الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن النفس

مها أحمد

2006 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


دفاعاً عن النفس
للانتقال من حزب"تجاهل الأعداء" إلى جهة"أعداء التجاهل" لم يكن كافياً الاصطدام بألف جدار وجدار يرتفع عالياً عالياً بحيث لامجال للتمايل عليه أو القفز فوقه.
للكفّ عن المراوغة والعيش حيث يتداخل الخيط الأبيض بالخيط الأسود فلا الليل ليل ولا النهار نهار يجب الاقتناع نهائياً أن لا مجال بعد اليوم للحياد ولا حتى الايجابي منه, فمهام كنت محايداً و"بحالك" وماشي"جنب الحيط" هناك كل لحظة قوى جذب ونبذ ودفع واستقطاب عصيّة على المقاومة أو التجاهل.
ليس بالمكان اليوم إلّا أن ينحاز المرء لنفسه في مواجهة نوايا خبيثة وتوجهات شريرة تعبّر عن نفسها علانية وبوقاحة تستفز أكثرنا بروداً ولا مبالاة حتى يصح القول:"رضينا بالهمّ و الهمّ لم يرضى بنا"....
لم أتعاطا يوماً السياسة بمفهومها التقليدي, ولم أنشغل بها إلّا بقدر ما كانت تضيق أو تتسع لتلامس مبادئي العامة ومشروعي الشخصي جداً,لم أتابع من المراسيم الجمهورية إلّا ما يعنيني مباشرةً, ولم آبه بتغيير الحكومات ولا بالخطط الخمسية إلّا بقدر اهتمامي بما يدور في الكواكب المحيطة التي لا تعرف عنها شيئاً حتى تكون معها أو ضدها.ورغم أن قوانين تلك الحكومات ومؤسساتها مما تحفل به من دهاليز مظلمة ومتاهات معقدة أحبطت تحدياً نوعياً تجرأتُ أن أخوضه يوم أصدرت مجلة مستقلة وطبعاً كانت النتيجة بضع سنوات قضيتها في اللاجدوى ومع ذلك لم أصنّف نفسي لا موالاة ولا معارضة, بقيت صامدة في حيز"اللاانتماء" أو بالأحرى الإخلاص لانتمائي إلى ذاتي الفردية المتقوقعة بين دفّات الكتب والإعجاب بعبقرية شعراء القرن الرابع الهجري والزهو بملاحم مضيئة من كربلاء إلى تل الزعتر, ومع أنني لم أكن جزءاً من هذا كله اكتفيت بالاتكاء على هذا المشروع البديع باعتباره منجز مشترك فكري ثوري وحضاري يعزز ثقتي بأن وقت الجدّ كلنا قادرون على احترام معجزة كمعجزات الحسني والمتنبي ومحمد جمجوم وخليل حاوي.
نعم إنها فكرة خبيثة للاستسلام لوهم أن كل شيء تمام ولا يصح إلا الصحيح وأن هناك دوماً شعراء عظام يتوهجون فنصفق لهم يسحقون عالياً فلا نعود نهتم بالطحالب الأدبية, وهناك أيضاً موسيقى رائعة نحلق معها بعيداً عن ابتذال ماريا ونجلا وهيفا, وشهداء يموتون لأجلنا وشمس تسطع كل يوم لنكرّس أنفسنا جمهوراً عريضاً يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى لا شيء.. ماذا يعني اليوم أن تكون كاتباً مستقلاً أو صحيفة مستقلة أو متلقياً مستقلاً؟
إنه ببساطة أن تكون كاذباً بالمطلق تتستر خلف حياد موهوم واستقلالية زائفة لتغطي موقفاً منحازاً للحياة أو ضدها, أو أن تكون ميتاً كليّاً وبالتالي على نقيض الحياة.
العدو أوقح من أن تتجاهله وأشرس من أن يتركك بحالك ودفاعاً عن النفس يجب أن نخوض معركة الوقوف في وجه أعداء الحياة كل لحظة بكل الأدوات والوسائل الممكنة لم يعد لائقاً أن نعيش في محميات طبيعية معزولة كحيوانات مهددة بالانقراض تطالب الجمعيات المختصة بحماية مورّثاتها النادرة وحقنا في الحماية والرعاية والبقاء, فحرب الإبادة ضد النوع البشري دخلت في طور المواجهة النهائية الكبرى تستخدم فيها النفايات السامة التي كانت تعيش بيننا واعتقدنا أننا يمكن أن نتجاهلها أو نتعايش معها, بعد أن احتملنا طويلاً ذلك الجدل النظري الفكري بين أنصار المقاومة ومناوئيها وضغطنا على أعصابنا كي نبلع بصمت فتوى شيخ الأزهر بأن العمليات الاستشهادية في فلسطين هو انتحار والإسلام يحرّم قتل النفس, وصمتنا بصبر عن الترويج لرسالة هيفا وبوسي سمير الفنية وعبر عشرات القنوات الفضائية"الفنية" التي تفسح في المجال لفيفي عبده على سبيل المثال لتصوغ همان نصائح للمرأة العربية لتحقيق السعادة الزوجية. يا عيني....
لكن لا يمكن أن نتحمل أن يخرج علينا ليلة رأس السنة أبو جمال ليحدثنا عن الإصلاح والديمقراطية ولا أن يكلمنا بوش باسم الرب كل يوم....
وباسم الحياة يجب أن نخوض معركة الدفاع عن النفس وعلى قاعدة الانضمام إلى حزب أعداء التجاهل واللامبالاة والإجابة مباشرة على السؤال: نكون أو لا نكون؟..
مها أحمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح