الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنتهازيون والمرتزقة قاعدة وسند لكل انحراف واستبداد

طلال شاكر

2006 / 2 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد تخلص العراقيون من نظام استبدادي شمولي لانظير له في تاريخهم المعروف، وكان ثمن التغييردامياً ومكلغاً ودفع مستحقاته مازال جارياً ،ولكن الكثير من نتائج هذا التغيير وتجسيداته مازالت مبهمة ،والعهد الجديد اعطى زخماً وبيئة خصبة لظواهر وممارسات تنتمي الى اخلاقيات ومسلك النظام الآستبدادي المشين ، وبدى الحاضر وكأنه لايريد قطع الصلة بماضي انتج كل هذه الويلات والفواجع ، ولم يعد الفساد الاداري ،والشللية والطائفية وغيرها ، ايتاماً في العهد الجديد فتعدد السلطات ضمن الحماية والاحتضان لكل نواع الدجل والنفاق السياسي ،وانتعش سوق الرياء وزادالطلب علىالكلمة الزائفة والموقف الرخيص ،وتزاحم البائعون لتسويق بضاعتهم لقاءشهرةاوظهور ممسوخ ،او لقاءثمن مذل على حساب الحقيقة ولم يراعوا دقة الظرف السياسي وحساسيته ،واندفعوا لترويج مواقف وحلول سياسة تتعلق بمصير العراق ، في ظرف مازال العراقيون يبحثون فيه عن حل توافقي لمعضلات وطنية لم يتوحد العقل السياسي العراقي حول سبل حلها ، كالفدرالية، وكركوك والدستور ،والدين ، والكيفية التي تبنى بها اسس المشاركة السياسية في الحكم ومشاكل كثيرة في العهد الجديد اندفع العديد من هولاء الآفاقين ليملئوا الصحف، والقنوات الفضائية صخباً وضججياً،ويتسابقون في تشكيل الروابط والجمعيات والهيئات لنصرةهذا الطرف العراقي ،اوالحديث باسم هذه القومية العراقيةاوتلك وظهروا كملكيين اكثرمن الملك،بعضهم يعاني من عقدة ودونية الانتما ء الى حزب السلطة البائدة اوتخرج من منشئاتها الفكرية ، اوكان سياسياً فاشلاً،اومن يبحث عن موقع أوأ متياز يتخم انتهازيته،بالطبع لايوجد اعتراض على من يهب لنصرة قضية
عراقية مستحقة ،وينبري للدفاع عن مظلوميةهذه القومية اوتلك، اويتصدى لاي فكر عنصري اوقوماني ، اوطائفي .لكن الخطورة تكمن في كون هولاء الدعاة المزعومين منخرطين في مشاريع سياسية لاحزاب وقوى عراقية تملك اجندة خلافية تحاول فرضها من خلال الامر الواقع،في ظل غياب سلطة ومرجعية وطنية موحدة،ويسعى هؤلاء الانتهازيون والافاقون،الى خلط الاوراق،والنفاذ من خلال استحقاقات مازالت حلولها ملتبسة،فسلوكهم وموقفهم يستثني الممارسات الخاطئة للاحزاب والكتل السياسية،من دائرة النقد ويغض النظر عن سلوك وتوجهات هذه القوى،بل ويجد التبريرات ويلتمس الاعذار لها وهي في اوج خروقاتها وانتهاكاتها،لقد ساهمت وتعاملت الاحزاب السياسية العراقية بمختلف توجهاتها،،مع هذه الظواهر من منطلق انتهازي ودون تقدير سليم اومسؤولية لعواقب واضرار هذا النهج ،وسعت الى قبول الانتهازيين والمرتزقة في صفوفها ، لابل ان بعض الكتل البرلمابية الكبيرة ادخل الى الجمعية الوطنية شخصيات غير جديرة بتمثيل الشعب العراقي فيها ، والبعض منهم ضمنت له هذه الاحزاب مركزاًفي الوزارات التي تهيمن عليها كاتباع لها ,وشاعت هذه القيم الفاسدة بديلاًعن الكفاءة والنزاهة كظاهرة عمت العراق من جنوبه الى شماله.ولاادري باي مفهوم او معيار تقيم الحكومة ومختلف الاحزاب وكذلك البرلمان ظاهر ة الفساد الاداري المستشرية في اجهزة الدولة كا لسرطان ، فالجميع يتحدث عن خطره وتفاقمه وواجب محاربته، ويشكلون لجان نزاهة ومحاسبة، ولكن الاغلبية منهم صنعه وشجعهه ومحض له فشراء الولاءات وتحزيب الوزارات واجهزة الدولة،وتغليب المصلحة الحزبية على مصلحة البلد وبناء سلطة الكيان السياسي على سلطة الدولة هي بيئة مثالية لظهور ونمو وتفشي ظاهرة الفساد ،ان هذه التجسيدات وتداعياتها ليس بأماكانها التصدي لظاهرة الفساد الاداري التي غدت ارهاباً يعبث ويقتل بدون ضجة و الناس تعايشوا معه كبلاء غيرقادرين على دفعه، وبقدر ماكنا ندين نظام صدام واساليبه في افساده الذمم وتخريبه لاسس الولاء الوطني، لجعله الولاء المطلق لشخصه وحزبه معياراً وحيداً لمضمون الولاء ،فجلب بهذ النهج الخراب للثقافة والتهاوي لقيم التفكير الحر، فتكاثر المرتزقة واتسعت دائرة الانتهازيين لتشمل كل مجال ،ولايبدو ان العهد الجديد أظهر مايؤكد تخليه عن تكرار تلك الممارسات الفاسدة،في مسلكه السياسي عملياً والامثلة والشواهد كثيرة ومنفرة، وغالباً ما يعلل ظهور تلك المسلكيات باستثنائية الظرف وصعوبته ، والعهد الجديد سيكون عاجزاً عن تمييز موقفه من سلوك النظام البائد وتراثه المشين، بدون سلوك اخلاقي جديد يحمل قيم الشرف والنزاهة(لاتنه عن خلق وتاتي مثله) لااريد ان أبدو مثالياً واطلب الطهر لكل رؤية وكل مسلك في العهد الجديد،واعرف انها مرحلة انتقالية ومخاض عسير والمصالح الضيقة للكتل السياسية،تفرض نفسها، لكن تبقى هنالك قاعدة مبدئية بغض النظر عن مختلف التبريرات،((وهي مصالح الشعب والوطن فوق كل اعتبار وفوق كل مصلحة)) ومهما بدى الامر كالحاً ومحزناً ،فان اللوم والمسؤولية تقع على عاتق القوى الحية في المجتمع العراقي من مثقفين ومثقفات ورجال فكر وعلماء وعالمات وكل الشعب العراقي للتصدي لتلك الظواهر الخطرة.ان ابقاء مسافة بين المثقف والمفكر وبين السلطة تفصل بين عطائه ومسؤوليته، وبين براغماتية السلطة وسطوتها، تمنحه حرية الموقف والاختياروتحرره من قيودالهيمنة الايدلوجية للاحزاب والكتل السياسة،و هنا يأتي دور الاعلام كناقد وموجه،ومجال حيوي لنشر الحقائق وتعميم القيم الوطنية النبيلة، ومحاربة الفساد وفضح الانتهازيين والوصوليين،ان مجتمعنا العراقي لايمكنه النهوض بمهمة بناء ركائز المجتمع المدني،اذا لم يكن فيه قضاءً مستقلاً نزيهاً،وسيا سيون شرفاء، ورجال فكر احرار،وصحافة حرة تتعامل بصدق وشرف وشفافيةمع هموم الوطن،ان الاعتماد على الانتهازيين والوصوليين والمرتزقة،سيضمن تكرار الانحراف بهذه الصورة اوتلك وسيخلق فجوات كبيرةفي بنية المجتمع العراقي تنفذ ا ليها كل نوازع الشر والفساد وسينظر الناس الى التغيير الجديد ونهاية الاستبداد، كعملية ناقصةوقفت في منتصف الطريق،وسيحل
الجزع والانكفاء محل:الامل والتفاعل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ