الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أصبح العراق محمیة دولیة لإیران وترکیا؟

جبار قادر

2017 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


یملأ الفرح قلوب أعداد کبیرة من الفاشیین القومیین والدینیین في العراق العربي بتحول دولتهم الفاشلة الی محمیة تتحکم فیها إیران وترکیا وبمبارکة أمیرکیة. لقد أعماهم الحقد القومي والمذهبي علی الکرد من رؤیة الحقائق التي ستصدمهم في المستقبل القریب. لقد أثبت حکام بغداد بأنهم شر خلف لشر سلف. إستسلامهم الکامل لولایة الفقیە وجمهوریة الإعدامات لا یستحق التوقف عندە، لأن تفاصلیە المقرفة أصبحت معروفة لدی القاصي والداني. الجدید في الأمر هو الخنوع الکامل لإرادة السلطان العثماني الجدید. لم یعد إحتلال قواتە لبعشیقة وغیرها من المناطق موضع حدیث عند حکومة المنطقة الخضراء وکذلك مجلس الهرج والمرج في بغداد. لقد عملها قبلهم المقبور صدام حسین، عندما تنازل عن مناطق واسعة من الأراضي والمیاە العراقیة لشاە إیران کثمن بخس لخنق الحرکة الکردیة. لم ینهي ذلك بالطبع الحرکة الکردیة التي سرعان ما عادت من جدید لتتحول الی کابوس للنظام البعثي. إنتهز صدام فرصة وصول الملالي الی الحکم في إیران لیعید شیئا من ماء وجهە، الأمر الذي أدی الی نشوب حرب عبثیة دامت ثمان سنوات وأحرقت الأخضر والیابس. الأنکی من ذلک أن تفکیرە المریض دفعە للبحث عن مخرج من المأزق الذي وضع الناس فیە، فإذا بە یحتل الکویت، وبقیة القصة المأساویة معروفة. وکان قد عقد قبل ذلك إتفاقیات أمنیة مع ترکیا خلال الأعوام ١٩٧٨ – ١٩٨٢ لملاحقة قوات الأنصار الکردیة، التي سمحت للقوات الترکیة بالتوغل داخل الأراضي العراقیة الی عمق ٣٠ کم. الأمر الذي لا یعرفە الکثیرون أن حکومات حزب الدعوة الحاکم کانت قد دخلت في مفاوضات مع ترکیا لإعادة الحیاة الی هذە الإتفاقیات قبل سنوات، أي قبل أن یکون هناك أي حدیث عن الإستفتاء.
تاریخ إستقواء الحکومات العراقیة المتعاقبة بدول الجوار ضد من تسمیهم ب "جزء من الشعب العراقي" بعمر هذە الدولة. وهذا التاریخ ملئ بالإتفاقیات والمعاهدات الثنائیة والثلاثیة منذ أول إتفاقیة في عام ١٩٢٦ وحتی الآن. ففي هذە الإتفاقیة وفي مادتها السادسة هناك نص صریح یتعلق بتعاون الطرفین ضد الحرکات الکردیة. کما أن الإتفاقیات التي جرت بعد ذلك مع إیران تضمنت نفس المواقف. ولم تخلو معاهدة سعد اباد (١٩٣٧) ولا میثاق حلف بغداد من هذە الروحیة المعادیة للحرکة التحرریة الکردیة.
خطت حکومات العهد الجمهوري و"الإستقلال الوطني!!!" خطوات أبعد من ذلک، فنظام البعث الدموي إستقدم في عام ١٩٦٣ قوات سوریة لقمع الحرکة الکردیة، ولکنها سرعان ما هزمت شر هزیمة من قبل قوات الپیشمرگة وهربت الی بلادها تجر أذیال الخیبة. وفي نفس الوقت کان البعث ینسق مع ترکیا وإیران في إطار حلف السنتو للقیام بما سمي حینها بعملیة "دجلة" ضد الحرکة الکردیة، وإستقدمت ضباط إرتباط إیرانیون واتراک الی مقر الفرقة الثانیة في کرکوك، وکانوا یخططون معا للقیام بعـملیات مشترکة ضد قوات الپیشمرگة، ولکن العملیة فشلت بسبب التهدید السوڤیتی.
من المؤکد أن السلطان أردوغان إطلع علی تفاصیل تلك العلمیة، لذلک یحاول إستحضار روحها وإضافة کلمة درع الیها لیسمیها بعملیة"درع دجلة" التي یهدد بها الکرد من "مواطني!!" دولة العبادي الطائفیة.
لقد إستمرت سیاسة الإستقواء بالدول المجاورة ضد الکرد طیلة العقود السابقة ولم یتخلی عنها صدام حتی بعد هزیمتە النکراء في حرب تحریر الکویت. المثیر للسخریة أن دول الجوار هذە کانت تعقد إجتماعات دوریة في التسعینات للتنسیق فیما بینها بشأن هذە المحمیة حتی بدون حضورها في أکثر الأحوال. عندما تقدم هذە المحمیة کل هذە التنازلات للدول الأجنبیة وتحیک کل هذە المؤمرات معها بهدف واحد فقط وهو عدم الإعتراف بالحقوق المشروعة لشعب کوردستان، کیف یمکن لها أن تتوقع بأن أفراد هذا الشعب یفتخرون بالإنتماء الیها ویرغبون البقاء فیها.
سیأتي الیوم الذي سیعض هؤلاء الساسة الفاشلون أصابعهم بسبب إستقوائهم بترکیا وإیران. وسیکتشف العراقیون في المستقبل القریب أن حکومتهم الفاشلة رهنت إرادتهم لدی هذە الدول وسیدفعون ثمنا باهضا للتخلص من آثارها، إذ أن الأتراک یناقشون هذە الأیام بحماس کبیر المادة الخامسة من إتفاقیة ١٩٢٦ التي إعترفوا بموجبها بإلحاق ولایة الموصل بالعراق، ویؤکدون بأن تعبیر عدم تغییر الحدود الوارد فیها، علما أن الحدود الترکیة لن تتغیر بإستقلال کوردستان، بأن ذلك یعني العودة الی ماقبل الإتفاقیة، أي إعادة ترکیا لإحتلال ولایة الموصل. لقد دعا العدید من السیاسیین الترکمان وفي مقدمتهم رئیس الجبهة الترکمانیة، وهو عضو في مجلس الهرج والمرج العراقي وأدی الیمین الدستوری للمحافظة علی وحدة العراق، دعا ترکیا الی التدخل وإعادة إحتلال ولایة الموصل وخاصة کرکوك. یختلق مع دعوتە هذە مختلف الأکاذیب عن تعرض الترکمان الی التهدید ویطالب ترکیا بالقیام بواجباتها القومیة إزاء من یسمیهم بأتراک العراق.
یستنبط المرء من سیاسات الأوساط الحاکمة في بغداد وتصریحات أبرز رموزهم بأن إتکاءهم علی مبدأ الإستقواء بالأجنبي ومعرفتهم بالنوایا الشریرة لکل من إیران وترکیا ضد شعب کوردستان، هو الذي یشجعهم دوما علی إنکار الحقوق المشروعة لشعب کوردستان والنکوص من جمیع إلتزاماتهم إزاء هذا الشعب علی مدی قرن کامل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية