الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبق المدينة

حيدر السلامي

2017 / 9 / 28
الادب والفن


تصحو هذه المدينة وتنام ولعلها لم تعرف النوم مطلقاً، على دوي يحدثه حفيف أجنحة الملائكة التي لا زالت مع الدهور تختلف هبوطاً وعروجاً من وإلى تلك الهالة من النور الزاهر...
تسابيح وتراتيل ندية وصلوات معطرة بأريج الخلود تلامس القلوب فترفعها الحناجر إلى المدى البعيد.
هنا... عند هذه الزاوية زغب لجناح الوحي ينام باستكانة وخشوع. يلوذ بصمت المكان المدويّ حزناً.. الخارج الداخل عبر نوافذ اللازمان واللاحدود...
ترى... لمن كل تلك الهيبة؟ ومن أولئك الزائرون؟ مواكب تغدو مواكب تروح... يطوفون بلا انقطاع أو تؤدة رجالا وركباناً حول ذاك الضراح السنيّ... أ تسمعهم؟ ماذا ينادون؟
_ حسين حسين حسين...
_ من هذا الذي يندبونه آناء الليل وأطراف النهار؟
_ عليك مني السلام أبا عيد الله... إني سلم لمن سالمكم...
بمثل هذا تصرخ الضمائر وتنساب المشاعر رقة وعذوبة وغراما ليس يعروه انتهاء...
عام 60 للهجرة كان الحسين ولم يك أحد سواه على وجه البسيطة ابن بنت رسول الله.
خرج بثلة من أهل البيت والأصحاب.. ما عرف ولن يعرف التاريخ أوفى ولا أبر منهم أبدا...
_ لأي شيء خرج؟
_ لطلب الإصلاح في أمة جده وتصحيح مسارها نحو الفضيلة والكمال والحرية.
خرج الحسين ليوقظ الأمة من سباتها المرير... لم يكن في خروجه أشرا ولا بطرا ولا طالب جاه أو مال أو منصب دنيوي ولو أراد من ذلك شيئا لاتخذ إليه سبيلا آخر...
درجات.. درجات نهبطها صاعدين نحو ذرى المجد وتلاع الكبرياء...
كل شيء في هذا الحرم الآمن، آمن حتى هذه الحمائم الوديعة التي تلوذ بقبة الذهب احتماء من يد الغادرين.
يالها من مفارقة يحار فيها العقل... هذا الممر الضيق كيف يكون وسيلة للعابرين على الصراط إلى جنات عدن عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين؟!
والكوة الصغيرة هذه... كيف لها أن تطل على عجائب الملكوت وبحر هادر من الأنوار القدسية؟!
إننا نقف ولكن معلقين بين السماء والسماء نحلق أبدانا وأرواحاً إلى أين؟ إلى حيث الجلال؟!
أنى اتجهت فثم معارج للوصول إلى حيث تريد من الحياة الأبدية...
الله... ما أعظم أن تعرف نفسك. فهي باب لمعرفة الرب الخلاق الرحيم ذي الوجه الكريم.
كأن الدماء تصهل في عروقنا الآن من كمد... تقول: الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها...
لحظة... ما هذه الرائحة الزكية كالمسك وأطيب أطيب؟ دعنا نشم هذا التراب المعفر بأطهر الدماء وأشرف الأنفاس... نلتُّهُ بدموعنا الساجمة... إن فيه شفاء مؤكداً من كل داء وطهارة من كل رجس...
يا له من تراب كالذهب... أنت لا تقبّل الذهب ولا تضعه على عينيك ولا تشمه كوالهٍ لهفٍ لحبيبه، وكذلك التراب، إلا إذا كان هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية