الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فقهاء الأزهر
صالح بوزان
2017 / 10 / 5مواضيع وابحاث سياسية
هناك مشكلة انسانية مع الكهنوت الإسلامي وكهنوت كل الأديان عامة. المشكلة تكمن أن رجال الكهنوت جعلوا من أنفسهم مترجمين لله. فلا أحد من البشر يفهم لغة الله غير هؤلاء الكهنة. ولا يمكن أن تكون لك علاقة مباشرة مع الله إلا من خلالهم. أنشأ هؤلاء عبر التاريخ تراثاً بديلاً عن تلك الكتب التي تسمى بالكتب السماوية. وللتمعن أكثر فيما كتبوا وما يقولون تجد أنهم يستخدمون الله للتحكم بالبشر. فمهمتهم لا تختزل في الدين، وإنما يرسمون للبشر حياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، ويحددون لهم مصيرهم بدل الله. يدعمون وجهات نظرهم هذه بانتقاءات من تلك الكتب السماوية، وإذا كانت هذه الكتب لا تلبي كل نزعاتهم عندئذ يلتجؤون إلى ما يسمونه "الفتاوى". فالفتوى من حيث الجوهر هو ما لم يقله الله صراحة في كتبه. إنه بديل عن كلام الله. إنهم يريدون القول لو أن هذه المشكلة طُرحت على الله لأجاب كما يجاوبون هم في فتاويهم؟ إنه تشريع آخر يريده هؤلاء الكهنة بما لم يشرعه الله.
يقول بيان الأزهر حول استفتاء كردستان "ما تم من إجراء استفتاء على الانفصال كان محل رفض دولي وعربي على وجه الخصوص". مصطلح "دولي" يعني هنا الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا. أما مصطلح " عربي" حاف يعني رؤية قومية وليست اسلامية. وهكذا لم يستطع رجال الأزهر أن يدعموا موقفهم المعادي لإرادة الشعب الكردي استناداً إلى القرآن، فالتجوا إلى المواقف الدولية وإلى القومية العربية العفلقية. يتابع الأزهر أن هذه الدعوات(يقصدون دعوة استقلال كردستان) تؤدي إلى زيادة فرقة الأمة العربية والإسلامية بما يحقق المخططات الاستعمارية بتقسيم دولها على أسس طائفية وعرقية. وهكذا نجد شيوخ الأزهر قوميون عرب أولاً. لكنهم يحرمون الكرد أن يكونوا أكراداً أولاً. يقولون أن وراء هذا الاستفتاء مخططات استعمارية بتقسيم دول المنطقة على اسس طائفية وعرقية. ومصطلح " الاستعمار" هنا يعني الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا. فكيف استقر عندهم المنطق بأن يطلبوا من الكرد أن لا يعلنوا الاستقلال لأن هذه الدول الاستعمارية رافضة لاستقلالهم، وفي الوقت نفسه يقولون أن وراء هذا الاستقلال الدول الاستعمارية؟
يقولون أن الاستقلال يحقق المخططات الاستعمارية بتقسيم دولها على أسس طائفية وعرقية. لا أعتقد أن هؤلاء الشيوخ لم يقرؤوا تاريخ الاسلام، ولا سيما أن هذا اختصاصهم. أتساءل هل الدول الاستعمارية والصهيونية والامبريالية هي التي قسّمت الاسلام إلى مذاهب وطوائف تتحارب فيما بينها منذ عشرات القرون وحتى الآن؟ هل هرتزل الصهيوني خلق المذهب السني والشيعي والطوائف الأخرى كالإسماعيلية والدرزية والعلوية..الخ؟ أم أن فقهاء الاسلام على شاكلة شيوخ الأزهر هم وراء هذا الانقسام ومازالوا يغذونه وليس تلك الدول المتهمة. وهل هذه الدول هي التي خلقت الأعراق وحقوقها؟ يبدو أن شيوخ الأزهر يضعون كلامهم فوق كلام الله. ألم يقل الله بصريح العبارة في كتابه إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا؟ أليس هذا القول هو إعلان صريح عن حق الأمم في تقرير مصيرها حسب مصطلحاتنا المعاصرة؟
يقول شيوخ الأزهر في بيانهم أن العراق: "..كان دائما نموذجا للتعايش السلمي بين مختلف المذاهب والعرقيات حتى مجيء الاحتلال البغيض الذي عمل على إثارة النعرات الطائفية والعرقية". أليس هذا المحتل البغيض هو الذي يستند إليه الأزهر برفضه للاستفتاء؟ ألم يكن العراق في عهد صدام طائفياً؟ أليس هو الآن طائفي بامتياز؟. أليس امتزاج طائفية عراق صدام حسين مع طائفية عراق المالكي والعبادي هو سبب كل الحروب القذرة في العراق منذ عام 2003. أية إساءة لله نفسه عندما يجعل شيوخ الأزهر الإله شريكاً في تحليلهم هذا؟
يتأسف شيوخ الأزهر في بيانهم ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي "من رفع أعلام الكيان الصهيوني ومشاركته في احتفالات الانفصال، وهو ما يؤكد الحقيقة الثابتة بأن هناك أياد خفية أصبحت تلعب على المكشوف وراء هذا المشروع الانفصالي". وهكذا اختزل شيوخ الأزهر كل علمهم الديني في علم رفعه شاب بدافع ذاتي. لكن شيوخ الأزهر لا يتجرؤون على دعوة رئيسهم لقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل ولا يتجرؤون اصدار بيان شبيه لبيانهم هذا ضد اللقاء الحميمي مؤخراً بين رئيسهم سيسي ونتنياهو في الأمم المتحدة. ألا يرون من نوافذ الأزهر الشريف كيف يخفق علم اسرائيل في سماء عاصمتهم بحرية، ويصمتون عن ذلك. أليس الساكت عن الحق هو شيطان أخرس؟
شيوخ الأزهر لا يعرفون حقيقة ما دعت إليه كل الديانات التوحيدية. وهي أن الانسان لا يمكن أن يكون عبداً سوى لربه. وعندما تقوم جهة بشرية باستعباده فعندئذ لا يفكر بالله ولا بتعاليمه.، وإنما يفكر فقط كيف يتحرر من هذه العبودية. حين يقبل الانسان العبودية لله والعبودية لجهة بشرية معاً فهو في الحقيقة يشرك بالله حكماً. الكرد اليوم يقعون في عبودية للبشر. وبالتالي لديهم همٌ واحد وهو كيفية التحرر من هذه العبودية. كيف يمكن ألا يغضب بيان الأزهر الشعب الكردي وهو بيان صادر من فقهاء يشرعون العبودية له. من يشرع للعبودية البشرية لا يمكن اعتباره مؤمناً ولو قرأ الشهادتين وصلى وصام وحج عدة مرات. فالإيمان الذي يقف ضد حرية الإنسان هو إيمان باطل ولا علاقة للرب بهذا الإيمان. هؤلاء الفقهاء في الأزهر يتجاهلون عن دراية قول نبيهم " وأما الظلم الذي یغفره الله تعالى، فظلم العباد فیما بینهم وبین ربهم ، واما الظلم الذي لا یتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى یدین بعضهم".
من يقرأ تاريخ البشرية سيجد أن العبيد وقفوا دائماً ضد فقهاء الدين. بل كانوا يكرهونهم ويكرهون معابدهم. لأنهم كانوا المشرعون للعبودية، وجعلوا الديانة ايدولوجية لصالح الطغاة ضد العبيد. لا يمكن للعبد أن ينظر إلى الله بأنه أسمى من حريته. لأن العبد والحيوان متشابهان. فكما أن الله لا يطلب من الحيوان اتباع تعليماته وتعليمات أنبيائه ورجال الدين كافة، فكذلك لا يمكن أن يطلب ذلك من العبد. حين يتوجه الرب إلى البشر فيخاطب عقولهم الحرة، والعبد لا يملك عقلاً حراً. ولذلك سيرد الكرد على بيان شيوخ الأزهر الحرية أولاً وبعد ذلك سنتحاور في الاسلام معكم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لقطة تُظهر بايدن يغفو خلال قمة في أنغولا
.. صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية
.. مراسل الجزيرة يرصد الموقف التركي من التطورات الجارية في سوري
.. انفجار صندوق كهربائي بسيدة مرت أمامه في منطقة كوماس البيروفي
.. هل تحكم حلب هيئة انتقالية؟.. الجولاني يكشف خطته في سوريا