الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا

خالد الصلعي

2017 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا
*****************************
لم تكن اذن زيارة سلمان ملك السعودية لروسيا الفيديرالية ، زيارة مجاملة ، كما يصنع مع الولايات المتحدة الأمريكية ، او زيارة استجمام ، كما كان يفعل باسبانيا وفرنسا والمغرب . بل كانت زيادرة الأمر الواقع . الرجل مدفوع الى هذه الزيارة ، وموسكو تدرك جيدا مكانة المملكة السعودية ووظائفها القديمة .
فما لايعرفه الكثيرون أن الاتحاد السوفياتي كان أول من اعترف بسلطنة نجد ، قبل غزوها باقي المناطق . وقد بذل كريك حكيموف ، الملقب بالباشا الأحمر ، جهودا كبيرة لتوثيق العلاقات الديبلوماسية بين المملكة الناشئة والاتحاد السوفياتي منذ سنة 1926 . غير أن الصراعات الديبلوماسية والسياسية ، سنعصف بهذه العلاقة الناشئة ، خاصة بعد اخطاء كبيرة ارتكبها ستالين في مرحلة التطهير الستالينية التي اودت بحياة حكيموف ، كما ان السياسة في عرف الروس علم ودروس . وأهم ما استخلصه الروس في هزائمهم التارخية مع الولايات الماحدة الأمريكية هو القراءة المتأنية وانتهز الفرص المناسبة
تاريخيا ، كانت أول زيارة رسمية لمسؤول سعودي الى الاتحاد السوفياتي سنة 1932 ، مما يعكس مستوى العلاقة بين البلدين ، لكن سوء استقبال الأمير فيصل بن عبد العزيز ، جعل آل سعود يشعرون ببعض التذمر الذي ستغديه الصرعات الجيوسياسية بين بريطانيا والاتحاد السوفياتي ، ثم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي بعد ذلك. وتوالت زيارات أمراء سعوديين الى الاتحاد السوفياتي ، سنوات ، 62 ،82 ، 87 ،90 ، من القرن الماضي ، وسنوات 2003 و2006 . وتبقى زيارة بوتين للرياض سنة 2007 الزيارة الأكثر أهمية في أجندة الزيارات بين الطرفين . قبل أن تتواتر زيارات وزير الخارجية الروسي لافاروف الى الرياض على هامش اوضاع المنطقة المتعددة ، وزيارات الأمير محمد بنسلمان القريبة.
وتأتي زيارة حاكم المملكة السعودية لروسيا هذه ، في ظل علاقات دولية معقدة ومضطربة ، وفي ظل خناق سياسي ومالي فرضته ادراة ترامب على المملكة السعودية . وانجرافها وراء مخططات خاسرة مائة في المائة ، تعتبر كل تداعياتها ونتائجها وبالا على المملكة السعودية التي أصبحت تمثل وجه الشر المفضوح عالميا ، وان كانت لا تطبق الا أجندات أمريكية وصهيونية .
وبعد صعود نجم روسيا ، وتحولها خلال سنوات قليلة الى لاعب دولي مركزي ، وخاصة في الشرق الأوسط ، مع قيادة هادئة ومتزنة للقيصر بوتين ، وديبلوماسية مرنة وحكيمة لسيرغي لافاروف ، وقوة عسكرية جد متطورة ، واستراتيجيات دولية متناسقة ، وعلاقات جيواتسراتيجية قوية ، لا توظف منطق الكوبوي الأمريكي . لم يبق لملك السعودية الا ان ينتعل صندله ويركب طائرته ويحج موسكو ، لعله يستفيد من بعض العطف والحدب الروسيين .
لم يبق خافيا اذن ، ان تزايد النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط أصبح ظاهرة ملحوظة ، خاصة وأن روسيا في الأيام الأخيرة بدأت تكيل التهم مباشرة الى الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الارهاب ، وبالأدلة الدامغة ، عبر صور القمر الاصطناعي . وفي الجهة الأخرى فان روسيا حليف استراتيجي لأهم قوة اقليمية تبسط يدها على المنطقة بأيادي ناعمة ، وهي ايران . بالاضافة الى استمالتها قوة اقليمية أخرى ، هي تركيا ، هذا البلد الحربائي الذي يصعب جدا ضبط توجهاته وتحولاته السياسية .
أما المملكة السعودية فقد انخرطت في حروب لم تستفد منها شيئا ، بل على العكس من ذلك خسرت الكثير ، سمعتها الدولية وثرواتها الوطنية ، ناهيك عن فقدانها لقرارها السيادي ، وانجرارها المكشوف وراء العدو الأول للأمة العربية والاسلامية "اسرائيل " . وبعد دخولها في صراع مباشر مع دويلة قطر مع حلفاء آخرين ، وهو صراع صبياني ، لا باب له ولا نافذة ، وخسرانها لرهان هذا الصراع أمام دويلة تمتلك من الخبراء المشبعين بتقنيات طرح قضاياهم على مختلف الجهات . وجدت المملكة السعودية نفسها وسط عواصف لا قبل لها بمواجهتها .خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تهددها بقانون جاستا ، وهو قانون لو تم تطبيقه وتحويل مستحقات عائلات ضحايا هجوم 2001 على "توين سنطر " فان مدخرات آل سعود لن تكفي لسداد مبالغها الخيالية ، خاصة وأن القرار بيد قضاة أمريكيين ، وهم خاضعون لنظام سياسي جد معقد يسيطر عليه كبار تجار الأسلحة .
وسط هذه الدوامة وهذه التقلبات في العلاقات الدولية والتحولات الجيوستراتيجية ، لم يبق للفارس السعودي الا ان ينزل عن صهوته ، ويطرق باب روسيا ، التي رفضت عرض وزير الخارجية عادل الجبير بمنح حصة لروسيا في منطقة الشرق الأوسط ، كما نقلت ذلك جريدة "بوليتيكو" الامريكية . مقابل التخلي عن الاسد ، وذلك سنة 2016 . وهي الصفقة التي رفضها الكريملين جملة وتفصيلا .
ليضطر ولي العهد محمد بنسلمان للقيام برحلات مكوكية نحو موسكو ، بلغت ثلاث رحلات خلال سنة واحدة . الى أن توجت بهذه الزيارة التاريخية لأول ملك سعودي يزور موسكو . مرفقا بوفد هام من كبار الشخصيات السعودية ورجال الأعمال ، مع تدشين أسبوع ثقافي سعودي بموسكو .
آل سعود وجدوا أنفسهم مدفوعين الى فتح الأبواب جميعها أمام روسيا القوية ، امام القوة العالمية القادمة ، لكن بشكل توازني وليس برؤية احادية محتكرة للشأن العام الدولي كما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية صنعه ، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وهو ما تاتى لها بعد ما يقرب من نصف قرن .فهل تستطيع اللعب في هذا الملعب الجديد الذي دخلته ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام