الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية محكمة السيدة العجوز

جميل محسن

2006 / 2 / 16
الادب والفن



صحراء ممتدة ريح هوجاء عاصفة تصرخ تعوي تتصاعد حاملة الغبار تهدأ حتى تجعل أشعة الشمس اللافحة سيدة الموقف .
"جلست العجوز أقرب إلى الركن الأيسر للمشهد أمامها تله مرتفعة من الرمال والحجارة وفوق رأسها أعلى المشهد كتبت عبارة (ويحي العظام وهي رميم ) "
" ابنها العشريني يجلس بعيد عنها قليلا غير مهتم ينقل بصره إلى المدى البعيد حيث أصوات تحفر وتقلب حجارة ويرتفع الغبار "
" ابنة ولدها المفقود جاوزت العاشرة تجلس أمامها صامته "
" تمسك العجوز بعصا في يدها تحاول إزاحة الحجارة والتراب "
الأم _ ولدي اذهب لجلب فأس أو كرك
الابن لاجواب يتطلع بأمه وحسب
"الأم ترفع المزيد من الحجارة تحاول الطفلة مساعدتها تحتضنها قليلا ثم تجلسها في
مكانها "
الابن_ عبثا تبحثين ياامي هذا المكان هو السادس
الأم_ياولدي الم يجدوا عظام صديقه هاشم بالأمس دع الأم تبحث سنذهب به إلى مدافن العائلة أبوه بانتظاره
الابن – كيف ستعرفينه بعد (10) سنوات تأكل جسده الحشرات والرمال
الأم – أنا من كانت تغسل له ملابسه أنا من اشترى له حلقة زواجه أنا من وضعت رأسه على صدرها قبل أن يذهب ولا يعود
(ينهض الابن متثاقلا ليبحث عن آلة حفر تلتفت السيدة إلى حفيدتها تعدل ربطة رأسها محاولة منع أشعة الشمس اللاهبه عنها )
الأم- ماكان يجب أن تأتين معي ولكن مع من ستبقي ذهبت بنت الناس إلى دنيا الله وأنا ابحث عن أباك
(يرجع الابن فارغ اليدين يتبعه اثنان من الرجال )
الابن- لااحد يعطي فأس أو كرك الكل يحفر يلاحقهم السيدان
الأم –الم تنتهي الشرطة؟
الابن – لا لا ليسوا رجال امن أنهم قادمون للمساعدة
الأم- لايحملون فئوس !
المترجم –ياسيدتي إن الضمير العالمي يأسف لحالكم
(قالها السيد الناطق بالعربية ولكن لايبدو على العجوز أنها تسمع الصوت ثم أضاف )
المترجم –هذا معي السيد (ب)كان يود التحدث معكم بلغتكم
مستر(ب)- الادله الادله حافظوا عليها (قالها بلغته)




" يعيد المترجم الكلام حرفيا الأم على حالها تقلب التراب بالعصا ببدو الابن أكثر انتباها "
السيد (ب)-لاتدمروا حقوقكم بأيديكم لدينا خطة متكاملة فقط انتظروا استتباب الأمن وظروف جيدة توفر لنا الوقت الكافي للنظر (يرن جرس الهاتف المحمول يتبدل الموقف ينسحب السيد (ب) يتبعه المترجم
الابن – يطلبون الحفاظ على الأدلة
الأم- من هم ياولدي
الابن – أصحاب الهاتف المحمول
الأم –الم تجلب الفأس
الابن - الادله الادله
الأم – بدأت الشمس تؤثر فيك اذهب وابحث عن ظل
( تلتفت الأم إلى حفيدتها تخرج قنينة ماء لتشرب الصغيرة ترش لها وجهها تمسح شعرها تعدل ربطتها وتعاود الحفر بالعصا
(يأتي طفل صغير على هيئة ملاك يرتدي البياض وله أجنحة يجلس قبالة العجوز والطفلة يبتسم تبادله ألطفله البسمة تزداد اشراقة وجهه وهو يتربع على الأرض
الأم- ستتسخ ملابسك
(الملاك يلوي رقبته ضاحكا )
الأم- ستفتقدك أمك
الملاك الصغير –ليس للملائكة أمهات
( الابن يأتي عابسا )
الابن –لاظلال ولا ماء ولا فأس زائدة ولافا ئده ، يدور حول والدته والطفلة لايبدو عليه انه يرى الملاك الصغير ينطلق ثانية ( يبدو المشهد صامتا تمر لحظات سكون كأنهن الدهور لاحركه إلا للعصا التي تزيح التراب والأحجار
(تقطع الأم الصمت محدثة نفسها )
الأم- أرضى حتى بالعظام اجمعها احملها على ظهري اذهب بها هناك افرشها مرتاحة بين الأهل والأحباب لتهدأ الروح وتخرج راضية غير مستوحشة
(يدخل ملاك جديد اكبر حجما سنتعرف عليه بتسميته ملاك الدلالة يرى المشهد ينظر إلى السيدة "هاقد وصلت لديك زوار كثيرون اليوم ياسيدتي " يختفي
(يظهر ملاك صغير آخر نفس البياض والطفولة والابتسامة يجلس جنب أخيه )
(يدخل احدهم تبدو عليه الحيرة يتلفت )
الغريب- أين إنا لاجنه ولانار لاخضره ولا لهيب صحراء مغبرة نسيمها تراب لايتحملها حتى الغراب وهذه المرأة السوداء والطفلة الملفوفة بالأسمال ماذا يفعلان ؟
ملاك الدلالة- ينتظرانك
الغريب –أنت ثانية الم أرك هناك ؟
ملاك الدلالة –نعم وهنا معك
الغريب- وماعلي أن افعل ؟
ملاك الدلا له –مقابلة السيدة العجوز
الغريب- أي سيدة وأي عجوز أتقصد مقلبة الحجارة المتشحة بالسواد تلك تبدو وكأنها تبحث عن الآثار أيتها المسكينة لن تجدي هنا غير العظام
ملاك الدلالة- وهي تبحث عنها (يختفون )
" يأتي الابن راكضا وفي يده أوراق يتبعه السيدان "
الابن- هيا ياامي انتهت متاعبنا فقط وقعي هنا
الأم – على ما ذا ياولدي ؟
الابن- العد اله ياأمي انظري سيقيم السيد (ب) لجانا خاصة وستنظر في طلباتنا وستلاحق قضايا المفقودين والمعدومين وسيحيلونها إلى محاكم عراقيه نزيهة أو محكمه دولية وسيحللون إل( DNA ) وس سيحققون كل مطالبنا
الأم –أي مطالب ياولدي ؟
الابن- الثأر
الأم- أي ثأر ياولدي؟
الابن –من القتلة ياأمي
ألام –هل تجدني ابحث عن الثأر ياولدي !
الابن- عن ماذا إذن تبحثين في هذه الصحراء ياامي ؟
الأم – عنه هو أخوك ياولدي .




"نهاية الفصل الأول "
=================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================================


الفصل الثاني
المشهد نفسه المكان لم يتغير نفس التراب نفس الشمس نفس الوجوه القديمة نفس العصا تنبش بين الأحجار
(الابن يطالع أوراق متنوعة ويقلبها )
"يزداد حول الأم والطفلة عدد الملائكة الصغار المبتسمين "
"يدخل ملاك الدلالة يدور حول السيدة يبتسم ويقول لازال " ينتظرك الكثير يذهب ولا يبدو أن احد سمع حديثه "
(يدخل ثلاثة غرباء رجلان وامرأة وإذا افترضنا إن الرجلين هما (س) و(ص) فالمرأة ستكون هي(د) حتما
ولنتصور أن (س) ممثل لمنظمة العفو الدولية و(ص) للجمعية الدولية لحقوق الاتسان و(د)ممثلة الصليب الأحمر الدولي "
" والآن ماذا يفعل كل هؤلاء الناس الطيبون هنا ومعا وفي هذه اللحظة "
"وقفوا يتساءلون "
هم – أين نحن !
كيف اجتمعنا معا
السنا من يؤدي واجبا مقدسا
ليسود العدل والسلام
في هذا العالم !
"ينتهون من الإنشاد ولكن لايبدو أن لتساؤلهم مجيب "
"يمر شخص بالقرب منهم يتعرف عليه احدهم يركض نحوه ويمسكه ينتبه الآخران إلى الحدث يركضان هما أيضا للامساك به "
احدهم- أنت من جلبنا إلى هنا
نتعرف عليه نحن أيضا فإذا به ملاك الدلالة بملابس مدنيه عاديه وقد اختفت جناحاه
ملاك الدلالة – نعم بناء على طلبكم
ص- قلت لكل واحد منا إن هناك قضيه مستعجلة !
ملاك الدلالة- نعم تخص هذه السيدة
"يلتفتون نحوها كانت المرأة لاتزال تقلب الحجارة وتنادي أبنها "
د- ايها السيد انك فاقد لكل إحساس بالمسؤولية جعلتنا نترك مابايدينا وجئت بنا إلى هذه الصحراء لترينا امراة تطلب من ابنها فأس !
س – فأس لماذا ؟
د- لاأدري ولا اهتم ألا بما يدبره لنا هذا المحتال
ص- جئنا إلى هذا البلد لنصحح أخطاء الماضي ونعلمهم الإشارات لطريق المستقبل لا البحث عن فؤوس !
س – قصرنا سابقا مع هؤلاء الناس
د- وستبذل جهدنا الآن لمساعدة المعتقلين والمسجونين منهم

د – مع حمام يومي ومحام
ص – واكبر عدد من الزيارات
(ثم يرددون معا )
تركناك سابقا ياشعب العراق
أما ألان
فكل سجين رأي أو متهم
له منا
كل الحب والمساعدة
(يتركهم ملاك الدلاله ويتفرقون لأداء الواجب )
"يأتي ملاك صغير آخر يؤدي حركات طفوليه لطيفه وكأته يقلدهم ثم يجلس مع أخوته باسما "(أصوات متنافرة صرخة عاليه يدخل شخص يتحسس نفسه وما حوله يفرك عينيه غير مصدق )
م – أين أنا ؟
"يدخل ملاك الدلالة وقد استعاد شكله الملائكي والجناحين "
م – أنت ياسيد ياملاك ياحبيب !
"يلتفت إليه الملاك "
م- كانت خطوة واحده وادخل الجنة كيف تتحول بوابة الصراط المستقيم إلى صحراء قاحلة
ملاك الدلالة – خلل كوني
"يدخل صاحبنا الغريب القديم الذي جاء به ملاك الدلالة قبل قليل يحاول التصنت
م – ياسيدي اشرح لي قضيت سنواتي الأخيرة حاجا بارا مزكيا كامل الواجبات ما علاقتي بصحراء جرداء وامرأة سوداء
ملاك الدلالة – مرتدية السواد
م - لافرق يبدو عليها الهبل اوكانها خارجه من لوحه سرياليه ها ها وبعصاها التي تنبش بها الأرض كأنها تؤدي دورا في إعلان لشركات التنقيب عن البترول
ملاك الدلاله – أنها تنقب فعلا
م – لاتمزح
ملاك الدلاله – عن ما سيصبح يوما بترول ألا تعلم إن النفط في العراق خاصة في المناطق الوسطى والجنوبية منشأه من كائنات عضويه متراكمة على مر العصور والقصة تطول
م- اختلطت الصورة واهتز الأساس ما الربط بين دخولي الجنة أنا المؤمن التقي والنفط العراقي !
ملاك الدلاله – أحدثك عن الزمكان
( يتدخل ج الغريب مذهولا )
ج – ياسيد إلى أين من هنا ؟
ملاك الدلالة – وعن البعد الرابع
م - ذهبت بعيدا
ملاك الدلالة – حيث هو الحدث الزمان لوح مرسوم في المكان وعصا السيدة تفتح نافذة في المسارات الدودية
م – ياسيدي أنا أحدثك عن الثواب والجنة ونعيم أجر المحسنين وأنت تحدثنا عن نظرية يهودي في النسبية
ملاك الدلالة - وأنتما بعيدان عن اليهود !
ج- نحن عادينا الامبريالية والصهيونية وأنت تعرف خطابنا السياسي
ملاك الدلالة – وملفاتكم الكاملة
(يلتفتان الى بعضهما يلويان عنقاهما يتطلعان إلى السراب البعيد ولسان حالهما يقول من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر )
ملاك الدلالة - ياسادة لدي عمل كثير هناك قبل الفراق سأشرح لكما باختصار الوضع
"هذه السيدة لها أبن مفقود وعندما كتبت ياسيد (ج) حراس البوابة الشرقية كان هو الحارس وعندما ملأت ياسيد (م) مقالاتك جرائد بغداد وعمان متحدثا عن البطولة والبذل كان هو البطل والباذل وعندما اشتريت ياسيد (ج)أول شقة لك على النيل مع انك لم تبع نسخة واحدة من مؤلفك في القاهرة كان هو يتسكع في شوارع بغداد بحثا عن عمل وعندما شيدت لكم ولغيركم العمارات الشاهقة كان هو يبحث عن مأوى له ولزوجته بعيدا عن دار أهله الضيقة هذا في الثمانينات وعندما كنتم تستثمرون دخول الكويت في التسعينات قال هو كفى ثم صمت ذهبوا به إلى الأعماق كائن حي آخر يتحلل ليزيد احتياط هذه الأرض من السواد
(أصبحت المسرحية بالنسبة لهما مملة لاجنة خلد في الآخرة لا نضال سياسي في الدنيا فقط امرأة في صحراء تتقاطع من حولها الأزمنة )

ملاك الدلالة - أذهبا أليها ربما لازال لديها ما تعطيه
(انطلقا جريا ولكن أين هي كل ماحولهم هلامي سراب شفاف زمن مضى لااحد يعطي يوم الحساب فهموا أنهم في التيه )
"نعود الى السيدة العجوز وحفيدتها الباسمة تضحك مع صغار الملائكة والابن يجلس بحال جديد بيده أوراق كثيرة يقلبها ويبحث فيها عن كلمة تعويض فيجد كلمات مثل أدلة مراجعة تعقب
"يدخل السيد(ب)مع المترجم ومعهم فأس "
المترجم - خذي ياسيدتي الفأس يقول السيد (ب) احفري وابحثي ماشئت أما أنا فلا استطيع البقاء أكثر ويوم تجدين ضالتك فقط قولي للذي ترينه من بعدي حان وقت الرحيل





------------------------------------------------------





الشخصيات
n الأم (السيدة العجوز )
n الابن الأصغر
n الطفلة (حفيدة الأم من ابنها الأكبر)
n ج ( كاتب أسطوري عربي )
n م ( صحفي عربي بارع )
n " س. ص . د ( ممثلي منظمات إنسانية )
n مد (ملاك الدلالة )
n السيد (ب ) ممثل دولة عظمى
n مترجم
n ملائكة صغار
n -----------------
n مسرحية رمزية موجزة من فصلين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟