الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم الكردي كمشروع إنقاذ

علي المَدَن

2017 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الإجراءات التي تتعاون عليها دول المنطقة لمحاصرة تداعيات الاستفتاء المدمرة هي إجراءات نافعة وتحفظ أمن المنطقة من الانهيار، ولكنها نافعة على المدى القريب وليس البعيد!! استراتيجيا هذا لا يعد حلا ناجعا.
في الواقع الجميع يخشى أن ينفجر تسونامي الهويات فيجرف بطريقه كل الدول القائمة وأنظمتها!! وكل ما يمكن فعله هو تأجيل هذا التسونامي! أما القضاء عليه تماما فيتطلب تغييرات جذرية تمس صلب الأنظمة القائمة وفلسفتها وشكلها وهوياتها الإيديولوجية.
إن ربيعا كرديا واحدا على شاكلة الربيع(ات) العربية يمكن أن يطيح بكل مظاهر القوة التي تبدو عليها خطابات أوردكان وغيره!! ولا يمكن أن تستمر الأمور على حالها ما لم تعالج مسألتان: العدالة الاجتماعية، والسماح بظهور الهويات القومية والثقافية بدون قمع ولا حصار ولا مضايقة ...
أكبر خطر يخلقه الاستفتاء هو تغذية المشاعر القومية العصبوية الداعي إلى تشكيل الدول القومية ... وما لم يتم معالجة هذه الثقافة وهذه الايديولوجيات السياسية فلا أمل في استقرار المنطقة!!! ولا يمكن علاجها ما لم يسمح بظهورها في التعليم والكتابة والاعلام وغير ذلك، وتكون الدول مشكلة على نحو وحدات ادارية فيدرالية ...
الدولة التعددية الفيدرالية المتنوعة الهويات والثقافات واللغات والاعراق هي المخرج الوحيد من أحلام الدولة القومية؛ لأن هذه الدولة الأخيرة لو ولدت ستنتشر كالفطر!! وليس الخوف من ولادة تلك الدول بل من الصرعات والنزاعات التي ستخلق بعدها!! صرعات لا نهاية لها حول الاراضي والموارد وغيرها ...
الخطابات الوطنية على غرار ما ألفناه في أنظمة منطقتنا السياسية لا تغني ولا تسمن، والجميع يعلم أنها خطابات جوفاء لم تقنع أحدا! المطلوب هو إيجاد فلسفة سياسية ببطانة فكرية تدعو إلى مشروع جديد يختلف اختلافا جذريا عن كل المشاريع التي جربناها حتى الآن!
هذا المشروع الجديد يبدو مثاليا في ظل الظروف الحالية! ولم يتبناه حتى الآن رجال أشداء في الفكر والسياسة والثقافة والتاريخ، لم تولد بعد طبقة جديدة من المثقفين والمفكرين الذين ينظّرون لهذا المشروع ويدعون له ويحملونه كهمٍ وكرسالة وكخطاب إنقاذ لمنطقتنا من النزاعات والحروب والحرمان والتمييز ...
أمام الكردي اليوم فرصة تاريخية ليمارس دوره في هذا الصدد!! بوسعه أن يختار ويجرّب ما مارسه قبله العربي في قوميته الناصرية والبعثية، والإيراني في قوميته الفارسية الفهلوية الشاهية، والتركي في قوميته التركية الاتاتوركية!! يمكنه أن يمارس هذا الدور الذي مارسه هؤلاء جميعا!! ولكن عليه أن يعرف أن أبواب الجحيم ستطال الجميع بمن فيهم هو!! سيقود المنطقة إلى مرحلة مضت!! باستقطاباتها وصراعاتها ونزاعاتها .. بل سنجرب جميعا وضعا أشد إيلاما مما سبق!!
وفِي المقابل بوسع الكردي أن يمارس دورا عجز عنه غيره حتى الآن؛ دور الاندماج في منطقته والارتقاء بأنظمتها السياسية وثقافتها وفكرها وقيمها إلى مستوى أرفع وأنبل وأنفع لنا جميعا، هو مستوى الدولة التعددية الفيدرالية المتنوعة الهويات والثقافات والاعراق واللغات .. الخ
لماذا على الكردي أن يفعل ذلك دون غيره؟! لأن الفرصة متاحة له اليوم أكثر ممن سواه !!!
هذا الدور الكردي لا يبدو مستحيلا لو تم مواصلة العمل بنفس العقلية السياسية الواقعية الطالبانية!! هذه الواقعية يمكنها الارتقاء بنفسها لتواصل هذا المشروع كما قبلت قبل ذلك فكرة الفيدرالية المرحلية وجمدت فكرة الدولة القومية، يمكن أن يتسامى هذا التجميد ليصبح مشروعا أكبر! مشروعا لإنقاذ المنطقة من تاريخها الاحترابي الطويل ...
قد يبدو مجرد حلم!! ولكنه حلم يقابل حلم الدولة القومية!! حلم أقل عدوانية وخطرا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 10 / 15 - 05:18 )
طرح مفيد من حريص دقيق
.............
لكن لم يمر على التدخلات الدولية و تأثيرها تلك التي تستطيع تحويل النافع الى مضر و الحلو الى مُر
.............
لو يُركز التخريب على اي دولة من الدول المتعددة الاعراق و الاديان من دول الديمقراطية ...لصار حالها حال لبنان و يوغسلافيا و العراق و سوريا
لو تم ذلك التخريب/ التدخل الذي جرى في تلك البلدان لمدة شهر واحد على فرنسا او اسبانيا او بلجيكا او سويسرا او المانيا او انكلتر لتمزقت و لأصبحت كما حال يوسلافيا في وقت الازمة و كما حال العراق و سوريا اليوم...و ما حصل في كاتالونيا هذه الايام او يحصل دليل كبير
تصور لو صاحب تحركات شعبها تحشيد اعلامي و دعم بالتخريب و المال و السلاح...كيف ستكون النتيجة
..........
اكرر التحية


2 - اكرر التحية
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 10 / 15 - 05:27 )
فاتني ان اشير الى ان الاسلوب في صيغة هذه المقالة يقترب من اسلوب الاستاذ (علي مدن) الذي هو احد كُتاب الحوار المتمدن و له (20)مقالة منشور اليكم اخرها
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=574513
لكن الاختلاف في كتابة الاسم دفع الى نشرها بعيداً عن موقعه الفرعي حيث كان الاسم (علي المَدَن) بدل الاسم في الموقع الفرعي (علي المدن)
.........................
اكرر التحية

اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة