الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية الحصانة البرلمانية....

سعد عزت السعدي

2017 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ترد بين الحين والأخر طلبات الى مجلس النواب العراقي من مجلس القضاء العراقي تطلب فيها رفع الحصانة عن بعض النواب وذلك للاشتباه في قضايا جنائية او دعم وتمويل الارهاب او غير ذلك من الجرائم , ويذكر ان منصب عضو مجلس النواب له حصانة برلمانية تسمح له بممارسة بعض الامور دون استطاعة الجهاز التنفيذي محاسبته .
وحيث تعرف الحصانة على انها عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد أي من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد إذن المجلس التابع له ولهذا يطلق عليها الحصانة ضد الإجراءات الجنائية.
والحصانة البرلمانية سواء أكانت موضوعية تمثل استثناء من القانون العام اقتضته ضرورة جعل السلطة التشريعية بمنأى عن اعتداءات السلطات الأخرى وهي إن كانت في الظاهر تخل بمبدأ المساواة بين الأفراد إلا أن عدم المساواة هنا لم يقرر لمصلحة النائب بل لمصلحة سلطة الأمة ولحفظ كيان التمثيل النيابي وصيانة ضد أي اعتداء.
ولكن ليس معنى ذلك أن يصبح أعضاء البرلمان بهذه الحصانة فوق القانون لا حسيب عليهم ولا رقيب فالحصانة ليست طليقة من كل قيد أو حد فهي عندما تقررت إنما كان ذلك لهدف محدد وواضح لا يجوز تجاوزه أو الخروج عليه وإلا تعرض عضو البرلمان للمسؤولية كاملة.
ثم بدأ مصطلح حصانة يظهر بعد ذلك في بعض المواثيق الدستورية كضمانة هامة وأساسية لحماية استقلال أعضاء البرلمان أثناء مباشرة عملهم النيابي وإن كانت هذه المواثيق لم تشر صراحة إلى مصطلح حصانة برلمانية وإنما تضمنت فقط مضمون أو جوهر هذا المصطلح وذلك بالنص على إعفاء أعضاء البرلمان من المسئولية السياسية عما يصدر منهم من أقوال وأفكار أثناء أداء أعمالهم البرلمانية ، وإعفائهم من مواجهة بعض الإجراءات الجنائية التي تؤثر على استمرارية العمل ، وقد تضمنت الدساتير الحديثة نصوصا تكفل منح أعضاء البرلمان بعض الضمانات حتى يتمكنوا من مباشرة عملهم النيابي ، ومن هذه الضمانات عدم مسئولية العضو عما يبدي من أفكار وآراء أثناء مباشرة الوظيفة النيابية وهي ما تعرف بالحصانة ضد المسؤولية البرلمانية.
والحصانة ضد المسؤولية البرلمانية لا تشمل أقوال العضو داخل البرلمان فقط بل تشمل أقواله داخل اللجان وتقاريره التي يكتسبها ، وكذلك أقواله التي يبديها خارج المجلس بمناسبة قيامه بعمل برلماني.
لذلك تمثل الحصانة ضد المسئولية البرلمانية ضمانة حقيقية تهدف إلى منح عضو البرلمان الثقة التي تمكنه من أن يقول كل ما من شأنه إثراء العمل البرلماني وإعلاء الفكر الديمقراطي ومن ثم أعلى قدر من الطمأنينة على وضعه ومستقبله ، فلو حوسب عضو البرلمان كما يحاسب الشخص العادي على تصرفاته وأحاديثه وأفكاره لكان ذلك إرهاقاً كبيراً ولآثر السكوت والصمت.
ولو أننا حاسبناه على جرائم السب والقذف وجعلناه يوما يمثل أمام محكمة الجنح وفي اليوم التالي أمام محكمة الجنايات فإنه لن يستطيع القيام بواجبات وظيفته على الوجه الأكمل.
ان الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية " امتياز دستوري مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم سواء كانوا منتخبين أم معينين يتيح لهم أثناء قيامهم بواجباتهم البرلمانية حرية الرأي والتعبير دون أي مسؤولية جنائية أو مدنية تترتب على ذلك ” فالحصانة على هذا النحو تعد بحق مبدأ من أقدس المبادئ الدستورية.
كما تقدم من أهم الضمانات التي كفلتها الدساتير لأعضاء البرلمان أيضا عدم جواز اتخاذ أي إجراء جنائي ضد أي منهم في غير حالة التلبس بالجريمة إلا بإذن مسبق من المجلس النيابي الذي يتبعه.
وكما هو واضح ليس الهدف من هذه الحصانة حماية الأعضاء من نتائج الجرائم التي يرتكبونها ، وإنما فقط أخذ موافقة المجلس على اتخاذ الإجراءات القانونية قبل الشروع فيها فهذه الحصانة تستهدف إفساح المجال أمام العضو حتى يؤدي وظيفته النيابية دون خوف أو وجل ، فالقبض على العضو قد يحول بينه وبين المشاركة في إحدى جلسات المجلس الهامة
والحصانة البرلمانية على هذا النحو يقصد بها أنها ضمانة دستورية بعدم اتخاذ أي من الإجراءات الجنائية في غير حالة التلبس بالجرائم ضد أعضاء البرلمان أثناء انعقاده بغير إذن من المجلس التابع له ذلك العضو ولذلك فقد استثنيت من نطاق أعمال تلك الضمانة حالة التلبس بالجريمة حيث تتوافر مع هذه الحالة جدية الإجراءات بما لا يكون معه ثمة حاجة إلى اشتراط أخذ إذن المجلس أو رئيسه. حيث ورد في المادة (63) من الدستور العراقي عن الحصانة البرلمانية .
الحصانة البرلمانية سواء في ذلك الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية أم الحصانة ضد الإجراءات الجنائية ليست في حقيقة الأمر امتيازاً شخصياً لعضو البرلمان وإنما هي مقررة في جميع الأحوال لصالح البرلمان الممثل الحقيقي للشعب ضمانا لاستقلاله في عمله وحماية لأعضائه .
ويثور التساؤل عما إذا كان إقرار مثل هذه الحصانة دستوريا يعني أن الأعمال أو الأفعال التي يقترفها عضو البرلمان والتي يحظرها قانون العقوبات تصبح أعمالا أو أفعالا مشروعه ؟
الحصانة البرلمانية ضد الإجراءات الجنائية مستبعدة من هذا التساؤل ، لأن الهدف منهما إرجاء اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد العضو حتى يتم الإذن بها من قبل المجلس التابع له . إذ يصبح هذا العضو بعد صدور ذلك الإذن شخصاً عادياً يخضع لكافة أحكام التشريع الجنائي فيما اقترفه من فعل أو عمل.
فالحصانة ليس لها علاقة بالفعل أو العمل المقترف وإنما فقط بالإجراءات الجنائية الواجب اتخاذها في مثل هذه الحالة ، أو بمعنى أدق بوقت اتخاذ هذه الإجراءات ، فالحصانة التي نحن بصددها لا تخرج نائباً عن سلطة القانون ولا تؤدي إلى حفظ الدعوى بالنسبة إليه ولا ترمي إلى براءته فكل ما في الأمر أنها تعمل على تأجيل النظر في الدعوى ضده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ