الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهوض الديمقراطي للفلسفتين الاسلامية والماركسية

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 2 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حتى بدايات القرن العشرين كانت محددات الصراع العالمي لازالت بين غرب متوحش، وعالم لاحول له ولاقوة، ضعيف، خانع، كُتب عنه الكثير في الأدب والسياسة والاقتصاد.
في مرحلة انتصار الاشتراكية الأممية التي بنت الاتحاد السوفييتي، تغيرت معالم هذا الصراع بتشكّل مركز قوى وازَنَ مع توحش الغرب فلجم جموحه نحو الشعوب الفقيرة، بل ساعد هذه الشعوب على التحرر الذاتي المدعوم من الدولة الاشتراكية الفتية، وذلك من منطلق تثوير العالم والشعوب المُضطهدة، وعمال العالم ضد الغرب الذي مثّل رأس المال الناهب عالميا.
استطاعت الدولة الاشتراكية أن تُثوّر العديد من دول العالم، فشكّلت الكتلة الشرقية مع من يدور بفلكها على أساس الأيديولوجيا، ومن تحالف معها دون هذه الأيديولوجيا استجارة بها من الاستغلال الغربي لهؤلاء المُتحالفين.
في المنطقة العربية والاسلامية ارتكبت الأحزاب الشيوعية أخطاء جسيمة، عرقلت تقدمها نحو مجتمعاتها حين قرأت الدين قراءة خاطئة،وحين تناحرت لتلد فصائل بولادتها خُلق تناقضا وتناحرا فاق تناقضها مع الغرب الرأسمالي،فتعزّزت فلسفة الاقصاء والتخوين التي أباحت الاعتقالات والتصفيات في صفوفها من قبل من استلم السلطة من الرفاق،فأصبح رفيق الخندق والتضحيات في الأمس عدوّاً.
بعد احتلال فلسطين وتحول قضيتها إلى مشاريع بدأت بالتحريرثم إزالة آثار العدوان نهاية بالمفاوضات التي لم تُثمر عن شيء، تراجعت مصداقية الاشتراكيين ومعهم القوميين في وعي الناس بسب الانتكاسات للعرب والمسلمين، وذلك بأسباب قضية فلسطين التي شكّلت إحباطا للمواطن العربي والمسلم،والتنمية التي لم تتقدّم خطوة واحدة ، مُضافا له حكم الأيديولوجيا السياسي الذي اعتمد مقولة (من لم يحمل أيديولوجيتي فهو ضدي)،ومُضافاً أيضاً حكم الحزب الواحد الذي أقصى من لم يتحالف معه على أساس مشروعه الحزبي الحاكم.
بين البلدان العربية والاسلامية من جهة وبين شعوب مايُسمّى بالعالم الثالث تشابه كبير(فقر،تخلف،استلاب وغيرها)،وغرق في وحول الأيديولوجيا الاقصائية التي أنتجت تحديات غربية تتعلق بالديمقراطية وحقوق الانسان في هذه البلدان، إذ صار هذا المشروع يُشكّل شماعة الحرب الغربية في قاع هذه المجتمعات وفي سطحها الثقافي، بعد أن كان الغرب هو من أسّس للاستبداد في هذه البلدان، واللعب على مُعاناة المعارضين لأنظمة الحكم في بلادهم، وهو المشروع الغربي الجديد المتعلق بالديمقراطية التي تفتقر لها هذه البلدان.
تشابه كبير بين انهيار الدولة العثمانية وانهيار الاتحاد السوفييتي، فداخليا(استبداد،غطرسه،إلغاء،اعتقال،قتل)،وخارجيا(صراع مع قوى عالمية متطورة، تلعب على الضغط الخارجي الاقتصادي والسياسي والعسكري، وعلى تفتيق الجراح الداخلية دينية وقومية(الثورة العربية الكبرى على العثمانيين×انفصال بعض الجمهوريات السوفييتية) للمطالبة بالتحرر القومي والديمقراطية.
افتقار هذه المجتمعات للديمقراطية لعب عليها الغرب كثيرا، وهي نقطة ضعف الأنظمة المتسلطة على شعوبها، مادفع بالأيديولوجيا للتحرر من نوازعها الذاتية(إسلامية×اشتراكية)، فأنتجت الضرورة في العالم أيديولوجيا مُلقّحة ديمقراطيا، نجح الاسلاميون في إيران على إثرها، ونجح الاشتراكيون في أمريكا الجنوبية بلداً تلو الآخرأيضا، وهاهي حماس تُحقق نجاحاً مماثلاً،هذا النجاح السياسي لهذه الأطراف المُتناقضة فلسفيا يُعتبر انعتاق من الهيمنتين الغربية والسوفييتية الكلاسيكية،وتقدّم نحو الحرية للشعوب المُستضعفة على أسس جديدة مُتحرّرة من منطق الوصاية المركزية أو التوجيه من بُعد، وبذلك يكون لأول مرة بعد انتصار ثورة اكتوبر وانهيارها أن تُحكم بلدانا بإرادة شعوبها، شرط ألاّ تتكرر التجربة المُرّة للاستبداد فيها،ومثال ذلك نجاح شافيز ورفاقه في أمريكا الجنوبية بالانتخابات،ونجاح الرئيس الإيراني وحماس دون اللجوء للتحكيم كما حدث لجورج دبل يو بوش.
الإسلام السياسي واليسار العالمي أسّسا تاريخيا للأيديولوجيا الاقصائية مجتمعيا وعالميا، فكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية للانهيار(عثمانية×سوفييت)،لكن زيادة حدة التناقض بين المشروعين مع الغرب، وتناقضهما مع الأنظمة الاستبدادية،فتح الباب واسعاً لقراءة جديدة للتاريخ والواقع والصراع، مادفع نحو تشكُّل اتجاه جديد في الفلسفتين الاسلامية والماركسية، والعودة لقراءتهما كمرجعية/أخطأ الحكام المُفرزين من داخلهما قراءتهما/تعتمد الشورى إسلاميا، والنقد ماركسيا، وكلاهما كانا قد انتفيا سياسيا وأداءً، ما خلق تناقضا أوصل إلى الأصولية الذاتية والموضوعية، فكان التخبط والتناحر بين رغبة الحكام وحاجة الواقع المخروق بالفساد قرين الاستبداد.
حاجة الواقع للشورى إسلاميا والنقد ماركسيا كانا وراء تشكّل المعارضات الوطنية الديمقراطية في العالم(الشرق الأوسط×أمريكا الجنوبية)،وهذين المشروعين يتقاطعان في الديمقراطية التي صارت تُستخدم على لسان الإسلاميين واليساريين، الذين أعلنوا اسمهم باليسار الديمقراطي.
هذان الناهضان الإسلام واليسار [[المتحررين من غول فلسفة ووعي وإدمان الاستبداد والقمع والاضطهاد العرقي والديني والقومي، والذي ينشد بناء مجتمعات قادرة على الاعتماد على طاقة أبناءها الكفؤة المناسبة للنهوض بها بغض النظر عن الخلفية، ونفي مقولة الولاء للحاكم الذي يُسخّر المجتمع لخدمته بعيداً عن مصلحة المجتمع والناس في الحرية والعدالة والقانون]]قدّما خطابيهما اللذان تقاطعا بهما في الإنسان، واللذان استطاعا عبره استقطاب العديد من كوادر الأيديولوجية الاقصائية الكلاسيكية، وذلك بعد اكتشاف هؤلاء الكوادر ضرورة عقلنة الواقع والتعايش السلمي بين المُختلفين فلسفيا وفكريا وسياسيا،واعتماد صندوق الاقتراع حكما بذلك،هذا التقديم فتح مجالا لسؤال:هل يُنسّق هؤلاء مع بعض لحماية مُجتمعاتهم من الغرب الرأسمالي وذيوله الاستبدادية في هذا العالم، أي هل يُمكن للقوى الاسلامية واليسارية الصاعدة أن تُنسّق فيما بينها،وتُقيم تحالفات استراتيجية تخدم شعوبها عبر التوازن الدولي الذي يمكن أن يكون،وذلك باعتماد الديمقراطية قاعدة للبناء الاستراتيجي الحر الضامن لمستقبل آمن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا