الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوط حمر ..تصبح ِبيْضا-.!

هادي فريد التكريتي

2006 / 2 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات ، حصلت قائمة الائتلاف الشيعي ، على أغلب مقاعد المجلس النيابي الجديد ، الذي يؤهلها تشكيل الحكومة الجديدة ، وبعد حسم تسمية رئيس الوزراء الجديد ، المتنافس عليها بين أطراف قائمة الائتلاف ، كثرت تصريحاتهم ، وخصوصا السيد عزيز الحكيم والجعفري ومن قيادي المجلس وحزب الدعوة ، عن الخطوط الحمراء التي يضعونها على الكتل أو الشخصيات النيابية ، في حالة الإقدام على تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وقد تركزت هذه الخطوط وُشِدَدت ضد القائمة الوطنية العراقية ، بقيادة الدكتور أياد علاوي ، والتي تتألف من تنظيمات وطنية ديموقراطية وشيوعية ، كانت ترتبط مع القوى الاسلامية ـ الطائفية ( من المجلس والدعوة ) بتحالفات فيما بينها قبل سقوط النظام ، وبعده كذلك في مجلس الحكم . الموقف الجديد ، وخطوطه الحمراء ، لقائمة الائتلاف الطائفي ، لا يحظى بمواقف مؤيدة من عموم القوى السياسية العراقية ، فيما يخص تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وخصوصا القائمة الكوردستانية ، التي ترى في الائتلاف الشيعي ، شريك حكم غير موثوق به ، من منطلق التجربة السابقة في الحكم ، فحكومة الجعفري ، التي يمثل وزراءها الأكثرية من قائمة الائتلاف ، قد همشت الوزراء الكورد وتجاوزت على صلاحياتهم ، كما تجاهلت نص الفقرة ج من المادة 58 من قانون إدارة الدولة ، فيما يخص قضية كركوك وحلها ، وبالمجمل لم ينفذ رئيس الحكومة ، على مدار فترة الحكم السابقة ، الإتفاق المبرم بين الشريكين ، بغض النظر عن المسؤولية التي يتحملها الكورد في الحكم لعموم العراق ، حيث اتسم موقفهم ـ الكورد ـ بالضعف والمهادنة طيلة حكم سنة من التحالف ، نتيجة لتجاهل دورهم ، أولا ، كشريك عراقي ، فاعل ومسؤول ، وثانيا ، إستئثار وهيمنة حكومة الائتلاف على ما تراه من شأنها في حكم العراق العربي ، بتنفيذ سياسة طائفية ، ضد كل مكونات الشعب العراقي ، من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، وبقية الطوائف ، كل هذه ، انسحبت نتائجها السلبية على مصداقيـتهم ـ الكورد ـ وشراكتهم الوطنية ، في وطن موحد وواحد.
بعد إعلان النتائج الانتخابية ، تغيرت الخريطة ، واختلفت المواقع للقوى السياسية ، فالقوى القومية والسنية ، إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، إذا ما ائتلفت وتوحدت في برنامج سياسي ، أصبحت تشغل المرتبة الثانية في سلم القوائم بعد ائتلاف القوى الطائفية ـ الشيعية ، مما أفسح في المجال للقائمة الكوردستانية أن تناور ، لتحقيق مطالب أكثر ، وتهدد حليفها السابق في الحكم ، فيما إذا تمسك بخطوطه الحمراء ، خصوصا على القائمة الوطنية العراقية ، لهذا كان الرئيس جلال الطلباني صريحا وواضحا في معارضته لهذه الخطوط ، التي يضعها الائتلاف على القائمة الوطنية العراقية ، معتبرا " وجود خطوط حمراء على القائمة العراقية ، يعني خطوطا حمراء على التحالف الكوردستاني .." وهذا يعني أن خيارات أخرى مطروحة أمام الكورد للتحالف مع غير الائتلاف الشيعي ، في تشكيل الحكومة القادمة ، مما أدى إلى تراجع سريع ، ومسح كل الخطوط مهما كان لونها ، ومن أي كان مصدرها ، على لسان رئيس الوزراء المنتهية ولايته ، الجعفري ، حيث أعلن " لا خطوط حمر بالسياسة وإنما قناعات ، وتدرس حسب الاستحقاق الدستوري ، كل من في البرلمان له حق المساهمة في الحكومة ، ولا فيتو على أحد .." أما السيد الحكيم عبد العزيز فليس إعلان تراجعه بأقل سرعة من الجعفري ، حيث اعتبر " الخط الأحمر هو قضية الدستور واجتثاث البعث والموقف من الإرهاب والحرية والمساواة .." ولا أحد يدري من انتهك الدستور والحرية والمساواة ؟ أما اجتثاث البعث ، فحتى الآن لم تصدر فتوى بحق الجابري ، فهل كانت " الفضيلة " بعثية ، أم أنها تأسلمت وفق الظرف والحاجة ..!.
حكومة الوحدة الوطنية ، إن تحققت بكل مكونات المجلس النيابي القادم ، يضع الائتلاف الشيعي أما مفترق طرق ، فالجابري ، رئيس حزب الفضيلة ، ( وهو من العناصر البعثية الموالية للنظام السابق ، له تنظيرات وآراء في تطوير حكم وقيادة صدام ) يرى أن حزبه " سيكون خارج تأييد حكومة الجعفري في حالة عدم تطبيق مشروع الإنقاذ الوطني الذي طرحه حزبه أثناء فترة ترشيحه لرئاسة الوزراء ، المتضمن معالجته للاحتقان الطائفي ، وإشراك مكونات الشعب العراقي في الحكومة القادمة " ، في حين يرى مقتدى الصدر أنه لا يعطي ثقته لحكومة تساهم فيها القائمة الوطنية العراقية ، هذه المواقف المتباينة من مكونات الائتلاف الشيعي تهدد بتصدعه ، والإطاحة به ، فعدم الاتفاق على تسمية مرشح رئيس وزراء للقائمة ، كادت أن تحدث شرخا بين مكونات الائتلاف ، المنسجم داخليا في مواقفه وتوجهاته السياسية ، وكاد أن يعصف به لولا التنازلات الباهضة التي قدمها حزب الدعوة ثمنا لترشحه لمنصب رئاسة الوزراء ، فكيف الحال إذا ما شكلت الحكومة من قوى لم توافق عليها مكونات البعض منه عليها ؟ خصوصا وأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، تعني عدم تنفيذ البرنامج السياسي الخاص بالائتلاف ، وإنما يتضمن تعديل الدستور ، وعدم تنفيذ الفيدراليات الحلم الذي لم يتحقق . قال السيد عزيز الحكيم في وقت سابق ، " انفراد الائتلاف بالحكم فرصة لم تتكرر ولا يمكن تعويضها ، فعلينا أن نستغلها لتحقيق مطالبنا وأهدافنا " ضاعت الفرصة ، وما كان يخشاه قد تحقق ، فمن يتحمل مسؤولية الفشل .؟
وإذا ما رفض الائتلاف الطائفي ـ الشيعي ، من تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تشارك فيها قائمة أياد علاوي ، فلن تنال ثقة المجلس الجديد ، وسيتحقق تحالف جديد بين القائمة الكوردستانية والقوى القومية والطائفية ـ السنية ـ إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، وربما قوى أخرى من قوى الأئتلاف الشيعي نفسه ، تكون أكثريته النيابية من 143 نائبا ، قادرة على تشكيل أكثرية برلمانية ، تضع الائتلاف في موقف صعب ، أمام خياراته وبرنامجه المعد للتنفيذ .
حكومة المشاركة بين الائتلاف الطائفي ـ العنصري أَخلًت كثيرا بالوحدة الوطنية ، ولم تستطع أن تحقق للعراقيين الأمن والاستقرار واستحقاقاتهم الحياتية ، حتى الضرورية منها ، كما أنها لم تحقق للكورد ما تم الإتفاق عليه بينهما . وهي من ألحقت أضرارا جسيمة بالوحدة الوطنية ، من خلال إطلاق العنان لإرهاب المليشيات الحزبية ، وقيامها بتصفيات سياسية للقوى القومية والوطنية المعارضة للنهج الطائفي ، كما أنها خربت اقتصاد البلد بسياسات غير مدروسة ، أبرزها السياسة النفطية وزيادة الأسعار ، والفساد يضرب أطنابه في عمق مؤسسات الدولة دون معالجات ، ودون الرجوع إلى الجمعية الوطنية ، وحتى اللحظة ، هي لم تقدم حسابا لما أقدمت عليه من عقد صفقاتها التجارية ، واتفاقاتها السياسية مع إيران خصوصا . فهل سيتكرر السيناريو ، أم أن حقبة جديدة قد بدأت ، وما عادت ظروف الأمس هي من يحكم غدا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل