تبلور مفاهيم الفكر الحديث وإلغاء الحدود ساهمت في تحجيم قوة المعسكر السوفياتي الذي ضم عدة جمهوريات متحدة لم تؤثر فيها الحدود على عكس الدول الغربية التي اتبعت خطى الاتحاد السوفياتي في فتح إطار جغرافي ينافس الاتحاد السوفياتي الذي كان أضخم منظومة جيو سياسية في التاريخ الحديث.
لطالما نجحت المنظومة الرأسمالية “الكلاسيكية” بشيطنة النظام الشيوعي واتهامه أنه ناقد “للحرية الفردية” و”المقدسة” لنظام رأسمالي مبني على تقييم الأفراد والدول على المال فقط.

كلمة يسار تعني من هو معاكس لفكر الجماعة الكلاسيكي أو ما هو مألوف ونشأت الكلمة في أوروبا منذ الثورة الفرنسية تمردا” على بطش الكنيسة الكاثوليكية ولكن يتم استخدامها حاليا في عديد من الدول الغربية “التقدمية” التي تحارب مبادئ الرأسمالية التي تنص أن المال هو أساس استمرارية المجتمع.

لكن حاليا” يتم اجتزاء كلمة يسار أو يساري الى عدة معان تختلف حسب من يعرفها أو يتناولها. هذا الاختلاف هو نتيجة اختلاف العقيدة السياسية والايديولوجية ولكن بالرغم من هذا الخلاف، تجتمع كل هذه الفرق على مهاجمة اليسارية وتحجيم تأثيرها وهذا بسبب انعدام مفهوم النقد البناء والاستناد إلى أساليب استهزائية تنجح في استقطاب الفئات الشعبية البسيطة، حيث يعمد مروجي هذه الأحاديث إلى زرعها في الأجيال الحديثة من خلال استعمالها المتكرر حيث تثبت واقع العقم الفكري في دول العالم الإسلامي.

فالاسلام السياسي على سبيل المثال فشل على كافة الصعد لإيجاد حلول لواقعه الدموي. فالشرق الاوسط تحول الى اكبر ملحمة طائفية في القرون الحديثة ولكن لا يعكف الإسلاميون بنعت اليسارية بالكفر والإلحاد وبأنها مؤامرة على الإسلام والمسلمين. لا وبل ذهب العديد من المشايخ بالتنظير بأن اليسارية هي مخطط غربي لتدمير “عفة” المجتمع “الطاهر” ولكن أولئك الإسلاميون لم يهتموا بأحداث ثورة فكرية لإيقاف الاقتتال الذي دمر دول الشرق الاوسط وأدت إلى حصول تراكم تاريخي لا مثيل له من بثق ثقافة الكره والاقتتال واضمحلال مجتمعي يحتاج إصلاحه إلى عقود.

لم نرى أولئك الإسلاميون يحاربون فكر التطرف الإسلامي سوى عبر منابر خطاب كلاسيكي لا يعمل سوى على تدجين سامعيها وغسلهم فكريا عبر تبرئهم من المشاكل وان كل ما يواجهونه هو كون العالم كله متآمر ضدهم.

من وجهة نظر الرأسماليين المتسلطين على الموارد الطبيعية والبشرية وكل أساليب الإنتاج، يتهمون اليسارية أنها من رواسب الشيوعية المنهارة التي تعتدي على الحرية الفردية المستحقة وانها تمنع الإنسان من أبسط حقوق التملك. بينما في واقع الأمر، أن منظومة الرأسمالية “المعاصرة” هي نظام يتبع أسلوب الاستغلال المقنع حتى بات معظم سكان الأرض يعيشون تحت عبودية معاصرة لكن تحت مسمي “وظيفي” ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يدخل خط الفقر ما يزيد عن 300 ألف شخص سنويا حيث يتم رهن جميع ممتلكاتهم المادية بعد فشلهم بدفع تكاليف النفقات الصحية مع العلم ان الولايات المتحدة الأميركية لا تتمتع بنظام رعاية صحي عام كالموجود في كندا أو دول أوروبا الشمالية وبحسب تقدير البنك المركزي تجاوز عدد الفقراء في الولايات المتحدة الأربعين مليون عام 2015.

في واقع الأمر، أن الفكر اليساري المعاصر هو الفكر الذي قرب بين وجهات النظر المتناقضة في أساليب الحكم. انظروا الى الدول الاسكندنافية حيث توجد أعلى معدلات الدخل الفردي في العالم لكن يوجد توزيع عادل للثروات لتفادي استحداث فجوات طبقية من خلال فرض صارم لقوانين الحكومات المتعلقة بعمل الشركات الأجنبية والعمالة الوافدة. وعلى صعيد الحريات الفردية فتبقى مقدسة حيث يحق للشعب بمحاسبة ارفع المسؤولين إن لم يكونوا على قدر المسؤولية في إدارة البلاد.

أخيرا يجدر بالاعتراف أن مجتمعاتنا لا تفهم إلا في التنظير على مبادئ وأسس غيرت وجه العالم لكن لم تساهم في الاجتهاد في استحداثها أو حتى تطويرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج