الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألْ التعريف والمُعرّفُ بالإضافة

كمال عبود

2017 / 10 / 7
الادب والفن



1917
لم يرجع الطفل عيّاش ذلك اليوم إلى منزله ، بحثوا عنه منذ الظهيره ، وحين حلّ المساء ازداد قلق الأهل ، توزّع الباحثون عن الطفل ذي الثماني سنوات لدى الجيران وعلى الطرقات وفوق الأسطح وعادوا خائبين ، وقُبيل منتصف الليل سمع البعض خشخشةً في اغصان شجرة التوت الكبيرة ثمَّ شاهدوا جسد الطفل عيّاش وقد تكوّم على الأرض الذي وقف يرتجفُ خوفاً وتعباً ٠
ارتفعت اصوات وهمهمات وتهديد بالعقوبة الشديده ، وحين هدأت النفوس اعترف عيّاش أنه كان يودّ النوم فوق شجرة التوت وانه أراد الأختباء أياماً كثيره كي لا يذهب إلى ( المكتب - المدرسه-) حيث المعلّم ،مصطفى الذي أوجعه ضرباً لأنه لم يحفظ درس اللغه العربيه ولا يعرف الفرق بين (ألْ ) الشمسيّه و( ألْ ) القمريّه ٠
-----

عوقِب الطفل ، ضَربهُ الأبُ وفي الصباح أخذه الى المدرسه حيث الشيخ مصطفى :
يا شيخ ،هذا عيّاش ،كان هارباً من البيت خوفاً من درس اللغه ،خذه واسلخ جلدهُ عن عظمه، عجيبٌ أمره ..؟ قال إنّه يعرف ( أل )التعريف ولكن ألْ الاخرى لا يعرفها ..
قال المعلّم : قلت لهُ مراراً : ألْ الشمسيّه لا تُلفظ ،وألْ القمريّه نلفظها تعال يا ولد : اعطني مثالاً عن ألْ القمريّ وعن أل الشمسيّه
لم يُجب عيّاشٌ فقال المُعلّم : حسناً أعطني كلمه فيها أل التعريف ،
قال عيّاش بثقةٍ : الحمار
قال الأب : اعطنا جمله ..؟
قال عيّاش .: الاستاذ الحمار ،..
قهقهَ الطلاب وانهالت يدُ الوالد ضرباً على وجه عيّاش . ومنذ ذلك اليوم أصبح اسم عيّاش ( ألْ التعريف )
------

أصدر الحاج مصطفى قراره : على عيّاش أن يّضاعف( خميسيّته) - وهي ما يأتي بها كل طالب يوم الخميس من كل اسبوع من بيض ٍوبرغلٍ و( شلفون )* وشنكليش وفاكهةً وغير ذلك أجرةً للمعلّم الذي يجمع غلٌته الأسبوعيّه ويرجع بها إلى المدينة ويعود يوم السبتِ أو الاحد من الأسبوع الذي يلي ، وعيّاشٌ يرضخ للأمر ويأتي مستمعاً فقط كي يحفظ غيباً - جزء ( عمَّ وتباركَ ) من القرآن الكريم كما يرغب والد عيّاش ،..
------

شبّ الفتى عياش على وجودٍ مختلفٍ فوق هضبة القرية الصغيرة ،كانت فرنسا قد دخلت البلاد وبدأ ( الدرك )* يبنون مخفراً جميلاً لهم ،ولهذا اغتاظ المراهق عياشاً وبدأ مع أترابه المراهقين يرمون الذين يبنون المخفر والدرك بالحجارة ،بصورة دائمه ،مما ازعج عناصر الدرك ولم يفلح التهديد في ثني المراهقين وابعادهم ، حتى أحضروا عياشاً وهو اكبر الفتيان وأعطوه عملاً دائماً وأجراً مع بعض المراهقين
كان عياشاً أنشط الفتيان ، وأكثر تحملاً للعمل بقي مع الدرك سنوات يطعم خيولهم الجميله ويأتي الى الجنود بالماء من النبع القريب وينظف المخفر والساحة التي تحيطه ويراقب متحسّراً بين حياة الدرك واسرهم وحياة الأسر في قريته الفقيرة والبائسة وثمّةَ غصّة تكبر ، وجرحاً يؤلم لحال القرية الذي ينهشها البؤس،،
عيّاش تعلّم الفرنسيه وصاريعلّم بعض الشباب اللغة لفظاً دون الكتابه وأصبح اسمه - الاستاذ أل التعريف
تزوّج العيّاش وانجب أولاداً ، .. ابنه البكر -جابر، تعلّم الفرنسية لفظاً وكتابةً وصار يقرأ كتباً كثيرةً حمراء اللون ويسهر مع مجموعات من الشباب ليالي طويله ويسافر الى أماكن بعيده ، ويأتي بقطعتين او ثلاثه من السلاح يُخفيها في مكانٍ ما ، وعيّاش يثق بابنه الذي صارحه يوماً :
اننا نقوم بالواجب نحضرّ انفسنا للثوره وطرد هؤلاء وأشار الى المخفر
مضت ثلاث سنوات بعدها اندلعت ثورة الاستقلال واستمرت إلى ان جاء اليوم الذي استشهد به ابن الاستاذ عياشاً بطلاً من ابطال التحرير
------

1967
-----
ابن جابر( عيّاش الصغير - كما كان يُلقّب - حفيد الاستاذ عيّاش ، اسشتهد ايضاً في حرب حزيران على الجبهة العسكريه ، كان مُثقّفاً كأبيه ،شجاعاً ،غيوراً ، أبلى بلاءً عظيماً ضد َّ اعداء الوطن .في تشييع الشهيد تقدّمَ الاستاذ (ألْ التعريف ) والذي صار شيخاً هرماً ،وبارك الشهيد المُسجّى والمُغطّ بعلم الوطن :
ابارك لك الشهادة يا عيّاش، واقول لكم : كان اسمي مسبوقاً ب- أل التعريف - والآن افتخر أمامكم بأنَّ اسمي هو المُعرّف -ليس بألْ التعريف - وانما المُعرّف بالاضافه ، فأنا والد شهيدٍ وجدُّ الشهيد ، أنا المُعرّف بالإضافه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??