الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخفي والظاهر في الاهتمام المتزايد لواشنطن بدول المنطقة المغاربية

مصطفى عنترة

2006 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي الاستراتيجية الجديدة للإدارة الأمريكية في منطقة الاتحاد المغاربي؟
وما هو الجديد الذي حملته زيارة رامسفيلد إلى كل من المغرب، الجزائر وتونس؟ وكيف تعاملت حركة الحقوقيين المغاربة مع هذه الزيارة؟ وهل همت هذه الزيارة المجال الأمني والاستخباراتي أم شملت مجالات أخرى مرتبطة بالتطبيع مع إسرائيل؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول ملامستها في الورقة التالية.

يحظى الأمن باهتمام كبير في علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بدول شمال إفريقيا، ذلك أن واشنطن تسعى جاهدة إلى تطوير مجال التعاون الأمني الاستخباراتي والعسكري مع دول هذه المنطقة اعتبارا لأهميتها في المشروع الأمريكي ومكانتها الجيوستراتيجية.


ـ الـــــدلالات:
تـــركز الولايات المتحدة الأمريكية على دعم المجال الأمني بالنسبة لدول الاتحاد المغاربي على وجه التحديد لجعلها قادرة على الانخراط الفاعل والفعال في استراتيجية محاربة الإرهاب خاصة بعدما اتضح لها، حسب معطيات استخباراتية، إمكانية استخدام الجماعات الإرهابية سواحل شمال إفريقيا للعبور بين جنوب الصحراء وأوروبا. أكثر من ذلك أن عناصر تنشط في هذه الجماعات تلجأ إلى هذه المواقع الجغرافية، مما حولها إلى بؤرة للجماعات الإرهابية.
وفي هذا السياق شهدت كلا من المغرب والجزائر وتونس زيارة دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي، وقبلها زيارة لروبرت موللر، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي"، فضلا عن زيارة مماثلة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي آي" قبل سنتين، علاوة على زيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي وغيره من المسؤولين الأمنيين والعسكريين.

وتعد جولة رامسفيلد فى المنطقة المغاربية استكمالا لجولته العربية التي قادته في وقت سابق لأكثر من عاصمة منها القاهرة والرياض...
وقد أجرى رامسفيلد مباحثات مع رؤساء الدول الثلاث وكبار المسؤولين في الدوائر الأمنية والعسكرية من أجل تطوير التعاون الأمني والاستخباراتي اعتبارا لأهمية هذه المنطقة بالنسبة لواشنطن في استراتيجيتها في الحرب على الإرهاب.
واعتبرت مصادر متتبعة أن مباحثات وزير الدفاع الأمريكي مع قادة الدول الثلاث قد تكون تركزت على أربع قضايا أساسية:
ـ منع وصول "انتحاريين مغاربة" إلى العراق خاصة بعدما تأكد وجود مغاربيين في صفوف المقاومة العراقية ضد التواجد الغربي بالعراق.
ـ مكافحة تسلل مهاجرين غير شرعيين لأوروبا عبر البحر المتوسط
ـ دعم التعاون العسكري والاستخباراتى المستقبلى بين حلف شمال الأطلسي "الناتو" وتلك الدول.
ـ إجراء مناورات عسكرية مشتركة بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى.
وأوضح المصدر ذاته أن المغزى من زيارة رامسفيلد تأتى لقياس مدى تجاوب دول الاتحاد المغاربي مع جهود الإدارة الأمريكية لضمان الاستقرار بالمنطقة، من خلال حرصها على الحد من السباق نحو التسلح، ودعم آليات محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه في دول شمال إفريقيا.
ومعلوم أن السلطات الأمنية سبق أن فككت في الآونة الأخيرة خلية تابعة لتنظيم "القاعـدة" كانت تهدف إلى خلق قاعدة للجهاد في بلدان الاتحاد المغاربي على شاكلة تنظيم القاعدة لأبي مصعب الزرقاوي ببلاد الرافدين. وقد كان يتوخى أسامة بن لادن وأيمن الظواهري من وراء هذا التنظيم خلق أقطاب إرهابية إقليمية تابعة له لتنفيذ مخططات القاعدة.
وتجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن اختيار المغرب جاء بسبب عوامل مرتبطة بالأساس بالانفتاح السياسي الذي يميز المغرب مقارنة مع باقي بلدان المنطقة المغاربية. وكانت الجزائر ستشكل بديلا للمغرب في حالة عدم النجاح في تشكيل هذه القاعدة بالمغرب.
وقد تمكنت السلطات الأمنية من التصدي لهذه الخطوة التي كانت ستشكل في حالة نجاحها دفعة قوية لصالح تنظيم "القاعدة"، حيث ستمكنها من تنفيذ مخططاتها على المستوى الإقليمي.
من المؤكد أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى كل من المغرب وتونس والجزائر ستعزز خطة التعاون الأمني والاستخباراتي بين واشنطن والبلدان الثلاثة، حيث من المتوقع أن تساعد إدارة البيت الأبيض هذه البلدان على تطوير حاجياتها الدفاعية وتقوية بنياتها من أجل ملاحقة الشبكات الإرهابية التي تنشط في المنطقة المغاربية أو تتخذها معبرا للمرور إلى أوروبا.




ـ التراجـــع:
مما لاشك أن سيادة الهاجس الأمني في تعامل واشنطن مع بلدان المنطقة المغاربية من شأنه أن ينعكس سلبا على مجال الدمــقرطة وحقوق الإنسان، ذلك أن هاجس ملاحقة الشبكات الإرهابية سيجعل الدولة تسن قوانين واتخاذ إجراءات تحد من الحريات.
ولازالت بعض المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية تتحدث عن وجود معتقل سري للتحقيق وممارسة التعذيب على معتقلي غواتانامو بالمغرب، مما ساهم في خدش صورة "المغرب الحقوقي" على المستوى الدولي. ولم تنف إدارة جورج بوش في أكثر من مناسبة وجود مراكز في أوروبا وإفريقيا للتحقيق بالمشتبه في انتمائهم إلى الجماعات الإرهابية...
ومن هذا المنطلق نظمت مجموعة من الحقوقيين في إطار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية أمام البرلمان المغربي احتجاجا على زيارة رامسفيلد إلى بلادنا على اعتبار، أولا أن هذا الرجل يعد من أهم المخططين والمنفذين لسياسة التقتيل ضد الشعوب وخير مثال على ذلك ما يعيشه الشعب العراقي، وثانيا رفض جعل المغرب بمثابة رقم ضمن الاستراتيجية الأمنية والعسكرية للولايات المتحدة الأمريكية، وثالثا افتقاد البلاد إلى استقلاليتها وانعكاس ذلك على واقع الحريات.
وجدير بالإشارة، أن الأنظمة الثلاثة (المغرب، الجزائر وتونس) تعد حليفة للولايات المتحدة الأمريكية في استراتيجية محاربة الإرهاب، لكن الأمريكان لا يحظون بأي تأييد شعبي نظرا للصورة السلبية لأمريكا في المخيال الشعبي وخاصة بالمغرب لأسباب مرتبطة بالحرب ضد العراق والدعم المفضوح لإسرائيل ضد فلسطين وتحرشها ضد سوريا، فضلا عن تاريخها الأسود في ضرب كل الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية وغيرها.

ـ الاهتمـــام:
تحظى المنطقة المغاربية باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في ظل التحولات السياسية التي تشهدها دولها (بمستويات مختلفة)، تظهر أكثر في المملكة المغربية من خلال سلسلة الإجراءات التي اتخذها الملك محمد السادس.
وقد ازداد هذا الاهتمام من لدن صناع القرار بالإدارة الأمريكية بهذه المنطقة خوفا من النفوذ الأوربي وخاصة الفرنسي على وجه التحديد المتغلغل أكثر داخل هذه البلدان لعوامل جغرافية، سياسية، ثقافية وتاريخية. وهكذا بدأنا نلاحظ زيادة في حجم المساعدات المقدمة من الإدارة الأمريكية إلى هذه البلدان، حيث لم تعد تقتصر على الجانب الاقتصادي بل تعدته لتشمل مجالات أخرى خاصة وأن البيت الأبيض يحاول جعل هذه البلدان نموذجا من حيث التنمية والديمقراطية لباقي بلدان منطقة الشرق الأوسط الكبير.
وتتمثل المصالح الجوهرية للولايات المتحدة الأمريكية في:
ـ تطوير التعاون الأمني والاستخباراتي ومساعدة هذه البلدان على انخراطها بشكل فاعل في الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب.
ـ دعم الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي تهم توسيع مجال الحريات وحقوق الإنسان وتحقيق التنمية.
ـ تعميق علاقاتها مع هذه البلدان وعدم ترك الساحة فارغة لصالح أوربا.
ـ تطوير العلاقات الاقتصادية خاصة بعد اتفاقية التبادل الحر المبرمة مع المغرب.
ـ تأمين آبار النفط الجزائري على وجه الخصوص وضمان نقله للأسواق الغربية، لكن على أساس احتفاظ الأمريكان بحصة الأسد في الاستثمارات المرتبطة بهذا المجال.
ـ الحصول على نصيبها في سوق السلاح من قبل دول الاتحاد المغاربي (ليبيا والجزائر) وخاصة في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار البترول.
ـ تأمين هذه المنطقة من خطر الجماعات الإرهابية علما بأن تنظيم القاعدة قام في الآونة الأخيرة بمحاولة خلق أقطاب إرهابية إقليمية لتنفيذ مخططاتها.
ـ تسريع عملية التطبيع مع إسرائيل اعتبارا للعلاقات التي تجمع بعض البلدان كالمغرب مع إسرائيل ومحاولة توظيف ورقة اليهود المغاربة في عملية التقارب المغاربي الإسرائيلي.
ـ مراقبة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفتح جسور مع القوى الشعبية التي بإمكانها أن تصل إلى موقع القرار السياسي في البلدان المغاربية، وفي هذا الإطار تتابع الولايات المتحدة الأمريكية خطوات التيارات الإسلامية المعتدلة التي تملك قاعة شعبية واسعة وعريضة.
ـ تحسين صورة أمريكا في عيون رجل الشارع المغاربي على اعتبار أن صورتها في المشرق العربي أكثر سوادا من هنا لاعتبارات ثقافية وسياسية..
أكيد أن المغرب يحظى باهتمام متزايد من طرف واشنطن لعدة عوامل اقتصادية وسياسية وأمنية من شأنها أن تساهم في تطوير التواجد الأمريكي داخل كيانه خدمة للمصالح الظرفية والجوهرية للإمبراطورية الأمريكية، وأن تحرك نعرة الاتحاد الأوروبي وخصوصا المنافس الفرنسي للقيام برد فعل على هذا الاهتمام لواشنطن، لكن كيف ذلك، سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة