الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد مقولة-الحزب الاشتراكي الكبير

الحسين لعنايت

2006 / 2 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في العدد 63 لجريدة "الأسبوعية الجديدة" الصادر في 9 فبراير 2006 والمتضمن لملف حول "الحزب الاشتراكي الكبير"، أدلى الرفيق الحسين لعنايت (عضو الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي) بالتصريح الآتي :
نشكر "الأسبوعية الجديدة" التي أعطت لنا فرصة لإبداء وجهة نظرنا حول ما تتداول فيه الصحافة، خلال السنوات الأخيرة في المجال السياسي، بخصوص "الحزب الاشتراكي الكبير".
بداية نعتبر أن تسمية "الاشتراكي الكبير" يكتنفها غموض كثير، بحيث أن كلمة "الاشتراكي" يجب أن يوضح مضمونها للمناضلين وللمهتمين، بحيث لا يستطيع المتتبع أن يتعرف إن هي تدل على التسمية فقط أم أنها توحي إلى المضمون الإيديولوجي لكلمة "الاشتراكي".
كما أن كلمة "الكبير" من المفروض أن ندقق في معناها، أهي تدل على وضع كل الأحزاب التي تحمل تسمية "الاشتراكي" تحت سقف واحد، أم أن كلمة "الكبير" تعني حزب اشتراكي- والاشتراكي هنا بمفهومه الماركسي- منغرس وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
في وجهة نظرنا، هنالك ثلاث مفاهيم مطروحة في الساحة السياسية المغربية حول مفهوم "وحدة الاشتراكيين":

أولا: مفهوم "الحزب الاشتراكي الكبير" بمنظور محمد الساسي، العضو السابق بحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، تم "جمعية الوفاء للديمقراطية" وبعدها "الحزب الاشتراكي الموحد" الذي انبثق عن الاندماج بين "الوفاء" و"اليسار الاشتراكي الموحد" الذي بدوره تأسس كنتيجة للاندماج على شكل "تيارات" بين "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" لمحمد بنسعيد آيت إيدر و"الديمقراطيين المستقلين" لمحمد مجاهد و"الحركة من أجل الديمقراطية" لعمر الزايدي و"الفعاليات اليسارية" لأحمد حرزني. فالطرح الذي يتبناه الساسي ويدافع عنه بكل صدق يتأسس على "الحزب بتيارات"، لكن هذا المنظور يظهر أنه يفتقد إلى مرجعية مدققة ولو على مستوى مفهوم "الديمقراطية" فما بالك بمفهوم "الاشتراكية". بحيث نلاحظ أن "حزب اليسار الاشتراكي الموحد" الذي اندمجت معه جمعية الوفاء للديمقراطية يتكون من تيارات متناقضة التوجهات على مستوى متطلبات المرحلة فما بالك على مستوى شعارات الاستراتيجية الاشتراكية التي لم تكن واضحة في أدبيات الحزب المذكور.
فعدم إعطاء أهمية لتدقيق المرجعية في طرح "محمد الساسي" جعله يندمج في حزب يتواجد به تيارين يعتبران "أن المغرب قطع أشواطا في الانتقال الديمقراطي" وتيار آخر يعتبر أن شروط الانتقال ما زالت غير متوفرة، هذه التناقضات الصارخة بين التيارات داخل الحزب الواحد، في تحديد طبيعة المرحلة تؤدي بالضرورة إلى تناقضات، يصعب حلها، على مستوى التكتيك السياسي وعلى مستوى التحالفات والأولويات البرنامجية... والنتيجة الحتمية لذلك، كما شاهدنا، هو إعلان "أصحاب الانتقال الديمقراطي" داخل "اليسار الاشتراكي الموحد" عدم التحاقهم ب"الحزب الاشتراكي الموحد" المؤسس حديثا، وبذلك يبقى مفهوم "الحزب الاشتراكي الكبير" المبني على تيارات تتناقض طروحاتها على مستوى "مهام المرحلة" وعلى مستوى "الشعارات الاستراتيجية" مفهوما فضفاضا ومشروعا متعثرا.
ثانيا: مفهوم "الحزب الاشتراكي الكبير" بمنظور "محمد اليازغي"، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ينطلق من فرضية أن هنالك حزب اشتراكي كبير وهو "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، فما على الراغبين في "وحدة الاشتراكيين" إلا الالتحاق به، أسوة بالحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، متغاضيا الطرف على انسحاب "عبد الكريم بنعتيق" بهدف تأسيس ما يسميه بالحزب "العمالي" مباشرة بعد إعلان الالتحاق من طرف "عيسى الورديغي". هذا المنظور، الذي ينطلق منه محمد اليازغي، مثالي وذاتي، مبني على فرضية أن الاتحاد الاشتراكي ما يزال قطب الرحى بالنسبة لليسار بالمغرب، وأن التصدعات الحقيقية التي عرفها حزبه، من جراء تأسيس "الوفاء للديمقراطية" و"المؤتمر الوطني الاتحادي"، لم تمليها الظروف الموضوعية التي كان من اللازم الوقوف عندها، بل هي فقط انشقاقات هامشية صادرة عن نزوات بعد الأشخاص. كما سيعتبر هذا المنظور "الذاتي" أن تحييد العديد من المناضلين المنشطين لحياة الحزب، واستبدالهم بآخرين تجتذبهم مكانة بعض أعضاء الحزب في الدوائر الحكومية أكثر مما يستهويهم النشاط السياسي داخل "الاتحاد الاشتراكي"، هو بمثابة تحصين للحزب وتقويته داخل الطبقات الوسطى وتنقيته من المغامرين والشعبويين المعرقلين لتنفيذ برامج الحزب وخططه.
كما أن طرح "محمد اليازغي" ينطلق من يقينية سياسية تستند على فرضية خاطئة تنطلق من كون المغرب الآن في مرحلة "إنهاء انتقاله الديمقراطي" لعب فيها حزبه دورا أساسيا. لكن، يتضح أن البرامج الحكومية مستوحاة كلها من وصفات الليبرالية المتوحشة ولا علاقة لها ولو بالمنظور الديمقراطي-الاجتماعي، هذا ما يشكل خطرا حقيقيا على الإتحاد الاشتراكي. واليقينية المفرطة لمحمد اليازغي في هذا الباب ستعصف بالحزب "الاشتراكي الكبير"، الذي يتزعمه، لتجعل منه حزبا يتناقص تأثيره كلما اقتربنا من انتخابات 2007.
ثالثا: "وحدة الاشتراكيين" في أدبيات تيار "النهج الديمقراطي". نحن لا نتحدث عن "الحزب الاشتراكي الكبير" بل عن بناء "التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين"، وللوصول إلى هذا الهدف نتحدث عن وحدة "الاشتراكيين الحقيقيين" وهم المتشبعين بالمفهوم الماركسي للاشتراكية والمنخرطين في النضالات الجماهيرية للطبقة العاملة وعموم الكادحين. والتنظيم السياسي في هذا المنظور ليس بمفهوم الحزب الطليعي بحيث نتحدث كذلك عن بناء الأدوات (التنظيمات) الذاتية المستقلة للجماهير، غير أن "النهج الديمقراطي" لا تحركه الشعارات الاستراتيجية فقط، والتي لن تتحقق إلا بالتقدم في بناء "التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين" بل يعمل كذلك وفق شعارات المرحلة التي تتطلب تحالف الطبقات الشعبية من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي. وعلى هذا الأساس نعمل في هذه المرحلة على بناء ما نسميه ب"القطب الديمقراطي الجدري" وتجمع اليسار الذي يتكون من "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" و"الحزب الاشتراكي الموحد" و"المؤتمر الوطني الاتحادي" و"النهج الديمقراطي" يعتبر بالنسبة لنا لبنة أساسية في هذا البناء. كما أن "النهج الديمقراطي" لا يستثني متطلبات الفترة التي هي فترة النضال من أجل الديمقراطية ومواجهة الليبرالية المتوحشة وهذا ما يتطلب تأسيس جبهة سياسية– حقوقية- اجتماعية- ثقافية- إعلامية تتكون من القوى السياسية (تجمع اليسار، المناضلين اليساريين والاشتراكيين داخل المنظمات الجماهيرية، مناضلي الأحزاب الديمقراطية– الاجتماعية الرافضين للقطب السياسي الملتف حول النظام)، المنظمات النقابية المناضلة، إطارات المعطلين حاملي الشواهد، المنظمات الحقوقية والشبيبية والنسائية والطلبة، الجمعيات التنموية المستقلة، الصحافة المستقلة، المثقفين المتنورين... هذه الجبهة تعمل وفق برنامج حد أدنى موضوع لأفق زمني محدد.
في الأخير، نعتبر أن الأولويات التي يفترض أن تشد هموم اليسار والاشتراكيين في الفترة الراهنة، التي ما تزال في طور الإفرازات المتعددة والغير مستقرة، ليست هي أولوية بناء "الحزب الاشتراكي الكبير" وإن كان التفكير في هذا البناء بأهمية بمكان، بل الأولوية في نظري هي التفكير في بناء جبهة سياسية– اجتماعية- حقوقية- إعلامية للفعل في التطورات السياسية والاجتماعية السريعة بالمغرب بما يخدم المشروع الديمقراطي ويقطع مع الاستبداد المخزني ويواجه الليبرالية المتوحشة، موازاة مع فتح مجالات وفضاءات للنقاش النظري والإيديولوجي حول آفاق الاشتراكية وبناء الحزب الاشتراكي الحقيقي اعتمادا على تجارب الشعوب وطموحاتها في التحرر من الإمبريالية الرأسمالية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر