الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم00 بالمحبة

ياسر العدل

2006 / 2 / 18
كتابات ساخرة


لأننى موظف لدى حكومتنا الرشيدة فأنا مجبر على طاعتها، أقف صابرا فى طوابير خدمات العيش والتعليم والصحة والمياه والكهرباء والمساكن والزواج والترقيات والميراث والانتخابات، ألهج بالدعاء طالبا الصحة وطول العمر والستر لرؤسائى، وأبذل جهدى فى تدليل زوجاتهم وأولادهم وأقاربهم وكلابهم وأبقارهم وصغار الحمير، أملا أن أحظى ببعض العدل والحق والكرامة، وحين طال انتظارى سنوات دون تحقيق شيء يذكر، ولأننى مواطن لست مجبرا على حب كل حكومة، داعبت نفسى بفكرة التمرد على رئيسى فى العمل، انه الأقرب لأصابعى وأول نتفة من جسد الحكومة.
رئيسى فى العمل الحكومى ليس عبقريا تماما، هو ساذج مثلى يبرر تخبط أداء الحكومة بأنه حكمة لا يعلمها البسطاء، هو بطن مثلى يأكل من عرق يده، وان كان يحضر كثيرا من موائد الطعام المجانية للحكومة، هو صاحب رأى مثلى يخفى رأيه الشخصى فى الحكومة، وان كان يبغبغ فى وسائل الإعلام بأنها حكومة تمام التمام، ومع أن رئيسى مواطن مثلى إلا انه تمرس على إهانتى، لا يدخلنى فى تجربة الديمقراطية، ويصادر رغبتى فى الغناء الجماعى، فوجدت من باب رد الإهانة أن أعلن لنفسى كراهيته، وصرت أغنى منفردا، أنا أكرهك.
ذات يوم قريب أصابتنى نوبة من الشجاعة فدخلت مكتب أحد الزملاء وأسررت له بحلم استحلبه كل يوم، حلمت بأن رئيسى فى العمل ترك الوظيفة وهجر صحبة الحكومة، وحين تفشى الخبر وذاع وعم القرى والحضر، هاص الناس وبقينا معا نمارس حبنا للحرية.
فى بداية اليوم الثالث من إعلان حلمى، دخلت دار العمل مسترجعا قدراتى الوظيفية، صابرا فى انتظار الفرج، لاهجا بالدعاء لرؤسائى، باذلا جهدى فى تدليلهم، أوزع ابتسامات حلمى على الجميع، وحين دخلت مكتبى وجدت أشياؤه محطمة بفعل فاعل، كان زميلى وكاتم أسرارى قد فعلها، حمل عصا خشبية وأراد أن يكسرها فوق رأسى فى مكتب الحكومة، ذلك أن أذنا بالحائط سمعت بعض حلمى ووشت بنا، فأهدر رئيسنا لزميلى وسب أهله ومرط بكرامته الأرض، كيف لموظف أن يصغى لحلم موظف؟، إنما الأحلام صناعة مشتركة لمتواطئين.
أه يا لسعدى، لقد نجوت من كسر الدماغ مؤقتا، ومازال زميلى يتربص بى الدوائر بعد أن أصابه رئيسنا بالعنة وتساقط الأطراف، ولا منقذ لى غير التأكيد للحكومة بأننى سأتوقف عن الحلم، مع تدريب النفس على رفع شعار المحبة لرؤسائنا جميعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غادة عبد الرازق: ليس لي منافس على الساحة الفنية ولا يوجد من


.. غادة عبد الرازق: الساحة الفنية المصرية لم تعد بنفس قوة الماض




.. الفنان درويش صيرفي.. ضيف صباح العربية


.. -بحب الاستعراض من صغري-.. غادة عبد الرازق تتحدث عن تجربتها ف




.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف