الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفاكم هرطقةً و سذاجةً .

يوسف حمك

2017 / 10 / 11
عالم الرياضة


لا يخفى أن كرة القدم تتميز عن غيرها من الألعاب بإثارة حماسةٍ زائدةٍ لدى جمهورها .
كأنها معركةٌ بين جيشين يتحاربان بغية اختراق كلٍ منهما صفوف الآخر ، أو تصفيته و إنزال الضربات الموجعة التي تزيد من تأجيج المشاعر ، و هياج العواطف .

فإذا كانت هذه المشاعر تنبع من الانتماء للوطن - و الحق يجب أن يكون كذلك – فإن ربط الرياضة بالأنظمة السياسية ، و توثيقها برجال السلطة ليس خطأً فحسب بل كارثةً تضيف إلى مصائب دول الشرق المستبدة .
في حين أن عدم الولاء لهذه الأنظمة توضع على لائحة الخيانة للوطن مهما كانت الصلة بالوطنية وثيقةً ، و الانتماء للوطن رفيعاً .

ثقافةٌ ابتلينا بها ، و من كأسها تجرعنا ، فبتنا نفضل النخبة السياسية على الوطن و العباد .
ففي هذه الأيام يشهد جمهور كرة القدم السورية انقساماً حاداً حيال المنتخب السوري الذي يخوض أعنف مباراته في تصفيات كأس العالم .

شريحةٌ مع النظام تطبل و تزمر فخورةً بهذا الفريق الذي يرفع شعاراً مطبوعاً مع صورة بشار الأسد : ( الرياضيون مع الأسد ) .
و أن كل ما أنجزه الرياضيون هو بفضل الجيش العربي السوري ، و دماء الشهداء .
و شريحةٌ أخرى مع المعارضات منقسمةٌ لفئتين : إحداها زادتها حماسةً فاعتبرت أن هذا الفريق يمثل سوريا بكل أطيافها و مكوناتها ، و ذلك بفك الارتباط بين السياسة و الرياضة . و ربما أكثرهم من المغتربين المهاجرين الذين فارقوا الوطن ، فحرموا من دفء حضنه ، و رحابة صدره . فكان الحنين هو الصارخ و المنادى .

و فئةٌ أخرى ناقمةٌ على بشار الأسد ، تصفه بالخائن لأنه يقتل الأبرياء ، و بالكافر لأنه يهدم المساجد .
فتفرغ جام غضبها على هذا الفريق الذي يوالي النظام و رأسه .

قبل 15/ 3 /2011 / أي قبل ما يسمى ( بالثورة السورية ) كان السوريون جميعاً يشجعون فريقاً واحداً ، حينما كان أقطاب هذه المعارضات مندمجون مع النظام تحت إمرة بشار الأسد ، و كانوا عوناً له في كل قمعٍ و تنكيلٍ و مفسدةٍ ( و لن تمحى من الذاكرة ) .
و بعد ذاك التاريخ تشرذم الفريق الحاكم و تصدع لنصفين يتقاتلان بعضهما .
طرفٌ يقتل و يدمر ليدوم جلوسه على الكرسي .
وآخر يقتل و يهدم لينتزع ذاك الكرسي اللعين ، فيجلس هوعليه ، و يتربع على عرش السلطة ليمارس القمع و الجور بدوره .
مع أن الطرفين يتباريان في العزف على أوتار الوطنية زوراً و بهتاناً .

ما الفرق بين أن تستقوي بالكرملين و طهران فتبدأ بالقتل و التدمير ؟
أو أن تستقوي بواشنطن و أنقرة و ببعض الدول الخليجية فتمارس الفعل ذاته ؟

المجازر من الطرفين جريمةٌ بحق الوطن و الشعب .
و الاستعانة بكل القوى الخارجية عمالةٌ ، و لا يجوز الفصل و التجزئة في هذا المنحى .
كأن تعتبر أن ممارسات البعض في القتل و الجور شرعيةٌ ، و للبعض الآخر خيانةٌ .
فإما كل الأطراف وطنيةٌ ، و إما كلها خائنةٌ .

المتصارعون كلهم في وادٍ ، و الوطن مع الشعب التعيس في وادٍ آخر ،
مع أنهم يقتلون و يدمرون باسم الشعب الذي لا ناقة له فيما يحدث و لا جمل .

أمتلئ حزناً عليكم أيها الجمهور ، و أتفجر وجعاً مما تتهمون بعضكم بفعل شيءٍ لا يد لكم فيه .
ليس معيار الوطنية أن تصافح النظام ، أو ترقص مع المعارضات .
فالطرفان وجهان لعملةٍ واحدةٍ ، و كلاهما باعا الوطن في المزاد العلني .
و على هذا المقاس الأمر سيانٌ ، بأن يرفع الفريق صورة رأس النظام ، أو صورة أحد أقطاب المعارضات و ما أكثرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا تفوز على رومانيا بهدفين دون رد في بطولة أوروبا 2024


.. تفاعلكم | كل ما تحتاج أن تعرفه عن كأس العالم للرياضات الإلكت




.. الكوبا واليورو.. قد تكون البطولة الأخيرة بكل من ميسي ورونالد


.. سر عبارة يد الله حين سجل مارادونا هدفا باليد فى كأس العالم




.. بطولة أمم أوروبا.. انتهاء المباراة بين فرنسا وهولندا بتعادل