الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهام الكاتب

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 15
الادب والفن


إن الكتابة رسالة إنسانية ومسؤولية تضع الكاتب وجهاً لوجه مع ضميره أولاً ومن ثم مع المجتمع المتلقي لأفكاره وآراءه فإن كانت أفكاراً إنسانية أسهمت في رفع مستوى الوعي الاجتماعي، وإن كانت أفكاراً شريرة عمدت لنخر منظومة الوعي الاجتماعي. لأن الأفكار تعني في محصلتها النهائية تربية المجتمع وفقاً لنهج محدد، فالأفكار الفاشية أسهمت في تخريب منظومة الوعي الإنساني وعطلت منظومة الأعراف والقيم الاجتماعية الداعية للعدالة والسلام والمحبة بين البشر مقابل إحياء قيم الكراهية والحقد والتعالي على الشعوب.
إذاً مهمة الكاتب ليست إطلاق بالونات فكرية وآراء غير مسؤولة بحجة حرية الرأي، فالرأي يجب أن يكون مسؤولاً فالتحريض على العنف والكراهية والحقد ضد الآخرين لايمت بصلة لحرية الرأي وأنما هو مساهمة واعية في شحن النفوس بالحقد والكراهية وطمس لمفاهيم المحبة والسلام ومن ثم تهيئة الأجواء لإثارة الفتنة وإغراق المجتمع في بحر من الدماء.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن مهمة الكاتب هي تربية الرأي وكل كاتب لايثير في الناس رأياً أو فكراً أو مغزى يدفعهم إلى التطور أو النهوض أو السمو على أنفسهم ولايحرك فيهم غير المشاعر السطحية العابثة ولايقر فيهم غير الاطمئنان الرخيص ولا يوحي إليهم إلا بالحساس المبتذل ولايمنهحم غير الراحة الفارغة ولايغمرهم إلا في التسلية والملذات السخيفة التي لاتكون فيهم شخصية ولاتثقف فيهم ذهناً ولا تربي فيهم رأياً: لهو كاتب يقضي على نمو الشعب وتطوره".
ومن مهام الكاتب الجيد تقديم معلومة جديدة وإثارة الأسئلة لتحفز القارئ على التفكير في المشكلة أو الأزمة للوصول إلى الحلول الواقعية، لا لتقديم حلول قطعية جاهزة تعطل تفكير القارئ. إن التصورات المفترضة للخروج من الأزمة التي يثيرها الكاتب يتوجب أن تستند لأساس فكري يمكن البناء عليه في البحث عن سُبل الحل المتعدد الوجوه. ولايجوز لها أن تكون أحادية الوجه والحل والفكرة، فتفرض على القارئ رأياً قسرياً جاهزاً يشل قدرته على التفكير ويجعله يتبنى رأياً موجهاً ويفرض عليه سلوكاً في الحياة يتعارض مع المفاهيم الإنسانية.
وهذا الأمر لايتعارض ونهج الكاتب في طرح أراءاه الخاصة حول مشكلة فكرية أو اجتماعية ما وأنما يغنيه عن الوقوع في براثن الآراء القطعية الخالية من الشك حيث لاوجود للحقائق المطلقة ولاسبيل لإدراك جميع أوجهها ووفقاً لآراء معظم الفلاسفة، فالحقائق الآنية قد تكون كاذبة غداً وحقائق الغد قد تكون صادقة في ظروف ما في المستقبل....وعليه فإن الآراء القطعية تتعارض كلياً مع العلم، ولايمكن اعتمادها كمنهج في التربية الاجتماعية.
يرى ((توفيق الحكيم))"أن الكاتب الحقيقي هو ذلك الذي يخلق عالماً زاخراً بالأشخاص التي تحيا، وتسعى وتشعر وتفكر دون أن تحتاج لإنشاء هذا العالم إلى غير قلمه وحده".
يساهم الكتاب الجادين إلى جانب علماء التربية في إرساء قاعدة معلوماتية تختزن كافة القيم والأعراف والأفكار والآراء الساعية لخدمة الإنسان لغرزها في ذهنية الجيل الجديد لمساعدته على تخطي عقبات المستقبل. وانطلاقاً من هذا المسعى والتوجه يعد الكاتب صاحب رسالة إنسانية، حضارية، فكرية، تربوية....تعمل على صناعة إنسان عصري يؤمن بالقيم الإنسانية ويسعى لخدمة نفسه والمجتمع معا وينعكس ذلك على سلوكه وتصرفه في التعامل مع أقرانه من البشر.
إن الكاتب الذي لايعي مهامه ورسالته ليس كاتباً ومنتجاً للأفكار وأنما منضداً لها ودجال يعرض قلمه برسم الإيجار للسلطات والأحزاب.... ليروج لأفكارها وتوجهاتها لقاء المال والجاه. إن المهام والرسالة الإنسانية للكاتب ليست لائحة مدون فيها البنود والتوجهات الإنسانية يمكن أن يحفظها ويخط نهجه عليها. إنها سعي متواصل منه للوصول إلى مستوى ثقافي عالي، يرتقي من خلالها بوعيه لمراتب أعلى تمكنه من قراءة بنود مهامه وتفاصيل رسالته الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده