الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهدیدات الترکیة الإیرانیة ضد کوردستان

جبار قادر

2017 / 9 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


یجب أن ننتظر قلیلا حتی تهدأ الضجة وموجة التصریحات الناریة التي یطلقها الجمیع لأسباب مختلفة. یبدو أن العراق یعود الی عادتە القدیمة قدم هذە الدولة وموروثە الغني المشین في الإستقواء بالقوی الخارجیة ضد جزأ ممن تسمیهم الأوساط المذهبیة الحاکمة في بغداد "بشعبنا الکردي". فتاریخ العراق علی مدی القرن الماضي ملئ بالشواهد الحیة في هذا المجال. ولا تخلو أیة معاهدة أو إتفاقیة ثنائیة، ثلاثیة أو رباعیة بین العراق وترکیا وإیران وسوریا من مادة أو أکثر تخص التعاون لقمع الحرکات الکردیة. لم تختفي هذە الفقرة لا في میثاقي سعد اباد ولا حلف بغداد. هذا في العهد الملکي الذي یتغنی الکثیرون هذە الأیام بە لقرفهم مما أتی بە النظام الجمهوري. أما في العهد الجمهوري فقد خطت الحکومات "التقدمیة والقومیة"خطوات أکبر بدعوة القوات الأجنبیة للمشارکة في قمع الحرکة الکردیة. ففي عام ١٩٦٣ إستعانت الحکومة البعثیة بالقوات السوریة التي دخلت الحرب ضد الکرد ولکنها سرعان ماهزمت شر هزیمة من قبل الثیشمرگة. وفي نفس الوقت کان هناك تنسیق عسکري کبیر بین العراق وترکیا وإیران، وکان هناك ضباط إرتباط أترك وإیرانیون في مقر الفرقة الثانیة بکرکوك یشارکون في التخطیط وتنفیذ العـلیات الدمویة ضد المقاتلین الکرد والمدنیین الامنین علی حد سواء. أما الإتفاقیات الأمنیة في عهد البعث فحدث ولاحرج بدءا من إتفاقیة الجزائر (١٩٧٥) مع إیران وإتفاقیات توغل القوات الترکیة داخل الحدود العراقیة مع ترکیا في أعوام ١٩٧٨ و ١٩٨٢ والأعوام التالیة.
مایهمني في هذا المقال القصیر هو التوقف عند التهدیدات التي توجهها الدول الثلاث ضد کوردستان. طبعا لا أحد یأخذ التهدیدات العراقیة بجدیة، لمعرفة الجمیع الأوضاع السائدة في العراق وسیادته المباحة من کل من حدب وصوب ومن قبل کل من هب ودب من الدول والمنظمات الإرهابیة من مختلف الألوان المذهبیة علی حد سواء. الکل یعرفون أن حکام المنطقة الخضراء لایستطیعون الخروج من مکمنهم الا بحمایة الأمێرکیین أو أزلام قاسم سلیماني.
لن تسمح أمیرکا بالتهدیدات الإیرانیة أن تحقق شئ علی الأرض، لا حبا بسودا عیون الکورد، بل لأن ذلك یتقاطع مع الإستراتیجیة الأمیرکیة الجدیدة القاضیة بوضع حد للتغول الإیراني ومحاولاتها الهیمنة التامة علی العراق والتمدد االی اقلیم کوردستان. تستطیع إیران بطبیعة الحال أن تثیر بعض المشاکل في مناطق محددة من کوردستان عبر أعوانها أو مخابراتها، وقد تستطیع أن تثیر بعض المشاکل علی الحدود. کما أنها تستطیع أن تمارس ضغوطا إقتصادیة علی الأقلیم.
تبقی التهدیدات الترکیة لوحدها مثیرة لشئ من القلق، لأن ترکیا لوحدها تستطیع أن تؤثر علی الأوضاع الإقتصادیة في کوردستان، سواء علی مستوی تصدیر النفط أو الحرکة التجاریة. لن تلجأ ترکیا الی عملیات عسکریة واسعة، لأن وجود المستشارین العسکریین لدول التحالف في کوردستان والقتال مع داعش ومشارکة البیشمرگة فیە تعیق قیام ترکیا من التصرف علی هواها.
المراقبون السیاسیون في ترکیا یحذرون حکومتهم من فقدان آخر جار لایزال لدیە علاقات جیدة مع بلادهم، بعد أن فشلت سیاسة صفر مشاکل مع الجیرن ولم تثمر عن شئ سوی تردي العلاقات مع الجمیع. کما أنهم یحذرون المسؤولین من اللجوء الی التهدید الذي لم یعد أحد في العالم یعیرە الإهتمام اللازم بعد فشلە في تحقیق أي شئ. فقد هدد المسؤولون الحکومة السوریة حینها بأنهم سیصلون العید في الجامع الأموي بدمشق، لکنهم یهیئون أنفسهم للتعایش مع نظام الأسد الی أمد لا یحرف أحد مداە. کما أنهم هددوا ڕوسیا بالویل والثبور بعد إسقاط طائرتها الحربیة ومن ثم ذهبوا وإعتذروا لبوتن. وقاموا بنفس الشئ مع إسرائیل.
الإشکالیة في الحلف الثلاثي بین ترکیا وإیران والعراق، أنهم لا یثقون ببعضهم البعض. فقد عملت ترکیا علی مدی خمسة قرون کي لا تسمح لإیران بالسیطرة علی مایسمی الان بالعراق. وهي تدرك الان بأن جمهوریة العمائم والإعدامات هي صاحبة السلطة العلیا في دولة الملاکي الفاشلة. من هنا لا أعتقد بأنها سوف تصبح الة بید إیران لتفرض من خلالها هیمنتها علی العراق کلە بما فیە اقلیم کوردستان. ویحذر في هذا المجال العدید من المراقبین الأترك حکومتهم من مغبة الوقوع في شباك المؤامرات الإیرانیة، حتی أن بعضهم یشیرون الی أن إیران تدفع بترکیا الی أن تغلق حدودها مع کوردستان، لتقوم هي بعد ذلك بفترة قصیرة بفتح حدودها وإظهار نفسها بأنها منقذة الکرد و بذلك تزیح ترکیا من هذە المنطقة المهمة، التي عملت ترکیا علی مدی السنوات الماضیة فرض هیمنتها علیها من خلال ما تسمی بالقوة الناعمة.
جزء مهم من التهدیدات الترکیة موجه للداخل الترکي وترضیة الحلیف الوحید لحزب أردوغان، ونقصد به حزب الحرکة القومیة المتطرف، الذي یطالب زعیمە دولت باخچلي دوما باللجوء الی القوة ضد الکرد أینما کانوا. وتتهم الأحزاب الترکیة المعارضة أردغان بالذات بأن سیاساتە اللینة مع أقلیم کوردستان و عملیة السلام التي لم تنجح مع کرد ترکیا وعدم إتخاذ إجراءات رادعة ضد الکرد في سوریا، هي التي تسببت في بزوغ نجم الکورد وتجرؤهم علی القیام بالإستفتاء بالضد من رغبات ترکیا ودون أن یعیروا الإهتمام لتحذیراتها وتهدیداتها. من هنا بالذات یأتي إستخدام أردوغان لتعبیر الخیانة لوصف ماجری في کوردستان.
هناك شئ اخر یثیر الکثیر من المراقبین في ترکیا وهو دفع کرد العراق الی التحالف مع کرد سوریا وتشکیل خطر أکبر علی البلاد من مسألة الإستفتاء. کما أن ردود فعل الکرد في ترکیا ضد أي عمل معاد تقوم به الحکومة الترکیة ضد کوردستان العراق أمر یثیر قلق کبیر لدی صانعي القرار في ترکیا. لهذە الأسباب وغیرها أعتقد بأن هذا التهویل الذي نشهدە الیوام سیزول قریبا و سیتعامل الجمیع مع نتائج الإستفتاء بإیجابیة أکبر وقد ظهرت أولی البوادر الأمیرکیة والأوروبیة في هذا الباب.
طبعا ستمارس ترکیا ضغوطا سیاسیة و إقتصادیة علی اقلیم کوردستان وستبذل جهودا کبیرة لإعادة عقارب الساعة الی الوراء، إلا أن ذلك قد فات أوانە.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في