الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول قانون الأحزاب في سوريا

بدر الدين شنن

2006 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيراً كشفت الخطوات العملية التي يقوم بها النظام السوري بصدد إصدار قانون للأحزاب في سوريا . صدرت التوجهات العليا " للفرقة الحزبية البعثية " في مجلس الشعب لإعداد صيغة تشريعية لهذا القانون . قامت الفرقة الحزبية بهذه المهمة ، ورفعت ما توصلت إليه إلى القيادة القطرية للحزب ، التي رأت كما يبدو نشر هذه الوثيقة باسم الفرقة الحزبية المذكورة بدلاً من نشره باسمها هي ، لإعطائه صفة ثنائية ( برلمانية - حزبية ) ، ولتنأى بنفسها عن الانتقادات وربما أكثر من الانتقادات ، التي قد توجه للصيغة المطروحة ، ولتعطي نفسها حرية المناورة لاحقاً ، حول هذا الموضوع ، الذي تتوجس منه أنه سيفتح ملفات أخرى تتجاوز بالتعقيد والأهمية ملف قانون الأحزاب ، لاتريد ، في الوقت الراهن على الأقل ، فتحها . بمعنى آخر ، لمحاولة حصر النقاش في مسألة الأحزاب في مستوى يسمح لها باللعب في مساحات تحددها هي وصولاً إلى ما تريد
وقد تزامن تقريباً ، مع صدور صيغة فرقة حزب البعث في مجلس الشعب لقانون الأحزاب ، صدور صيغة أخرى عن " الأمناء العامين للجبهة الوطنية التقدمية " تتضمن اختلافاً مميزاً في التفاصيل ، لكنها متقيدة بالمرجعيات " البعثية " الملزمة في صيغة الفرقة الحزبية لترخيص الأحزاب ، مع إضافة إنتهازية بامتياز تؤكد اعتبار أحزاب " الجبهة الوطنية التقدمية " أحزاب مؤسسة بحكم عضويتها بالجبهة لاتحتاج إلى تطبيق إجراءات تأسيسية جديدة . والجدير ذكره في هذا الصدد ، أن صيغة " الأمناء العامين " تأتي على سبيل الرجاء بحفظ حقوق التبعية المزمنة للنظام في المرحلة المقبلة ، أما هي بحد ذاتها كصيغة قانون فهي أقل وزناً بكثير من وزن صيغة الفرقة الحزبية للبعث في مجلس الشعب ما يرشحها للحزف من مجال النقاش
وقد أوقع هذا الأسلوب في طرح مشروع قانون الأحزاب النظام في ورطة ، إذ لم يعد غياب قانون للأحزاب وحده إحدى تجليات الاستبداد والأزمة السياسية المستفحلة في البلاد ، وإنما غدا أسلوب التعاطي مع استحقاق إصدار قانون للأحزاب تجل إضافي لهذه الأزمة . إذ أن قانون الأحزاب المطلوب وطنياً ، لتنظيم وجود وحركة الأحزاب المعبرة عن مصالح وأهداف الطبقات والفئات الاجتماعية المتعددة ، يتناقض تماماً مع بنية النظام الاستبدادية ومع دستور الحزب الحاكم ، الذي يحتكر قيادة الدولة والمجتمع .. و أية صيغة توفيقية بين تملك " الحزب القائد " قيادة الدولة والمجتمع وبين وجود أحزاب بالمعنى السياسي للكلمة ، هي صيغة سخيفة وفاشلة

ولهذا ظهر مشروع الفرقة الحزبية في مجلس الشعب بائساً ومتناقضاً من حيث البناء في مضمونه وتعيساً وفاشلاً من حيث الغاية في توظيفه .. إذ لم يحمل جديداً في التنظيم والسياسة .. ولاشكل آلية مجدية لإعادة هيكلة النظام . فالمشروع إذا ا ستثنينا التفاصيل الإجرائية ، هو قانون إلحاق كل الفعاليات السياسية التي ستحصل بموجبه على الترخيص بحزب البعث الحاكم . بل ويضعها في مستوى أدنى من القوى المنضمة إلى " الجهة الوطنية التقدمية " . فحسب هذا المشروع فإن المرجعيات التي على الأحزاب الالتزام بها هي " دستور حزب البعث العربي الاشتراكي " و " الدستور الدائم " الذي يسيطر بموجبه حزب البعث على الدولة والمجتمع ، و " قرارات الهيئة العليا لشؤون الأحزاب " ، ولاتعدو أدوارها وسقف حراكها مستوى " المشاركة في مسؤوليات الحكم " أي المشاركة فقط دون الحق في تداول السلطة ، تحت قيادة " الحزب القائد " .. والحفاظ على مبادئ " ثورة " 8 آذار 1963

ومن الجدير بالذكر ، أن المشروع قد ا ستثنى فئتين من المواطنين من حق تأسيس الأحزاب ، الأولى ، أولئك المحرومون من الحقوق السياسية والمدنية ، أي معظم النشطاء السياسيين المعارضين ، والثانية ، أولئك الذين يتمتعون بجنسية أخرى ، أي معظم المنفيين قسراً أو طوعاً . أي حذف معظم السياسيين المعارضين من الساحة السياسية

وعليه ، فإن أي طرح وأي نقاش لقانون أحزاب في سوريا هو مرتبط بالضرورة بطرح بنية نظام الاستبداد للمناقشة ... ويطرح عدة تساؤلات مشروعة
كيف يستقيم وجود أحزاب ديمقراطية تعبر عن فعل حرية مع دستور يحتكر بموجبه حزب محدد قيادة الدولة والمجتمع ؟
كيف يستقيم فعل الحرية مع حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية والعسكرية ؟
كيف يستقيم أي حراك سياسي ديمقراطي مع قانون أحزاب يلحق هذه الأحزاب د ستورياً وقانونياً وأمنياً ب " الحزب القائد " ومفاهيمه ؟
كيف يستقيم النقاش حول قانون للأحزاب لممارسة الحرية ومازال في السجون معتقلون وهناك ملاحقون ومنفييون ؟

وفي ضوء ذلك ، فإن طرح أي مشروع جاد لقانون الأحزاب يستدعي أن يسبقه إلغاء المادة ( 8 ) من الدستور ، وإلغاء القانون ( 49 ) لعام 1982 ، وإلغاء الأحكام العرفية ، وتحجيم حالة الطوارئ بمتطلبات حماية الوطن من المخاطر الخارجية والكوارث الطبيعية والبيئية ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين ، كي يستقيم الحوار الديمقراطي لإيجاد قانون أحزاب ديمقراطي
قبل فتح معركة قانون الأحزاب ، كان يمكن الاجتهاد في مركب معادلة الصراع مع الاستبداد ضمن إطار داخل / خارج .. فهل بعد فتحها قد اقتصر الإطار ضمن داخل / داخل .. أي أن موازين القوى .. تحديداً .. هي التي تأتي بالخواتم الناجحة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا