الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصخرة التي تحطمت عليها أقوى المبادئ

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يؤسفنا سوء الأوضاع الحقوقية لديكم ولا يمكننا أن نقاطع حكوماتكم أو نعاقبها أو نضغط عليها لأهميتها في صناعة "الاستقرار" في المنطقة.
هذه الجملة اصبحت تتكرر كثيرا في الآونة الأخيرة، حتى صارت مثيرة للسخرية أكثر من أي شيء أخر، فلم نعد نفرح كثيرا من اثارة المنظمات الحقوقية لملفات انتهاك حقوق الانسان في بلادنا، حيث صارت هذه الملفات مجرد وسيلة ضغط على الحكومات لبذل المزيد من التنازلات وليس لتحسين اوضاع مواطنيها واعطائهم شئ من حقوقهم المهدرة.
فكلما انتقدت احدى الدول الغربية انتهاكات حقوق الانسان لدينا يكون الرد دائما باعطائهم امتيازات وصفقات تمثل خسارة على الشعب والدولة، فيمكن ان ينالوا – على سبيل المثال - حق التنقيب عن البترول أو الغاز أو الذهب لمائة عام بدون ان يكون للشعب نصيب من ثروات بلاده المهدرة، أو يمكن شراء خدماتهم التي لا تجد لها سوق بأعلى الأثمان، أو شراء أسلحتهم التي صدأت في المخازن، وكله من دماء الشعب الذي ازعجهم بشدة اهدار حقوقه!!
اصبحت ملفات حقوق الانسان بمثابة وسيلة ابتزاز للحكومات الديكتاتورية وليست مسألة انسانية واخلاقية، كم تدفع مقابل قصف دولة أمنة وتدميرها وقتل شعبها؟ كم تدفع مقابل تركيع شعبك والتنكيل به وتشريده وقتله؟ كم تدفع مقابل السكوت عن اهدار المال العام وانتشار الفساد في بلادك؟ كم تدفع مقابل البقاء على كرسيك وحتى الموت؟ كم تدفع مقابل توريث كرسي الحكم لطفلك المدلل؟
فلكل شئ ثمن، نعلم أنه سيدفع من دماء الشعب واراضيه وثرواته ولكن لا يهم، فالأهم أن يعيش مواطنونا حياة مرفهة ويحصلون على الحقوق الأدمية المفروضة لهم والتي اعتادوها، فهؤلاء سيدفعون بنا الى صفوف العامة ويأتون بغيرنا اذا لم نوفي باحتياجاتهم بعكس شعوبكم المغلوبة على أمرها والتي لا تثور ولا ترفض الا قليلا وهؤلاء القليل يمكن التعامل معهم والانتهاء منهم بسهولة ونحن سنغمض أعيننا عما تفعلونه تجاههم طالما انكم تقدمون لنا ما فيه الكفاية.
ان السنوات الماضية أظهرت هشاشة النظام الدولي ككل وضعفه واسقطت كل الأفكار السابقة عن قيم العدل والحرية ومكافحة الفساد، حيث اصبحت كل هذه الأمور مجرد شعارات ولافتات على دكاكين بائسة لا تملك من أمرها شئ أما على الأرض فكل شئ يخضع للقوة والمصلحة المشتركة.
أعتقد أن أزمة ايران وكوريا الشمالية مع الدول الغربية ليست في نظام الحكم لديهم ولا تتعلق بملفات حقوقية، ولكنها فقط تتعلق بما حققته الدولتان من اكتفاء ذاتي وخاصة في مجال التسليح، فإذا كنتم ستصنعون سلاحكم ولديكم التكنولوجيا الخاصة بكم .. فمن سيشتري بضاعتنا اذا؟
ان العالم يتجه نحو مستقبل شديد السواد حيث أصبح كل شئ خاضع لقوانين السوق حتى المبادئ حتى الشرف حتى الوطن، كل شئ له ثمن .. كل شئ قابل للبيع.
وتبقى المصلحة هي الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت