الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


47 عاماً على رحيل جمال عبد الناصر

نايف حواتمة

2017 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

أيها المناضلون جميعاً - جمعية الأخوة الفلسطينية المصرية في القاهرة وفلسطين
- المنتدى الثقافي العربي والهيئة المستقلة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين

تمر ذكرى رحيل القائد الوطني القومي الكبير جمال عبد الناصر، وأمتنا العربية تواجه تحديات مصيرية. ونستحضر في هذه المواجهة التجربة الناصرية الثرّة، والتي لا يتسع مجالها لنا هنا. ولكن يمكن لنا أن نرسم خارطة طريق وعملية تجديد من حيث المبدأ، تربط بين الماضي بالحاضر والمستقبل. وأمامنا مشهد الحال العربية الراهنة، وبؤس الحداثة العربية المتأخرة، بسببٍ من أن المجتمعات العربية ما زالت تحكمها علاقات ما قبل الحداثة، حيث تغيب إلى درجة كبيرة، أشكال سيادة القانون والديمقراطية والمساواة والحرية والمواطنة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية. مجتمعات مشوّهة بممارسات أنظمة شمولية توتاليتارية، أنظمة استبداد وفساد، كوارث وهزائم وطنية وقومية، فقر وجهل وأميّة، حروب داخلية اهلية. صراع محاور اقليمية عربية وشرق أوسطية، وسيادة «ثقافة الاستهلاك» والتبعية والخصخصة التي لا تتوافق مع مصالح تطلعات الأغلبية من الجماهير، بل تتناقض معها.
وهنا يحضرنا الزخم القومي الناصري، ويحضرنا اعلان الجمهورية، حق السودان بتقرير المصير والاستقلال، تأميم قناة السويس، السد العالي، مجمع حلوان للصلب والحديد، مجانية التعليم بكل مراحله...، ونهوض حركة التحرر الوطني العربية والثورة الفلسطينية، الوحدة بين مصر وسوريا، الثورة الجزائرية، ثورة 14 تموز في العراق، ثورة اليمن.
والخلاصة الماثلة أولاً: أن التجربة الناصرية تحدثت عن أوضاع البؤساء والفقراء المطحونين، في مصر وكل مكان في الوطن العربي، المطحونين تحت الاحتلال الاستعماري وحروب التوسع الاسرائيلي، المطحونين في مخيمات البؤس في اللجوء وعلى أرض الوطن في فلسطين. أما راهناً فإن في جوهر سياقها الإحيائي العام تكمن المسألة الماثلة بكيفية تفعيل اتساع دور التيار النهضوي الديمقراطي في عملية النضال الوطني والديمقراطي الفلسطيني – العربي، وثورات عربية وفلسطينية لم تكتمل في يومنا. الفلسطيني من أجل العودة وتقرير المصير، ومن أجل الدولة الفلسطينية المستقلة، وذلك انطلاقاً من خلاصات التجربة القومية الناصرية خاصة، والتجربة القومية العربية عامة، بأن الصراع مع العدو الصهيوني، هو بالدرجة الأولى صراع عربي - صهيوني يقوم جوهر مواجهته على النضال القومي التقدمي ضد نظام العولمة الرأسمالي الإمبريالي، كحليف رئيس لدولة «إسرائيل وزحف استعمار الاستيطان في القدس والضفة الفلسطينية وحصار قطاع غزة».
الاستخلاص الثاني: يتمثل بالمحور الراهن في اهتمامنا؛ ويرتبط بالقضايا الوطنية التحررية والديمقراطية الفلسطينية؛ ارتباطاً بعلاقتها العضوية بحركة التحرر القومي الديمقراطي، وتجارب الثورات العربية التي لم تكتمل منذ يناير 2011 حتى يومنا [كتاب حواتمة: «الثورات العربية لم تكتمل..» خمس طبعات، وكتاب «الأزمات العربية في عين العاصفة» سبع طبعات، وكتاب «الانتفاضة الشبابية» خمس طبعات]، وهو اهتمامنا من موقع التيار الديمقراطي الفلسطيني بالعمق والبعد القومي، وفي نطاق معادلة وحدة واهتمامات وهموم قوى الديمقراطية والحداثة والعدالة الإجتماعية؛ عبر العمل مع أحزابه ومؤسساته ونخبه ومثقفيه ومفكريه، لبناء مركز للحوار تشمل تيارات التحرر والتقدم والحداثة في مواجهة محاصرة وتطويق الحركات التحررية الديمقراطية في إطارها القطري ... المهمة التي تمليها الحالة القومية المصيرية، وكسر طواحين بحور الدم والخراب بين دكتاتورية انظمة الاستبداد والفساد الشمولية المدنية أو العسكرية، وديكتاتورية حركات الاسلام السياسي الدموي الداعشية وشركاها التي تستمد جذورها عميقاً من مناهج التربية والتعليم والكتب المدرسية في البلدان العربية والمسلمة، وغياب الديمقراطية والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة.
في ظل توحش العولمة الأحادية وتوغلها على منطقتنا العربية، علينا أن نسعى إلى بلورة مشروع الكتلة التاريخية الوطنية الديمقراطية في هذه المرحلة في كل بلد عربي، والحوار والتعاون بينها لتجاوز واقعنا العربي المأزوم والمهزوم في هذه المرحلة المصيرية.
إن هذا التنسيق في المهمات يبلور تبادل النظم والأفكار والقواعد المعرفية في الاجتماع والتاريخ والفلسفة كما السياسة من حيث الاستخلاصات، أي بلورة التوجهات نحو مهمات متناسقة راهنة، والإفادة من كل ما توصلت له ثورة المعلومات والاتصالات.
إن الجواب الصريح يكمن في التراكم المتسارع في عوامل التبعية والتخلف ومناهج التربية والتعليم الاحادية السلطوية، الدينية والمدنية، والارتهان، هذا هو سبب فشل المجتمعات العربية، بعد أن تقطعت بها السبل مع المعرفة، وفي ظل غياب الثقافة النقدية كسلطة اجتماعية تفرض ذاتها، بالاصطدام بالواقع وتغييره نحو التنمية والتصنيع والتقدم الشامل، عبر المشاركة الشعبية المنتجة والمبدعة. دون ذلك لا إمكانية للاستنهاض، أي بدون النهوض المادي والصناعي، فالثقافة هي ثمرة هذا النشاط الاجتماعي المادي والمعرفي والروحي. وهذه هي مهمة التيار الديمقراطي واليساري والليبرالي التعددي أينما حلّ في ربوع وطننا العربي. رفض تبرير الوضع والواقع القائم، وإضفاء الشرعية الفكرية - السياسية عليه. بل إستدعاء العقل النقدي وممارسة النقد الجذري، وفق قواعد منهجية تحديثية تنويرية اجتماعية، لتغيير العلاقات السائدة، ولنتمكن من توفير المقدمات المطلوبة في مواجهة نظام العولمة الراهن، بحضارته الإكراهية عبر طابعها الأحادي، والتي تنزف جرائم ووحشية في فلسطين، لبنان، العراق، سوريا، مصر، اليمن، ليبيا، السودان وبلدان عربية أخرى، عدواناً واستغلالاً واحتلالاً، ومهانةً في حق الشعوب العربية.
إن أخطر ما يواجهنا الآن هو دعوات التبرير وإدارة الظهر على مستوى النُظم السلطوية في البلدان العربية، دعوات «التبرير» بما تعني الاستسلام. وباعتبار حاملها التنظيري بأن المرحلة تعيش «قدراً تاريخياً» لا فكاك منه قرناً بعد قرن، دون تحفظ أو مراعاة للحدود الدنيا للحقوق، دون مراعاة الخصوصية والهوية والمصالح الوطنية والقومية، دون مراعاة حقوق شعوب عربية تحت العدوان والاحتلال. خاصةً وأن الدور المركزي في منطقتنا هو لـ «إسرائيل» الكولونيالية الاستعمارية، كبؤرة إمبريالية صغرى، وفي كل ما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية الأساسية السياسية الاقتصادية والعسكرية في المنطقة العربية.
في ذكرى جمال عبد الناصر، وبعد سبعة واربعين عاماً؛ الخلاصة تقول أولاً: بأن ثقافة التحرر والديمقراطية والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، وثقافة المقاومة العربية في نطاق أقطارها وعبر أشكالها المختلفة، ستكون قاصرة وبلا جدوى وبلا معنى أو تأثير عميق؛ ما لم تتمكن القوى الديمقراطية العربية، التحررية الحداثية واليسارية والليبرالية التعددية من إنجاز التنسيق المطلوب فيما بينها في اعتماد متبادل.
ثانياً: تحويل الصراع مع العدو الصهيوني إلى نهج سياسي - مجتمعي، جامع لكل مقومات وإمكانات وطموحات الجماهير الشعبية الفلسطينية والعربية في عملية المواجهة. إن مهمتنا جميعاً تقوم الآن على بناء عقل حديث جماعي لحركة التحرر الوطني والقومي العربية، بآفاقها الديمقراطية والتقدمية الاجتماعية، في مواجهة أزمة التبعية والاحتواء لمجتمعاتنا العربية. أي وضع هذه الحركة على مسار خارطة طريق فعلية، على سكة التطور الاجتماعي العربي في سياقه التاريخي العام، في مواجهة الأنماط الاجتماعية الموروثة القديمة التي «تجتر النقل لا العقل»، نحو البديل الديمقراطي الحداثي، لا بل جديد التاريخ المعاصر، في إطار النضال الوطني القومي التحرري والديمقراطي معاً، على هذا المسار يمكننا أن نبلور مشروعاً نهضوياً عربياً ملموساً نحو المستقبل، قادرٌ على التغيير والنهوض وفق مصالح وتطلعات وطموحات الأغلبية الساحقة في مسار الشعوب العربية. بداية الخروج من المشهد الملتبس، الخروج من القرون والعقود العجاف الماضية. وهذا التغيير لن يأتينا من الخارج ولن يتم إلا ذاتياً. دون هذا نراوح خارج عربة التاريخ المعاصر، ضاعت على العرب القرون منذ مطلع القرن التاسع، ضاع القرن العشرين الأكثر ابداعاً وثورات علمية ومعرفية كبرى، واستثناء في تاريخ البشرية، تواصل التخلف العربي، حلّت نكبة فلسطين 48، هزيمة حزيران/ يونيو 67، الحروب الداخلية والاهلية الطائفية والمذهبية، تداعيات مدمّرة، «انتفاضات وثورات عربية لم تكتمل..».
فلسطينياً ناضلنا طويلاً من أجل إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومن أجل تفعيل وتطوير ودمقرطة منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، عملاً بقرارات إعلان القاهرة (17 آذار/ مارس 2005)، وبنود وثيقة الوفاق الوطني للوحدة الوطنية، والتي وقعت عليها جميع الفصائل في غزة (27 حزيران/ يونيو 2006)، وصولاً إلى الاتفاق على أسس «انتخاب مجلس وطني جديد وفق التمثيل النسبي الكامل» داخل وخارج الأرض المحتلة، قرارات المجلس المركزي 2015، قرارات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في 10-11 يناير/ كانون الثاني 2017: تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الشاملة الائتلافية لإنهاء الانقسام، تجهيز الآليات لانتخاب مجلس وطني جديد في الوطن والشتات بالتوازي مع انهاء الانقسام.
ناضلنا من أجل إنجازها طوال حقبة احتكار حركة «فتح» للسلطة ولمؤسساتها، ومن ذات المنطلق نناضل ضد حكومة اللون الواحد لحركة «حماس». لقد قررت «وثيقة الوفاق الوطني» تشكيل «حكومة وحدة ائتلافية» بعيداً عن الاحتكار الفئوي، وعلى أساس «الشراكة السياسية بالقرار وليس على أساس المحاصصة»، وأن تلتزم هذه الحكومة ببرنامج سياسي جديد وموحّد مشتق من بنود وثيقة الوفاق الوطني. إن برنامجنا للخلاص الوطني، يدفع نحو الإسراع في المباحثات لتشكيل الحكومة الشاملة الائتلافية وانتخابات رئاسية وبرلمانية (مجلس وطني جديد) في الوطن والشتات، وصياغة برنامج سياسي جديد وموحّد، نحو حل القضايا الخلافية السياسية العالقة وصولاً إلى إعلان البرنامج السياسي الجديد، البرنامج الواقعي الملموس، والذي يستند على وثيقة الوفاق الوطني، قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير 2015، اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني يناير 2017، وقرارات الشرعية العربية، والشرعية الدولية.
إن تحقيق وتطبيق هذه البرامج وقرارات الاجماع الوطني تشكل مدخلاً للخروج من أزمة النظام السياسي السلطوي للسلطة الفلسطينية سلطة الاحتكار الفئوي والاقصاء، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية، الأزمة المتشعبة الأوجه المتعددة المظاهر، على مخاطرها السياسية فقد أخذت تمتد في المشهد الفلسطيني الراهن نحو أزمة مجتمعية، فكرية، اقتصادية، سياسية، بل أخذت تطال بآثارها بالهوية الفلسطينية ذاتها، بفعل تصاعد الدور الخارجي الأمريكي - الإسرائيلي بالذات على مستوى قضيتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة بصورة خاصة، اذن أزمة شعب بأكمله، أزمة الأغلبية الساحقة التي تتطلع إلى بناء الوحدة الوطنية الديمقراطية، المجتمعية والسياسية والاقتصادية على الأرض المحتلة كلها في الوطن والشتات. التي تتطلع بشغف ومصداقية، مقرونة بآمال واستعداد عالٍ للتضحية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية في التحرر الوطني والاستقلال السياسي والعودة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وسيادة القانون.
إن هذا الطريق يبدأ ببرنامج الخلاص الوطني، بمواجهة المسار السلبي والممارسات السلبية المختلفة منذ اتفاق أوسلو 1993، وتراكماتها من فشل إلى فشل 25 عاماً من المفاوضات الثنائية العقيمة، التي هيمنت كلياً على صورة الواقع الفلسطينية. ومنذ عقدٍ ونيف بانقسام مدمّر اعجف وحتى اللحظة الراهنة.
إنه النضال والمقاومة المسؤولة وصولاً لبناء الوجه الإيجابي بأدواته الوحدوية وبرنامجه في الفكر والثقافة، والسياسة والاقتصاد. طريق الخلاص الوطني ... طريق الوحدة الوطنية الديمقراطية... طريق وثيقة الوفاق الوطني والحكومة الائتلافية التي تضم ممثلي الفصائل الفلسطينية والشخصيات الوطنية.
في ذكرى الرحيل.. تجربة عبد الناصر انجازات وتحولات كبرى، اخطاء وتداعيات سياسية وعسكرية وفكرية كبرى.
تحية لذكرى جمال عبد الناصر ...
تحية للشهداء ... للأسرى المناضلين ...
تحية لمقاومة شعبنا الفلسطيني المقدام، للثورات العربية التي لم تكتمل ...
وفجر الاستقلال والدولة والعودة لا بدَّ آتٍ وآخر كل ليلٍ نهار ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التهرؤ
معين عبد القوي ( 2017 / 9 / 27 - 06:36 )
كلام متهرئ

اخر الافلام

.. جيني اسبر واعترافات لاول مرة


.. عاجل | مظاهرات وأحكام عرفية وإغلاق مبنى البرلمان في كوريا ال




.. فضائح جديدة تلاحق تسلا ومالكها إيلون ماسك.. ما القصة؟


.. قراءة عسكرية.. كمين للقسام في رفح وتقدم للمعارضة السورية تجا




.. سياق | هل انتهى النفوذ الفرنسي في إفريقيا؟