الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد الذكرى الخامسة لتأسيس الجبهة الشعبية

محمد محسن عامر

2017 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الكيمياء الراديكالية التي تلوح بها الجبهة الشعبية في كل مناسبة لا تتفق أبدا (أو لنقل فات الأوان نسبيا) مع شخصية قاعدية تونسية متخمة بعدم الثقة بالنخبة السياسية الحالية و الإحباط بعد سبع سنوات من تتالي الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية . بالتالي فاتجاه الشعب لانتخاب حركة النهضة و نداء تونس في جانب كبير منه هو توجه ٱختيار "الإستقرار الواقعي" الرافض أو غير المستعد لمغامرات غير محسوبة النتائج.
افتتحت الجبهة الشعبية ذكرى تأسيسها الخامسة بنزول قياداتها إلى الشارع من أجل توزيع مطويات حول ميزانية 2018 الكارثية مع بعض الصور الشعبوية مع بعض الفقراء ، بتقدير لا نعلم منطلقاته أن هذه الحركة قادرة على تجسيد شعار الإلتحام مع الشعب . بالرغم من اتساق الحركة في مستوى المنطلقات الفكرية يساريا و لكنها لم تكن فعلا ذا بال من ناحية الصورة كفعل تسويقي سياسي بل أعطت صورة فجة عن انعدام قدرة الجبهة على القيام بحركات جماهيرية كما سبق مع تململ من خبراء الجبهة أنفسهم حول مضمون البرنامج الذي بدا من تصريح أحد الخبراء على صفحته الفايسبوكية .
القول أن الجبهة تعاني من التهميش الإعلامي شبيه للقول أن هذا الحائط هو حائط . إذ أنه من غير المنطقي الإنتظار من الإعلام الخادم لخيرات مموليه التي تتناقض مع الخيارات الإجتماعية التي تناضل من أجلها الجبهة أن يكون بوق دعاية سياسية لها . الأهم بدل استحضار المظلومية دائما هو مراجعة حقيقية للسياسة الدعائية و الإعلامية التي تفتقر لأدنى درجات الإتزان و المنهجية .

هناك مسألة على ما يبدو غائبة عن تقديراتنا . قدرة الجبهة في فترة معينة على التحول إلى حركة تعبئة جماهيرية لها سببان ذاتي و موضوعي . الأول أن الجبهة كانت في بدايتها حالة راديكالية تملك الأدنى من التماسك و التنظم الهيكلي (وجود تنسقيات محلية و جهوية حقيقية و ناشطة ) و هو ما انعكس ضرورة في قدرة الجبهة على خوض منازلات حقيقية و تنجح في لي ذراع السلطة أكثر من مرة . ثانيا و الهو الأهم أن الترويكا نفسها كانت من الترهل و الضعف و عدم القدرة على السيطرة على النظام ، مع اتجاهها لإعادة انتاج نفس خيارات النظام القديم التي أنتجت أسباب الإنتفاض الديسمبري ، مع حركة ٱجتماعية مازالت نشطة و حركية بحكم قربها زمنيا من لحظة الثورة ، كل هذه الظروف تجعل أي قوة سياسية مهمة كان حجمها قادرة على خلق "قلاقل" سياسيةو إزعاج النظام الحاكم . مع دخول البلاد حالة شبه الإستقرار و نجاح النظام القديم في تكسير أنوف الإسلاميين مع الظرف الحالي للجبهة من الصعب جدا و بهذه الآليات العودة إلى مربع الفعل الجماهيري بنفس الآلية التي تفككت .

يجب العودة إلى المربع الأول لنفكر . هناك تعارض مطلق بين موضوعة الثورة و موضوعة الإنتقال الديمقراطي ، عدم إقامة هذا الفصل سياسيا يخلق ضرورة شللا في إدارة العمليات ضد النظام الحاكم . إذ لا يمكن أن نكون جزأ من سياق تاريخي له قوانينه و ضوابطه و نفكر داخل سياقات أخرى . الجبهة واقعيا تراهن على إمكانية تحقيق الأحسن ضمن الممكن برلمانيا و لكنها تنبني في منطلقاتها و غاياتها على سياقات أخرى .بالتالي ضمن لعبة إمكانات الكسب فيه لمن يملك اوراقها و الجبهة بعيدة كل البعد على تحصيل حقيقي من ذاك لٱعتبارات معلومة جيدا . التسويق السياسي الليبيرالي و مرونة برغماتية في صياغة التحالفات و توجه تنظيمي هيكلي حقيقي و منفتح هي القواعد العام للعبة . عدى ذلك الإستنجاد المفجوع بالشارع مناسبتيا فقط شرعيته و فاعليته أيضا ..مراجعة جذرية الآن و إن كانت مأخرة لأن المتغير أكبر مما تحتمله الحركة الإجتماعية التونسية التي لا تمثل الجبهة رغم وزنها سوى جزأ صغير لم يعد بعيدا على الإستنزاف لصالح شرعيات أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض