الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الشعب الكردي في تقرير المصير ونتائج الاستفتاء

وثاب داود السعدي

2017 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حق الشعب الكردي في تقرير المصير ونتائج الاستفتاء
من حيث الاساس، حق تقرير المصير لأي شعب هو حق شرعي، مكفول من قبل جميع المواثيق الدولية التي تخص هذا الموضوع.
يستند هذا الحق الى مبدا حق كل جماعة بشرية، حين تصل او تشعر بانها تكونت كشعب او كأمة، على بقعة معينة من الارض، ان تحصل على حقوقها القومية بإدارة شؤونها بنفسها. وبغض النظر عن اللغة والتاريخ، فان المشاعر القومية هي العامل الحاسم والشواهد والخبرة العالمية للشعوب تؤكد هذه الحقيقة.
انطلاقا من هذه المبادئ فان موقفنا واضح وجلي في دعم حقوق الشعب الكردي في تقرير مصيره، بما في ذلك حقه في الانفصال وبناء دولته المستقلة واختيار نظام الحكم فيها.
ولكن القوى السياسية الديمقراطية تدعم ايضا واساسا نضال الشعوب من اجل الحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية، وتدعم نضالها ضد التعسف والفساد. وبذلك تدعم بدون تحفظ نضال الشعب الكردي من اجل حقوقه الديمقراطية والمعيشية، وضد الفساد في كردستان العراق.
في ظروف غاية في التعقيد اجرت رئاسة اقليم كردستان استفتاء حول استقلال كردستان. كما اكدت ان هذا الاستفتاء لا يعني في حالة موافقة الشعب الكردي على الاستقلال، تنفيذ ذلك فعلا في الفترة اللاحقة، وانما تثبيت هذا الحق وفتح المجال امام الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك حين تجتمع الشروط المناسبة لذلك.
ولكن هذا التأكيد لم يطمئن احدا بسبب الظروف المحيطة بهذا الاستفتاء والمناطق التي شملها هذا الاستفتاء.
يبدو واضحا ان من بين اهداف رئاسة اقليم كردستان من هذا الاستفتاء، هناك أهداف سياسية مرحلية تسعى لدعم موقف حكومة الاقليم في علاقاتها مع الحكومة المركزية، وتطمح الى حل، او على الاقل تأجيل، مشاكل أساسية داخلية تتعلق برئاسة الاقليم وعمل مجلس النواب الكردي او الحكومة الكردية، او التغطية على فشل الحكومة الكردية في حل المشاكل الاقتصادية لمواطني الاقليم.
من ناحية اخرى تم اختيار موعد الاستفتاء في فترة حرجة للغاية، ودون أي اعداد جدي يذكر. في خضم الحرب على الارهاب وضرورة تحشيد جميع الامكانيات للقضاء النهائي عليه. من ناحية اخرى تضرب الازمة الاقتصادية اطنابها، وتعجز الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان عن مواجهة التدهور الاقتصادي وما نتج عن ذلك من انهيار مداخيل العاملين في الدولة، بما فيها الاقليم (عدا كبار الموظفين الذين يتمتعون بحماية الاحزاب المهيمنة، لقاء الخدمات التي يقدمونها لهذه الاحزاب)، وكذلك العاملين في القطاع الخاص وتفشي البطالة والامية والفقر.
هذا الخيار يشكل منعطفا اساسيا وبالغ الاهمية في حياة الشعب الكردي في العراق والشعب العراقي عموما. وإذا كنا ندعم بدون شك حق الشعب الكردي في ممارسة حقه في تقرير المصير، فان تحقيق هذا الخيار يحتاج الى اعداد واسع وعمق، وتفاهم مع باقي الاطراف لتفادي نتائج لا تنسجم مع مصلحة الشعب الكردي والشعب العراقي ككل او مع الهدف المرجو من الاستفتاء، والشواهد التاريخية تعطينا الامثلة اللازمة.
عدم تقدير الظروف الموضوعية والتاريخية التي يمر بها العراق وفرض الاستفتاء في مناطق خارج حدود الإقليم تسمى (بالمناطق المتنازع عليها) والذي بدا كعدوان واجراء قسري من وجهة نظر جزء من سكان هذه المناطق، بما فيها كركوك، ناهيك عن غالبية المواطنين العراقيين خارج اقليم كردستان، ادى الى انحراف الحوار من تبادل وجهات نظر حول حق الشعب الكردي في تقرير مصيره ام لا، الى صراع حول شعور عام بالغبن والعدوان من قبل القيادة الكردية.
من ناحية اخرى فتح الاستفتاء الباب على مصراعيه امام القوى العنصرية والمتخلفة لشن حملات من الحقد العنصري والطائفي ضد الكرد (او ضد العرب)، وسمح لأحزاب النهب باسم الدين بتصدر الحملة المزعومة للدفاع عن وحدة العراق، وكأن ابطال هذه الحملة لم يكونوا المسؤولين الوحيدين او الرئيسيين لتسليم الموصل وثلث العراق لعصابات داعش الاجرامية.
وضمن حملات التصعيد والدعوة الى اللجوء الى القوة واشعال الحرب نستمع الى تصريح من المالكي يصف الدولة الكردية القادمة بانها اسرائيل جديدة، وهو الذي لم يرفع إصبعا ضد العدوان الاسرائيلي ضد لبنان في 2006، والذي انتهى بانتصار حزب الله الذي اعاد بعض كرامة العرب. وقد نسي انه مسؤول كبير في الدولة العراقية ليس من حقه اهانة ابناء شعبه. ومن الواضح انه يجهل التاريخ لأنه لا يدري بان اسرائيل اقيمت من قبل مهاجرين جاؤوا من مختلف أصقاع الارض وقتلوا وطردوا ابناء الشعب الفلسطيني، السكان الاصليين لفلسطين. بينما الكرد يعيشون على ارضهم منذ مئات السنين.
في ضوء ما تقدم ما هي الحلول الممكنة. الاستفتاء حصل ولا يعني شيئا المطالبة بإلغاء نتائجه. وحتى وان اعتبرته الحكومة المركزية مجرد استطلاع رأي فان ذلك لا يغير شيئا من حقيقة الامر.
الحكومة السابقة هي المسؤولة عن تسليم المناطق المتنازع عليها الى داعش او الى حكومة الاقليم بما في ذلك كركوك. ولم تقم حكومة الاقليم باي عمل عدواني للاستيلاء على هذه المناطق. ولكن شروط سيادة الدولة تقتضي ان تعود هذه المناطق تحت سيطرة الحكومة المركزية لأنها تقع خارج حدود الاقليم. وعلى حكومة الاقليم تقديم الاقتراحات العملية لحل هذه المسألة سلميا وعمليا لأنها هي مفتاح الحل. حقوق جميع سكان هذه المناطق يجب ان تصان وان يزال أي أثر للتعسف. وحينها يجري حل هذه المشاكل وفقا للقانون والدستور.
من الناحية الاخرى فان حل المشاكل العالقة بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم يجب ان تتم ضمن شعور عال بالمسؤولية وجهد دائب للتوصل الى حلول ناجعة، مما كانت تفتقد اليه العلاقات في المرحلة الماضية.
رغم كل هذه التحفظات والملاحظات فان موقفنا ثابت لا يتغير. ندعم خيار الشعب الكردي في تقرير مصيره، على ارضه. وندعم في ذات الوقت نضال الشعب الكردي من اجل حقوقه السياسية والاجتماعية ونضاله ضد الفساد ومظاهر التسلط والانفراد بالسلطة، ضمن الإقليم، او على مستوى العراق بالتضامن مع القوى الديمقراطية المعارضة للمحاصصة ولنظام نهب المال العام المهيمن حاليا. كما ندعو الى رفض جميع المشاريع المشبوهة الداعية الى الحرب واستخدام العنف، خصوصا من قبل الحكومة المركزية، ونحث حكومة الإقليم الى اعادة الأمور الى نصابها بإعادة المناطق التي هي خارج الإقليم الى سلطة الحكومة المركزية وفقا للقانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و