الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواصفات الكاتب الجيد

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 16
الادب والفن


هناك فرق بين كُتاب يعون مهامهم ورسالتهم ويتقنون آليات عملهم وبين كتبة لايدركون المهام والرسالة الإنسانية التي يؤديها الكاتب في فعل الكتابة، وهذا الفرق تكشف أكثر بعد أن توسعت مساحة النشر عبر الشبكة العنكبوتية التي طغت على الصحف والدوريات التقليدية مما أدى لتداعي الضوابط والمواصفات المطلوبة في الكتابة وأصبح بوسع أي فرد قادر على تدوين الأحاديث اليومية في المقاهي أن يحظى بفسحة مماثلة لأي كاتب كرس حياته للعمل الصحافي والثقافي وأتقن آلياتها وأدرك مهامه ورسالته الإنسانية.
وهذا الأمر لاينفِ الجانب الايجابي للنشر الالكتروني في كسر احتكار الصحافة والصحافيين ومنح الفسحة اللازمة، للعديد من المواهب المغمورة في عرض إمكانياتها بعد سنوات من الاحتكار مارسه العديد من الكتُاب التقليديين. لكنه بذات الوقت فتح الباب على مصراعيه دون قيود وضوابط مهنية تحافظ على الحد الأدنى من موجبات المهنة، بل أسهمت في كسر القيود والضوابط المعمول بها لتزيد من الكم وعلى حساب النوع. هناك محاولات لبعض المواقع الالكترونية الجادة لوضع مرشحات خاصة تحافظ على الحد الأدنى من الضوابط لكنها تضطر (في بعض الأحيان) إلى التخلي عنها لسد ثغرة الندرة في المقالات الجادة!.
إن الكاتب الذي يحترم ذاته ويعي رسالته ومهامه معني بتقديم معلومة جديدة للقارئ، تزيد من ثقافته وتوسع من مداركه المعرفية. ويتطلب ذلك البحث والتنقيب في بطون الكتب والتقصي عن أبعاد الفكرة ومن ثم إخضاعها للتحليل لصياغة الرأي الجديد الذي يبني الكاتب استنتاجه عليه في البحث أو المقالة التي يطالها التشطيب والتهذيب والتدقيق لعشرات المرات لتعبر عن ماهيتها وغايتها في إيصال ما هو جديد في الثقافة إلى القارئ.
يعتقد ((أرنست همنغواي))"أن الكاتب الجيد يعرف كيف ينقب عن الحقائق الهامة من بين أكداس المعلومات وأكثر ما يواجهه من صعوبة، حفاظه على سعة خياله وخصوبته".
إن بحث واستقصاء الكاتب عن معلومات وآراء وأفكار في عشرات الكتب والصحف لتوظيفها في فعل الكتابة لخلق نتاج ثقافي جديد، هو بمثابة خلق كائن حي جديد يسهم مع الكائنات الثقافية الحية الأخرى في رفد الحضارة الإنسانية بالشيء الجديد.
إنه فعل ذاتي، وجهد مضني، وتوظيف للثقافة الذاتية المكتسبة على مدى سنوات العمر لإنتاج عصارة لفكر جديد يحصل عليه القارئ دون أي مقابل، فالكاتب الجيد يؤدي رسالة إنسانية يؤمن بها ويسخر حياته لأجلها عبر فعل الكتابة لرفد الحضارة الإنسانية.
يقول ((توفيق الحكيم))"أن الكاتب العظيم، كالفاتح العظيم يقع أحياناً على أرض ليست له فيخضعها لسلطانه ويقر عليها نظمه وأحكامه ويصبغها بلون تفكيره وحضارته، ثم يضع عليها راية عبقريته ليتعرف بها التاريخ".
تعكس الكتابة مدى سعة ثقافة الكاتب وهدفها يدلل على توجهه وتقنياتها وآلياتها تُفصح عن مدى موهبته وقدرته على ممارسة فعل الكتابة. كما إنها تدلل على مغزى الرسالة وما يهدف إليها الكاتب وحجم إحساسه وحرفية امتهانه لفعل الكتابة.
إنها عملية معقدة تحتاج لمواصفات خاصة لاتقتصر على الموهبة وتطويع مفردات اللغة وأنما على الاكتساب المعرفي المتواصل الذي يصقل الموهبة في عرض الأفكار والآراء بأسلوب لغوي واضح وسلس ليسهل على القارئ اقتناص الفكرة بعيداً عن متاهات السرد اللغوي الذي يصيبه بالممل والضجر من متابعة القراءة.
يلخص ((أرنست همنغواي)) مواصفات الكاتب الجيد بعدد من النقاط:
1-"إتباع أسلوب يمتاز بالوضوح والسلاسة.
2-اختيار موضوعاته بحكمة وجمع مادته بعد استيعاب لها.
3-السيطرة على إحساسه عند الكتابة.
4-أن يثق، ثقة لاحدود لها بنفسه وأفكاره.
5-الحفاظ على سعة خياله.
6-يجتاز الصعاب ويقتحم المخاطر في البحث عن مادته في الكتابة.
7-أن يكون موهوباً وذات ثقافة جيدة.
8-عدم البحث عن المال لقاء الكتابة.
9-أن يكون صاحب رسالة إنسانية.
لو تم تطبيق الحد الأدنى من مواصفات الكاتب على الكم الهائل من الكتبة في أغلب المواقع الالكترونية يتبين حجم الانحطاط الثقافي وخلو الكتابة من محتواها وبعدها عن الرسالة الإنسانية. وهذا الأمر يطرح تساؤلات عديدة (مشروعة ومتناقضة في آن واحد!) بشأن حرية الصحافة والرأي الآخر ومدى الحاجة لوضع مرشحات خاصة تحافظ على الحد الأدنى لمستوى اللغة وآليات وفعل الكتابة ومضمونها ورسالتها الإنسانية؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده