الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة السينما البديلة أو مأزق الكادر السينمائى المتقدم

سيد سعيد

2017 / 9 / 30
الادب والفن




(1)
____
قبل أن نتحدث عن ازمه السينما البديلة علينا أن نحدد مفهومنا لمصطلح الازمه ذاته فهناك ثلاثه طرق لاستخدام مصطلح الازمه
1- المستوى الشائع لمصطلح الازمه ويقصد به موقف غير عادى يتسم بالخروج عن المألوف ويتصاحب مع درجه من التوتر فمثلاً يمكن القول بأن هناك ازمه فى العلاقات الدوليه عندما يصل التوتر بين دولتين أو أكثر يصل إلى مستوى يخرج عما نعتبره نطاقا عاديا فى العلاقات الدوليه
2- مستوى التعبير المنطقى ويقوم على استخدام مصطلح الازمه بمعنى اختلال فى التوازن الذى يحكم السير العادى للأشياء. فمثلا نقول هناك ازمه اقتصاديه نتيجة اختلال فى التوازنات الاقتصاديه
3- الاستخدام التاريخى وهو يعنى بمصطلح الازمه حاله غياب حادة لحاجة اجتماعيه تنشأ عندما يتعارض الوضع القائم مع إشباع هذه الحاجات الماديه أو الروحيه فى وقت تكون فيه القوى الضرورية لإشباع هذه الحاجات غائبة عن الساحه أو غير قادره على بلورة الاعتراض على الوضع القائم وتقديم بديل للوضع القائم وبهذا المعنى يمكن الحديث عن ازمه سياسيه أو ثقافيه
ويمكن القول بأن المستويين الأول والثاني يتضمنان مفهوما للأزمة ذا طبيعه طارئة أو دورية اما المستوى الثالث فهو يتضمن الاشاره إلى أوضاع هيكلية تجعل التكيف أو استعادة التوازن أمرا صعبا ومستعصيا ويتطلب حل الأزمة تغيير الهياكل القائمه وإعادة بناء هياكل جديده
وعندما نتحدث عن ازمه السينما البديلة يتطلب تحديد القطاعات التى تعانى من الازمه.اذ انه يصعب القول أن السينما السائدة تعانى ازمه سواء فى تحقيق اهدافها التجاريه أو الايدلوجيه كما أن المتفرج الذى تعود على تقاليد مشاهده رسختها السينما السائدة عبر تاريخها الطويل لن يشعر بأزمة ويبقى الشعور بالأزمة لدى قطاع من نخبه المثقفين السينمائي والذين يطمحون فى تقديم سينما بديلة مختلفه فكريا وجماليا وهذه الازمه لها شقان
الشق الأول يرتبط بالتناقض الشامل بين الرؤيه الاجتماعيه والجمالية لهذه النخب لدور الإنتاج السينيمائى وتوظيفه فى تنمية الملكات الاجتماعيه والجمالية لجماهير. وبين الهيمنه الكاملة للإنتاج السائد على الصعيدين الجمالى والنفسى للسينما السائدة
أما الشق الثانى والذى يمثل الوجه الاصيل للأزمة فهو مرتبط بعجز هذه النخب عن اختراق حاجز الإنتاج السائد بإنتاج مقابل يعبر عن رؤيتها اى أن الازمه فى جانبها المادى والايدلوجى يمثل أزمة النخب السينمائيه المثقفة وبالتالى فنحن نستخدم تعبير الأزمة بالمستوى الثالث أو الهيكلى

(2)
_____
يمكن إذن تحليل ازمه السينما البديلة وكوادرها إلى جانبين نشير إليهما إشارة سريعه على أن نقوم بتفصيلما بعد ذلك
الجانب الأول هو عجز السينما البديلة عن إيجاد أساس اقتصادى مؤسسى لذاتها يواجه هيمنة إنتاج الرجوازيه الرثه الهابط فى مجال السينما كهيكل اساسى نوعى
أما الجانب الثانى فيرتبط بالعجز الأكثر خطورة عن التواصل مع الجماهير وهو جانب ينشأ عن انصراف الجماهير عن تلقى إنتاج هذه الفئة المثقفة وفشل هذه الاخيره فى التعرف على مزاج الجماهير وابتكار القوالب المناسبه التى تحقق تواصلها مع الجماهير
ويمكن تشخيص حاله السينما السائدة بأن هناك حاله توازن مخرب متبادل بين السينما السائدة وجماهيرها فالجماهير تقبل بحماس على مشاهده الإنتاج السينيمائى السائد وتقيمه على أنه إنتاج هابط ومع ذلك تدفع من مالها لتوفير شروط استمراره إلى الدرجه التى جعلت المعيار المالى حائلا دون تجاوزه من قبل اى إنتاج سينيمائي راق ومن ناحية أخرى فإن ازدهار هذه السينما التجاريه تجاريا وايدلوجيا يؤدى إلى احكام احتكار الإنتاج السينمائي السائد على عقل الجماهير بما يمكن المزيد من تخريبه ،والمشكله فى هذا التوازن التخريبى انه يدعم ذاته تلقائيا أى أنه كلما توسع نفوذ الإنتاج السينمائى السائد كلما تقلصت فرصه تحطيم احتكاره واذداد شعور النخب المثقفة فى مجال السينما بالعجز عن مواجهه الحاجات الجماليه والثقافيه للجماهير
وعادة ما يشير المثقفون السينيمائيون فى مجال تفسير الأوضاع الراهنة للسينما إلى الاحتكار المالى والسياسى والذى يعزل بأحكام الإنتاج السينمائى البديل على أن رأينا فى هذا التفسير مبسط ألى حد يجعل محاوله تجاوز الأزمة أمرا صعبا وكبديل لهذا التفسير هو مايتصل بفشل السينما البديلة فى استناط حلول لازمتها كما سوف نوضح الآن
اول إشكاليات السينما البديلة أو المختلفه هو فشلها فى إضفاء نوع من الهويه يميزها عن السينيمات الأخرى فمعظم الكوادر السينمائيه تلهث وراء التجارب السينيمائيه الأوربية وخاصه لدى رموزها المعروفه تستوحى أو تستنسخ هذه التجارب من الزاويه الجماليه والتقنية ولا تأخذ فى الاعتبار الطبيعة الخاصه للمشكلات الاجتماعية والثقافيه والايكولوجيه والانساق الثقافيه النوعية سواء فى مصر أو العالم العربى إذ من الصعب على السينيمائي المثقف أن يتجاهل الشبكة المعقدة وذات الخصائص النوعية للثقافه المصريه أو العربيه وطبيعة هذه الثقافه مأخوذة ككل وبدلا من ابتكار صيغ جمالية يمكنها تحقيق التواصل مع الجماهير تلهث هذه النخب وراء المهرجانات الدوليه من أجل تحقيق نوعا من الاعتراف بها وهكذا تفشل هذه النخب فى تحقيق الحد المعقول من التواصل الجماهير. وبالتالى تعجز عن إختراق احتكار السينما التجاريه إذ تفرض مهمه التواصل مع الجماهير عددا من المهام الفرعيه وهى خلق منافذ بديلة للمشاهده وأشكال جديده لها وإطار لاستيعاب الواقع المعاش والجمال
وبديهى أن هذه المهمه ليست أمرا سهلا بينما ينظر بعض السينيمائين الى عمليه ترقية الوعى الجمالى للجماهير كما لو كانت عمليه ملأ لرؤوس فارغة بافكار حداثيه ويكتمل هذا الفهم الاعتقاد بأن العمل الجمالى هو عمليه بانعزاليه الانتاج عن التلقى
ويتوقع على نجاح السينمائى المتقدم. فى التواصل مع الجماهير حل جمله من المشكلات الاقتصادية والمؤسسية للسينما البديلة فلو تمكن السينيمائى من إطلاق جدل التلقى الشعبى للعمل الجمالى فسوف ينجح أيضا فى النفاذ من حصار السينما السيدة وسوف يمكنه أيضا من النجاح التجارى الذى هو شرط جوهرى لمواصلة الإنتاج فى بلد راسمالى ومن ناحية أخرى فإن تعلم السينيمائى المتقدم المتبادل مع الجماهير سوف يوفر درجه ملموسه من الحمايه لانتاجه الجمالى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي