الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة من التراث للصغار- الاخوة المغامرون

السيد نجم

2017 / 10 / 2
الادب والفن


قصة من التراث للصغار-الإخوة المغامرون

تجمع الإخوة الثمانية، إعتلوا الهضبة المُطلة على بحر الأسرار (مياه المحيط). لم يشغلهم لون المياه الزرقاء، وهى تبرق تحت أشعة الشمس الدافئة.. ولم يتابعوا تلك الأسماك الضخمة والدرافيل والحيتان التي تبدو كما الفراشات، ثم تعود وتختفي.
إنشغلوا فى الإجابة على السؤال؛ ماذا وراء مياه المحيط؟!
إلى أين يمكن أن تذهب بهم تلك الأمواج.. ماذا لو نفذوا فكرتهم في المغامرة، وإعتلاء الأمواج العاتية؟
زاد الحوار، غلبتهم الأسئلة، ووضح للجميع أنهم فى حاجة إلى معلومات ومعدات ولا تنقصهم الإرادة. شرد أحدهم قائلا:
"ماذا تتوقعون فيما وراء مياه بحر الظلمات (المحيط).. بحر الأسرار هذا؟"
فرد آخر:
"لو كنا نعرف، لماذا جئنا إلى هنا.. لا داع للثرثرة، هيا إلى العمل"
عاد وقال أكبرهم سنا:
"معك الحق، لكن حتى نبدأ، يجب أن ندرس بعقلنا وبخيالنا كل الإحتمالات، حتى نستعد لها"
فقال أولهم: "ربما نحتاج ﺇلى مزيد من الطعام والشراب"
وقال الثاني: "ويلزم أن نًشيد قارباً آخر، أكبر حجماً"
بينما قال ثالثهم: "يلزم أن نتسلح بكل أنواع الأسلحة"
إذا برابعهم يقول:
"أنا معترض، معنى أننا سوف نتأخر، ولن نستفيد من الرياح الموسمية"
فقال الأخ الأكبر:
"أخيراً وجدت القرار المناسب.. أن نبدأ فى العمل بهمة ونشاط. عندما ننتهي من التجهيز، وتوفير الطعام والشرب والأسلحة، سوف يكون قرارنا الذى نراه مناسبا.. لنبدأ فوراً"
*****

كان المشهد مثيراً، حدث أن خرج كل سكان المدينة (برشلونة) لوداعهم، وهم يحذرونهم من أسنان الحوت الأزرق الذي يبتلع القوارب بقضمة واحدة.. ومن عروس البحر التي قد تغرر بأحدهم وتسحبه ﺇلى أعماق المحيط!

أما عمدة المدينة، وكبار رجال المدينة، لم يتركوا موقع تجمعهم على اليابسة، إلا بعد أن ﺇعتلى الأشقاء الثمانية القارب الضخم.. وظلوا يلوحون لهم بالتحية، حتى أصبح القارب فى حجم ذبابة وسط مياه بحر الأسرار والظلمات.. حتى أنهم أطلقوا عليه لقب "بحر النسيان".
المركب الكبير المدجج بالسلاح، والممتلئ بالطعام والشراب يبحر ليل نهار، حتى أحاطتهم الأمواج.. مياه ولا أكثر من مياه.
قد تبدو هادئة حيناً، وفى أغلب الأحيان تبدو هائجة ومضطربة، بينما المغامرون منشغلون فى مهام تخص كل منهم، ينفذوها فى صمت تام.
ومضت عشرة أيام، طويلة وثقيلة ومملة، ما يصنعونه فى الصباح، يصنعونه فى المساء.. حتى كان مساء اليوم العاشر.. وقف كبيرهم وصاح:
"لقد مضت عشرة أيام، وما أعلمه من خبرة الأجداد، أنهم فى كل مرة يحاولون فيها ركوب بحرنا هذا، تصادفهم منطقة غليظة الأمواج، أمواج عالية وعنيفة.. وأظن أننا شرفنا على دخول تلك المنطقة الخطيرة.. إستعدوا للخطر القريب"
فنظروا إلى بعضهم البعض، وإلى السماء المكسوة باللآليء الفضية، من نجوم تبرق لامعة وغامضة.
لم تمض سوى سويعات قليلة، حتى شعروا أن المركب التي ظنوا أنها كبيرة، تبدو كريشه تحملها الريح. وسط الأمواج وبين الصخور، فصاح كبيرهم:
"أصبروا يا أيها الإخوة، يجب أن نحتمل كل المشاق متوقعة"
فقال أحدهم فى نفسه:
"توقعنا المشقة والصعاب، لكننا لم نتوقع الموت!"
وقبل أن يفرغوا من أعمالهم، تفرغوا للتوسل إلى الله، يدعونه ويسألونه اللطف والرحمة.. يرددون:
"أستر يارب.."
"خرجنا من أجل العلم، ولا نطمع في مال.."
"إننا نطبق دعوة الرسول(صلع).."أطلبوا العلم ولو فى الصين"
وبعد فترة مضت، عاد وصاح كبيرهم:
"الحمد لله، أبشروا، لقد رأيت أرضاً هناك.. رأيت اليابسة"
نجح الثمانية معاً فى توجيه المركب صوب اليابسة.. كلما إقتربوا أكثر منها، بان لهم الزرع والنخيل وحيوانات تعدو.. يا لها من بُشرى، نجحت الرحلة إذن.
تبادلوا التهنئة..
أخيراً بلغوا أرض جزيرة، كلها نباتات ألوانها جميلة، وبلا بشر يرعون تلك الكائنات الجميلة؟!

أكثر ما لفت إنتباههم، كانت تلك الماعز التي في كل مكان..؟
فقال أحدهم:
"الظاهر أننا على أرض جزيرة الماعز!"
بعدها التف الجميع حول الماعز التي يشوونها، وفي سعادة يغنون..
قال أحدهم: "سوف أتناول واحدة كاملة منها وحدى"
وقال آخر: "وأنا مثلك"
وضحكوا طويلا..
وما هي إلا دقائق قليلة، حتى تململ الرجال الثمانية، يلفظون ما تناولوه..
قال أحدهم: "إنها مرة المذاق جداً.."
يعقب آخر: "يبدو أنها سامة، هل معنا الترياق"
كبيرهم يهدئ من روعهم ويقول:
"لا أظن أنها سامة، يبدو أنها تتناول نباتات مُرة، فأصبح لحمها هكذا مراً"
فعقب أحدهم:
"يا لحظنا العاثر.. لنرحل فوراً"
*******

فجأة، بان لهم ما لم يتوقعونه.. سكان الجزيرة يحملون الحراب، ويلتفون حولهم، وهم يغنون بكلمات للغة لا يعرفونها، وبالطبول التي لها معنى الإستعداد للحرب!
فقال كبيرهم:
"يبدو أننا سنعيش ورطة جديدة"
تكفلت الرماح بكل شيء، أشار بها سكان الجزيرة وهم بملابسهم الغريبة المصنوعة من الريش. يدفعون الشباب الثمانية إلى الكوخ السجن المظلم!
ولأن السجن (الكوخ) مُظلم، لم يشعر أحدهم كم مضى من الوقت.. يشعرون أنها النهاية، فلما سمعوا صوت باب الكوخ المصنوع من أخشاب أشجار النخيل، نطقوا الشهادتين، وقالوا لبعضهم البعض: "إنها النهاية".
سمعوا صوت القادم يتحدث باللغة العربية:
"أنا أجيد اللغة العربية، مولانا الملك يريد أن يعرف سبب هجومكم على جزيرتنا"
إستمع القادم من كبيرهم كل المعلومات والتفاصيل عن الرحلة، فإبتسم وطلب منهم الخروج معه، حتى تتم مقابلة ملك الجزيرة.

وأمام الملك مبتسماُ يصدر أوامره، بينما المترجم يخبرهم بقراره:
"مولانا الملك يقدر محاولتكم فى اﻹجابة على السؤال: ماذا وراء بحر الظلمات؟
وهو يرحب بكم، ويطلب منكم البقاء في الجزيرة إن رغبتكم"
فعقب كبيرهم بسرعة وبفرح:
"أرجو أن تشكر ملك الجزيرة، وأخبره أننا نرغب في معاودة الإبحار، لمعاودة البحث عن إجابة مناسبة على سؤالنا التى لم نعثر عليها"
فحرص الملك على وداعهم بنفسه، مقدراً فيهم شجاعتهم، ومغامراتهم، حتى يعرف الناس بعضهم البعض فى هذا العالم الفسيح.
********

(تذكر كتب الرحلات، أن هؤلاء الشبان وقد أطلقوا علي رحلتهم "رحلة المغررين" وصلوا إلى جزر الكناريا في المحيط، ولعلهم أول من ﺇقترب من ﺇتشاف الأمريكتين قبل "كرستوفر كلومبس" البرتغالى)
...........................

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية