الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأداء التمثيلى ومساحات الدهشة فى عروض نوادى المسرح!!

محمد عبد المنعم

2017 / 9 / 29
الادب والفن



اليوم نتوقف عند نماذج من العروض المسرحية الناضجة التى نبعت من فلسفة نوادى المسرح نتخيرها من بين عروض الدورات الثلاث الأخيرة، لاسيما العروض التى اتسمت بطابعها الطليعى التجريبى، وتميزت ببحثها الفنى الجاد عن كل ماهو جديد ومدهش ومختلف عما هو سائد، ؛ بعيداً عن الاستسهال، والتقليد، والسطحية، والنمطية فى تجربة العرض المسرحى. وقد اعتمدت النماذج المختارة على لغات وأساليب حديثة فى الطرح والمعالجة، ونهلت من مصادر عدة: كالمسرح الموسيقى، والمسرح الحركى، والرقص المسرحى الحديث، والتمثيل الصامت، والمسرح الفقير، ومسرح القسوة، والمسرح الكنسى، والمسرح الاحتفالى، والمسرح الملحمى، والميوزيك هول، وغيرها من الأساليب المغايرة للمسرح التقليدى، سعياً وراء خلق مسرح مختلف، مسرح جديد يثرى حركة مسرح الأقاليم فى مصر، وهذه النوعية من العروض هو مانعنيه بمساحات الدهشة فى تجربة نوادى المسرح.

ومن هذه العروض الناضجة التى تتطابق وفلسفة التجريب والتجديد، نتوقف عند بعض عروض الدورة (24) لعام 2015م على سبيل المثال- لا الحصر- كعرض(زى عصافير الشجر) من تأليف وإخراج محمد مصطفى، والذى شارك به نادى مسرح الشاطبى فى يوم 27/8/2015م، لقد قدمه المخرج بأسلوب المسرح الموسيقى المبهر، معتمداً على الآريا، والريستاتيف، والتآلفات الصوتية الدالة، وتوزيع الأصوات البشرية والموسيقية المتآلفة، خالقاً عرضاً مدهشاً بوساطة لغة الموسيقى والغناء والرقص.

كما نشير إلى عرض (مازال القرد يحلم) الذى قدمه نادى مسرح الأنفوشى يوم 7/9/2015م، تأليف وإخراج إبراهيم حسن، والذى اعتمد فى إثراء العرض على دمج المنصة بالصالة بوعى واقتدار فأمد مقدمة المسرح إلى الصفوف الأولى فى الصالة، ووظف اللغة التشكلية المبهرة؛ حيث الألوان، والأقنعة، والأزياء، والمكياج المبالغ فيه والذى يرتسم على الوجوه ويحدد بعض أجزائها، فضلاً عن تشكيل الأجساد والأصوات وغيره، ومن هذا كله خلق لغته الرئيسة التى تشكلت بوساطتها أركان العرض، والذى تنسم فيه روح مسرح العرائس، وارتشف من رحيق مسرح الأقنعة الإنجليزى فى عصر النهضة، فقدم عرضاً طليعياً غير تقليدى اعتماداً على لغة الفن التشكيلى، ولغة الحركة، جنباً إلى جنب لغة الحوار.

ولا يمكن أن نغفل العرض الختامى المدهش (قصص أمنيات نجيب سرور) الذى قدمه نادى مسرح الأنفوشى فى اليوم الختامى 9/9/2016م، من تأليف أسامة الهوارى، وإخراج أحمد بسيونى، فكان ختامه مسك؛ إذ اعتمد المؤلف على فن المعارضة والتناص الأدبى، ونسج خيوط العمل من مزيج متداخل من رؤى وأفكار وأشعار نجيب سرور، وبعض شخصياته المحلية شديدة المصرية والمدموجة بنبضات الشاعر ومقولته، هذه الشخصيات تتقابل، وتتعارض، وتتصارع، وتختلف حيناً وتتفق حيناً آخر، ففتح بذلك أفق الإبداع أمام المخرج الذى اعتمد على خشبة مسرح عارية إلا من قطع قليلة؛ حيث شكل الفضاء المسرحى من خامات البيئة الشعبية كأطواق الكوتش، والجنازير الحديدية، وتداخلها مع حركة الممثل، وعلاقة الممثل بها فى صنع تكوينات وتشكيلات متعددة الدلالة نابعة من طبيعة الحدث المجسد، فضلاً عن توظيف أزياء تحمل طرزها ملامح واقعنا، وقد اجتمعت هذه الملامح واختلطت معاً لاسيما فى الشخصية النسائية الوحيدة فى العرض، والتى أدتها بمهارة وإتقان الفنانة ريهام عبد الرازق؛ حيث اعتمدت فى أدائها على التحول الديناميكى الدائم بين الشخصيات النسائية المتنوعة، وجمعت فى أدائها ما بينهما من تناقض أو توافق، وعبرت عنه بحساسية مفرطة تنم عن وعى وفهم وتدريب جيد، فكانت المحرك الأساسى للرجل، والباعث الرئيس على الصراع.

مع تحياتى

الدكتور / محمد عبد المنعم
المخرج المسرحى
وأستاذ التمثيل والإخراج بقسم مسرح
كلية الأداب - جامعة الإسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟


.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت




.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني


.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار




.. تعمير - المعماري محمد كامل: يجب انتشار ثقافة البيوت المستدام