الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة القومية الشوفينية في مواجهة الشعوب

دلشاد مراد
كاتب وصحفي

2017 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تبرز مسألة الاستفتاءات الجارية في بعض البلدان، كما في استفتاء إقليم جنوب كردستان، وإقليم كاتالونيا ومناطق أخرى، أزمة الدولة القومية الشوفينية التي تعد الواجهة الأيديولوجية لنظام الحداثة الرأسمالية.
إن الدولة بحد ذاتها أُنشئت بغية السيطرة على طاقات المجتمع ولجمها وتسخيرها لصالح الطبقات الحاكمة المهيمنة والتي تأخذ أشكالاً وأصنافاً متعددة «سلالات إقطاعية، شركات إمبريالية، أحزاب قوموية عنصرية.. الخ». وبما أن الأمر يتعلق بمساعي تلك الطبقات المهيمنة على لجم المجتمع، فإنه سيؤدي بالتأكيد إلى ظهور مشاكل وأزمات وقضايا مجتمعية كثيرة.
تزداد قوة الحداثة الرأسمالية وتأثيرها كلما قويت شوكةُ الطبقات الحاكمة في مساعيها تلك، وهذا لن يتحقق إلا في إطار كيان اصطناعي اسمه «الدولة» زرعتها الحداثة الرأسمالية في أذهان الطبقات المهيمنة، والتي بدورها تقوم بالدعاية لهذا الكيان في أوساط المجتمع على أنها الحل الموعود لقضاياهم القومية وتحقيق أمانيهم.
استطاعت الحداثة الرأسمالية في أعقاب الحربين العالميتين «الأولى والثانية» استغلال الظلم الذي تعرضت له شعوب الشرق الأوسط على يد الدولة العثمانية، وأقنعت بعض السلالات العربية على تشكيل دول قومية وإمارات عشائرية، وهيأت لهذا الأمر طبقة من المثقفين العرب كان معظمهم درسوا في مدارس غربية مشبوهة، كانت المهمة التي أُنيطت بهم بعد تخرجهم الدعوة إلى القومية العربية، وبناء الدولة العربية الصافية، ولعل ظهور حزب البعث العربي الاشتراكي على يد العنصري ميشيل عفلق وآخرين كان من أبرز نتاج تلك الذهنية، وقد عاث هذا الحزب الذي سيطر عليه في مراحله الأخيرة أشخاص في غاية العنصرية والإجرام من أمثال صدام حسين فساداً وطبقت سياسة التمييز العنصري والإبادة الجماعية بحق شعب كردستان في كل من العراق وسوريا «مجزرة حلبجة، حملات الأنفال، حظر اللغة الأم، تجريد الجنسية،…إلخ».
وفي نظرة على الدول القومية المتشكلة في الشرق الأوسط، سنلاحظ كماً هائلاً من الأزمات والقضايا المجتمعية في تلك الدول، حيث وصل حنق الشعوب والمجتمعات ضد النظم والطبقات الحاكمة والمهيمنة في تلك الدول إلى درجة الغليان والثورة والانتفاض، فسوريا كما نعايش مشهدها اليومي لم تصل إلى هذا الحال إلا بسبب بنية النظام الشوفيني الذي يحكمها، وكذلك الحال في العراق وإيران وتركيا، والذي لولا كيان «الدولة» لما استطاع العنصريون وتلك الطبقات من الاستحواذ على مقاليد الأمور في تلك البلدان.
إن الشوفينية، صفة لازمة لكيان الدولة، لأن الأخيرة بطابعها استغلالي للمجتمع وهو نظام طبقي يعتمد على مبدأ الاستعلاء والعنصرية، ولهذا نرى مثلاً دكتاتور أنقرة رجب طيب أردوغان يقول في تصريح له مؤخراً: «الكرد لا يعرفون إدارة أنفسهم، سنقوم بتجويعهم، ولنر ما سيفعلون».
صحيح أن استفتاء جنوب كردستان كان بغرض الاستقلال عن الدولة العراقية وهو حق مشروع في كل الشرائع بسبب الذهنية القوموية والاستعلائية للحكام العراقيين تجاه شعب كردستان، إلا إن القائمين على مشروع الاستقلال عليهم أن يكونوا على حذر وعدم تكرار تجارب الدول القومية الفاشلة في المنطقة، لأن ذلك سيزيد من الأزمات الاجتماعية في كردستان مع مرور الأيام، وعندها قد تتفجر الأوضاع هناك في لحظة تاريخية ما. والأمر الصحيح أن يترك المجتمعات تدير ذاتها، إذ أن ذلك سيقلل من الأزمات المجتمعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع