الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراوما من نوع اخر

دارين هانسن

2017 / 10 / 11
الادب والفن


كانت أصوات فقاعات نارية تلك التي احتلت الغرف. أمي في غرفة الجلوس وبيدها الهاتف الجديد الذي أعطاها إياه يانس ارتجفت. مسكتها من ذراعها كيلا تقع وبدآت تضحك قهقهت ببلاهة المجانين وقالت َنسيت أننا في بيروت. بينما هي تصحح وضعيتها على الصوفا وانا احمل الهاتف الجديد وانزل عليه اللغة العربية قلت لها ماما لسنا في بيروت بل في زحلة! ضحكت هي وابتسمت معها وأنا ألعن الهواتف وكيفية برمجتها إلى اللغة العربية وعيني على الكمبيوتر الذي يحول المواد المصورة إلى صيغة آخرى تفهمها لغة المونتاج! صعق الكمبيوتر وأنا في طريقي إلى البلكون لنختبر صوت الموبايل القديم{ أمي هل تسمعيني بشكل جيد؟} بيني وبينها أقل من خمسة أمتار أنا على التراس وهي في وسط غرفة الجلوس " حبيبتي كم أشتاق إليك كم أتمنى أن أضمك أن أقبل جبينك...} بدأ صوت أمي يتغير إلى بكاء لا أعرف كيف أصفه حملت الهاتف اللعين في يدي وهاتفي يصعق من طلاب المخيم وصلت أليها كانت تبكي وتقلب بين قنوات التلفاز التي لا أعرفها لأني لم أشاهده بعد. منهارة هي حقا كأني ما زلت في الدانمارك وكأنها هي مازالت في سورية. ضحكت لأني لم أصدق حجم العنف النفسي الذي تتعرض له" منكوش ما بالك أنا هنا يا مجنونة" ضممتها وقبلت راسها وانا اسحبها من يدها لترى الفيلم الذي صنعته جمانة وآخرون في المخيم واسمه بيت اللجوء!
" هل هم يعيشون حقا هكذا أم أنه فقط ديكور للفيلم؟"
" نعم ماما هذه هي حياتهم وبيتهم"
" هم سبب البلاء فليدفعوا ما وضعونا به! حتى حق الدواء ليس لدينا الان بسبب جهلهم"
ماما تبا لهذا الهراء! كانوا من أغنى الناس في سوريا وهاجروا عندما قتل الأخ اخاه "
أمي بجانبي منهارة بأحد يديها ترتكز علي الكرسي وبالأخرى تمسك بكتفي وتبكي ويعلو صراخها
" على الأقل هذه الخيمة تبدو جميلة وكأنها غرفة جلوس افضل من غرفتنا: ما هذه المواد التي تلمع؟ هل هي بلاستيك ام ماذا
" لا ماما هذه هي العوازل التي صنفت لهم من المنظمات غير الحكومية كي تقيهم البرد والثلج
أمي تبكي أكثر أزحت يدها عن كتفي ببطء كيلا تستيقظ من بكاؤها دعها تبكي الحرقة التي تحتاجها ودعها تبكي وتبكي.. تركت الفيلم يكمل بعضه وتوقف فجأة لأنه انتهى. كنت أقف خلف أمي التي حاولت تحريك شيء في برنامج المونتاج وأنا أقف خلفها وأحمل جاكيتها وقبل أن تصل يدها إلى لوحة المفاتيح كانت يدي قد اختطفتها
" ماما لم احفظ كل هذه العمل الذي كلفني أيام بلياليها، اشربي القليل من النبيذ ودعيني اغلق الكمبيوتر كي نذهب ونأكل السمك
اغلقت الفاينل كات بينما أمي تلبس جاكيتها وتشرب القليل من النبيذ وتتمتم
أربع سنوات وعشرون يوما! لا ليس عشرون خمسون يوما! لا كانت أخر مرة رايتك خمسة أشهر قبل اختفاء شعبان وشهرين بعد وفاة ايلي على ما اعتقد اليس كذلك؟
اسحب كاس النبيذ من يدها اقبلها على جبينها وأقول
" أربعة سنوات وثمانية وعشرين يوما لا اعرف قبل وفاة من وبعد اختفاء من! المهم نحن الان في زحلة والسمك ينتظرنا
«أشعر بالفراغ بالضياع وبان كل ما يحدث مجرد حلم أرى منه بقايا الخيالات اليومية»
«نعم أمي هذه هي الحقيقة ستصحين بعد قليل وتعتادين وجودي هنا وتبدآ طلبات التسوق»
« هل سندهب الى السوق بعد السمك»
تضمني اليها ونمشي وهي تحدثني عن كيف كانت زحلة في أيام الحرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟