الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية التوزيعية كخط ثالث

جلال مجاهدي

2017 / 9 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الاشتراكية التوزيعية كفكرة تعنى بالاستخلاص العادل للمستحقات الضريبية و غيرها و بإعادة توزيع مداخيل الدولة و منها الثروات على نحو متساو في إطار الدولة الراعية و التي تختلف عن مفهوم الاقتصاد التوزيعي الذي يعنى فقط بإعادة التوزيع التناسبي للمداخيل , تشكل أرضية صلبة لتطوير مفهوم الاشتراكية الذي لم يعد في الممارسة يناقض الرأسمالية كنظام اقتصادي والذي في آخر المطاف يبقى تجربة إنسانية و ارث إنساني له ميزاته و إيجابياته , يتعين التعامل معه و تصحيح مساره عوض نقضه جذريا أو معاداته معاداة دغمائية.

وحتى لا يبقى النقاش ايتوبيا , حيث جرى العمل من طرف الأحزاب الاشتراكية على تبني طرح العداء للرأسمالية كنظام اقتصادي و وصفه بالظالم و المكرس للفوارق الاجتماعية مع استعمال هذا الخطاب كورقة رابحة لاستمالة الجماهير , نشير إلى أن الممارسة السياسية و الاقتصادية لدول غربية في إطار الاقتصاد التوزيعي فقط الذي هو دون الاشتراكية التوزيعية , أبانت عن نتائج جد إيجابية , حيث استفادت الطبقات الدنيا من المجتمع من عملية التوزيع و على سبيل المثال لا الحصر نسوق تجربتي دولة السويد و الدانمارك كنموذجين .

بقاء المشروع الإشتراكي و تطوره بشكل عام يكمن حاليا في قدرته على استيعاب الظرفية الاقتصادية و السياسية العالمية و على الابتكار النابع من واقع الممارسة السياسية و الاقتصادية و هو ما يتطلب منه الانفتاح على واقع السوق الحرة و متطلباتها و من تم التحرر من باقي آثار الدغمائية الماركسية و اللينينية , وذلك حتى لا يعزل المشروع نفسه لما لهذه العزلة من انعكاس قاتل طالما أنه و بكل صراحة لم يعد طرح إنهاء الرأسمالية و تعويضه بالاشتراكية أمرا ممكنا و لو على المدى المتوسط أو البعيد .

تطوير الجهاز المفاهيمي للإشتراكية وفق المستجدات السياسية و الاقتصادية الحالية و بيان المغزى و المقصود من الاشتراكية كمفهوم حي قابل للتطبيق و ليس كمجرد تسمية هو أمر وجودي , لكون بقاء المفاهيم مبهمة و متناقضة مع الواقع الراسمالي و الليبيرالي الذي تعرفه أغلب الدول , هو حكم باضمحلال المشروع الاشتراكي ككل , سيما و أن أغلب الأحزاب اليسارية الاشتراكية و عند وصولها إلى السلطة و في غياب أي تصور يؤطر لإنجاز برامج اشتراكية قابلة للتطبيق , لم تكن تجربتها تختلف اختلافا كبيرا عن تجربة باقي الأحزاب ذات التوجه الليبيرالي , و هو ما أفرغ وصف الاشتراكية الذي تضفيه على نفسها من أي معنى .

يبدوا أن مفهوم الاشتراكية التوزيعية , هو أنسب مفهوم يمكن أن يتوافق مع واقع الرأسمالية و السوق الحرة الحالية , هذا المفهوم الذي يتعين ملاءمته بشكل تدريجي و مرن مع واقع الدول و شكل سياستها الاقتصادية و الذي يمكن اعتباره مشروعا متقدما للاقتصاد التوزيعي الذي نفسه نهل من الفكر الاشتراكي و بالتالي فإن تطويره أيضا سيكون في إطار التراكم الفكري الاشتراكي ,و هو ما لا يمكن معه اعتبار الاشتراكية التوزيعية تراجعا عن مسار التطور الاقتصادي , بل كخط ثالث قابل للتطبيق ما بين الرأسمالية و الاشتراكية و الذي من شأنه ملأ ثغرات كليهما و تصحيح عملية الاستخلاص و التوزيع المتعلقة بفائض القيمة التي هي في آخر المطاف محور النظرية الاقتصادية الماركسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية