الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سامي يوسف أو الجهاد عبر الفيديو كليب ..

علي سفر

2006 / 2 / 16
الادب والفن


يخرج الشاب الملتحي الى الشارع اللندني سعيداً وقد أرتدى ثيابه العصرية ليبتسم و يهش و يبش في وجوه كل من يقابلهم و حين يركب الباص و يرى المرأة البريطانية العجوز واقفة يقوم لها و يجلسها مكانه و قد غمرت وجهه السعادة الكاملة .. !! و في تركيا نراه مؤمنا ورعاً تقياً .. و في الهند يصبح الشاب معلماً لتلاميذ فرحين يقوم بتدريسهم في تاج محل و في القاهرة ورغم أنه يعبر الشارع بشكل مخالف و يركض وراء الباص كي يلحقه .. يتحول الشاب و بقدرة قادر الى نحات يصنع منحوتة لاسم " الله " سبحانه و تعالى ...
هذه الصور المتلاحقة ليست قصة قصيرة منشورة في بريد القراء .. و ليست ما سطره طالب ابتدائية في دفتر الإنشاء .!
بل هي السيناريو المصور في فيديو كليب " سبحان الله " للمنشد الإسلامي سامي يوسف الذي تجتاح أغانيه وكليباته كافة فضائيات الأغاني العربية و بالتجاور مع أغنيات نانسي عجرم و هيفا و أليسا و روبي و مروى و غيرهن ..!!
و مع تكرار ظهور هذا المنشد على الفضائيات أشتعلت حمى المنافسة و التقليد بين العديد من المطربين المصريين الذين حاولوا تقليده عبر القيام بإنشاد الأغاني الإسلامية لعلهم يحوزون بعضاً مما حققته كليباته التي طرحت وعبر بوابة عريضة السؤال العميق حول علاقة الإسلام بالفن و بالصورة وبالغناء .. ! فمن مشّرع للأمر من زاوية أن العصر الحديث يتطلب ادوات دعائية حديثة .. إلى معارض له يعتبر أن هذه الكليبات ليست سوى هرطقات تقوم بها التيارات الإسلامية المرتهنة للسلطات المرتبطة بدورها بالتوجه الأمريكي الذي يدعو الى عصرنة الدين الإسلامي و نزع الأنياب الجهادية من تعاليمه ..
و يذكر تاريخ الحركة الإسلامية في العالم العربي و في مصر خاصة - الموطن الأساسي لحركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا- أن أولى الفرق الإسلامية التي حاولت تسريب الوعي الإسلامي عبر الفن كانت قد شكلت على يد أخيه عبد الرحمن البنا الذي أنشأ فرقة مسرحية تحت أسم " مسرح الإخوان المسلمين " حاولت مجاراة الواقع المصري عبر تقديم مسرحية جميل بثينة ..!!
و على الصعيد الغنائي درج في ذلك الوقت النشيد الحماسي " يا معشر الإخوان " الذي أعتبره البعض نشيدا للحركة و الذي تقول بعض كلماته التي كتبها الشيخ حسن الباقوري :
" عن حوضكم حيث الرسول محمد
يا معشر الإخوان لا تترددوا
في دعوة الإسلام عزوا و أسعدوا
نادتكم الفردوس فامضوا نحوها..
و هنا يبدو واضحاً أن محاولة التيار الإسلامي للإستفادة من وسائل العصر الحديث للقيام بالدعوة كانت مرتبطة بسياق تصارعي مع التيارات السياسية الأخرى التي حاولت السيطرة على الشارع المصري و العربي عموماً .. و لعل تنامي استخدام هذه الأدوات كان مرتبطاَ بشكل أساسي بتنامي و تقدم المشروع السياسي الذي تتبناه الحركة ..و هكذا نرى كيف أن تحول التيار الإسلامي صوب الحافة المظلمة لاحقاً و المرتبطة بالوهابية والتيار التكفيري قد غيب أستخدام الفن ليحل عوضاً عنه الخطاب الأصم المبني على النص و ليس على التخيل و الإنشاء الفني ..وصولاً إلى لحظة القطع الأساسية التي عبرت عنها أحداث أيلول و التي وضعت التيار الإسلامي الوسطي أمام اختبار محاولة استعادة الحضور على مستويي الشارع العربي و الاسلامي من جهة والمستوى العالمي المرتبط بالغرب من جهة أخرى ..فإذا كنا قد شهدنا و عبر تاريخ تعاطي الغرب مع الإسلام ظهور أصوات كانت ترى الإسلام من خلال تقاطعاته مع القيم الأخلاقية الغربية كدين سماوي فإن صدى هذه الرؤية كان يمر الى الشارع الغربي عبر ظهور بعض المنشدين الذين كان لأنتقالهم الديني من المسيحية الى الإسلام دور في نشر صورة الإسلام كدين عبر الفن و عبر الغناء تحديداً كيوسف إسلام الذي ذاع صيته في الشارع الغربي بعد أن كان معروفاً في بريطانيا ..
و رغم أن العديد من منبريي التيار الإسلامي كانوا يستخدمون حكاية يوسف إسلام كدلالة على عمق الدين الإسلامي إلا أن صورة هذا المغني ظلت خارج النمط الذي يقبل ان يكون صورة مستنسخة عن التصورات الحضارية لهؤلاء و التي تتيح لهم تسويق الإسلام في الحراك اليومي للإنسان الغربي ...
و في هذا المنحنى برزت تجربة سامي يوسف التي تبدو للعديد من المشاهدين باهتة كما هي صورة الدعاة الإسلاميين الذين تسوقهم الفضائيات العربية و لا عجب حين نرى كيف ترتبط صورة هذا المنشد بصورة عمرو خالد الداعية الإسلامية المتعصرن الذي تجتاح محاضراته القنوات التي تتغذى من عروق الحركات الإسلامية الوهابية و الوسطية ..
و في واقع الأمر لا تشبه صورة المنشد البريطاني الجنسية الآذري الأصل سامي يوسف في جميع كليباته سوى صورة الدمية الإسلامية فلة التي تواجه الباربي الغربية و لكن بزي إسلامي يدفع بها الى واجهة البازار الحضاري الذي تخوضه النخبة الإسلامية " المتنورة " في سبيل إستعادة موطئ قدم حضاري لها بعد أن أزلت عواصف القاعدة التدميرية و رياحها أغلب الماركات و الأيقونات الدالة في عرف من روجوا للصحوة الإسلامية الحضارية منذ أكثر ثلاثة أرباع قرن مضت ..
ففلة التي تصورها إعلاناتها التلفزيونية محجبة و لكن في سياق عصري تقوم بكل الأفعال السلوكية المناسبة لصورة فتاة مسلمة مثالية وحين ترتكز صورة الأنموذج على الأفعال الخارجية دون التمحيص في السياق الأخلاقي العام الذي يبعدنا دائماً عن المثالية الأخلاقية ندرك كم هي ساذجة هذه الصورة التي تجعل من المطابقات السلوكية الخارجية أساساً للدعوة الدينية التي يرغب إليها أن تواجه نخراً واسعاً أحاط بصورة الإسلام بشكل عام في العالم الغربي ...
و في حالة سامي يوسف يصبح التغريب مضاعفاً فالشخصية التي يمثلها هنا تبتعد كثيراً عن واقع حال المسلمين في أغلب المشاهد التي تقدمها كليباته كما في كليب " المعلم " الذي يشكل صورة فاخرة لشاب مترف .. فإذا كان توجه هذا الكليب و غيره مطروحاً لأن يشكل أنموذجاً اخلاقياً و موضوعياً للشباب المسلم فإن المفارقة بين رسالة العمل الفني و بين المتلقي تتسع لتغدو صورة تنتمي الى عوالم شبه غرائبية بعيدة تماماً عن الواقع ( في كليب ابتهال يقف عدد من الشباب الذين يرتدون الملابس الرسمية و بقصات شعر على الموضة بشكل تراصفي غريب في صحن أحد الجوامع ) فهل يصل المراد من هذه الصورة الى المتلقي الذي صنعت لأجله ..؟
قد تبدو الجماهيرية التي قوبلت بها هذه الكليبات إجابة على سؤالنا و لكنها لا تنفي غياب العمق و السذاجة و السطحية التي تتسم بها ..و لعلها لن تكون أكثر من مجرد كليبات ذات مفعول قصير سرعان ما تتلاشى في زحمة الفضائيات ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي