الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقالة .. تساوي .. إقالة

صبحي خدر حجو

2006 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


وضع العراق السياسي ، يتسم بتداعيات وظواهر عجيبة وغريبة ، بحيث اصبحت تحيّر المرء ، وحتى المحللين السياسيين وغير السياسيين وكل جهابذة مفسري ومنظري الديمقراطية عن تطبيق القياسات النظرية او العملية بكل انواعها على ما يجري في العراق من احداث ، ورغم ان النظام البائد كان ايضا قد حيّر المحللين وخاصة الستراتيجيين منهم كثيرا وعلى مدى بقائه في السلطة، خاصة في السنوات الاخيرة من عمره ، ولكن الوضع الحالي فاق كل تلك التوقعات وربما يسجل رقما قياسيا في ما نسمعه من جديد من تلك التي اشكلّت على ماسكي السلطة وضع حلول لها . واول تلك الامور هي قضية العملية السياسية الديمقراطية التي تتعلق انظار الشعب بكافة فئاته بها وبمسرتها المتعثرة والتي ما زال امامها جبال من العقبات . وان ما يقال عن ان المشكلة الاساسية من هذه العراقيل تكمن في انعدام الوعي لدى شرائح الشعب العراقي بالديمقراطية فهذا ليس صحيحا بتاتا . وانا شخصيا رغم قناعتي بأهمية هذا القول ولكني اصبحت اميل يوما بعد آخر خاصة بعد التجارب الكثيرة وخلال هذه السنوات الاخيرة ، توصلت الى قناعة انه بالقدر الذي يحتاجه شعبنا الى الوعي بالديمقراطية الحقيقية ، فان احزابنا وقادتهم وكوادرهم هم بحاجة اكثر من ذلك باضعاف ! وهنالك الكثير من الوقائع التي تلمسناها والتي تؤكد على صحة هذا الرأي . ولست بحاجة الى ايراد الكثير من الامثلة اليومية او الاسبوعية ، انما اتوقف عند واحدة منها واعتبرها فضيحة بجلاجل كما يقول الاخوة المصريون ، فقبل اشهر تم اختيار احد المثقفين الايزيديين لوظيفة مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الايزيدية ، الدكتور ميرزا حسن الدنايي ، الشاب المثقف والمليئ بالنشاط والحيوية والغيور على مصلحة شعبه العراقي والكوردستاني . وقد استبشر الايزيدية خيرا واعتبروا ذلك نجاحا ما بعده نجاح وسابقة تاريخية بالنسبة لهم ، رغم ان هذه الوظيفة هي تشريفية اكثر منها عملية ، واعتقدوا ان ذلك ربما سيفتح عليهم ابواب الخيروالمكاسب التي تعوضهم عن بؤسهم المزمن ، ويظهر ان المساكين كانوا متفائلين اكثر مما يجب ، خاصة بعد ان جرد الوزير الايزيدي من حقيبته الرمزية اليتيمة ، واعتبروا وعن حسن نية( زائدة شوية ) بالقيادة بانه ربما هو شيء من التعويض على تلك الخسارة التي احبطت معنوياتهم ورمتها على الارض . وعودتنا قياداتنا على ان يبقى اندهاشنا وذهولنا مستمرا من موضوع الى آخر ، فما كان من السيناريو ( البوليسي ) الغامض في قضية تغييب الايزيديين والاخوة المسيحيين والشبك من الانتخابات الاولى ، والحرص الشديد بكل اشكاله على ضمان اصوات الايزيديين ورفاقهم الشبك في الانتخابات الاخيرة وغيرها الكثير . المهم نعود الى صاحبنا المغدور الدكتور ميرزا ، اذ انه كغيره الكثير من الايزيدية لم يكن مطمئنا لما يجري وراء الكواليس من طبخات فاسدة للاقليات ، رغم التطمينات الكثيرة والمتنوعة التي اطلقت جزافا للايزيدية المساكين من ان حقوقهم مضمونة باكثر من اصواتهم وباكثر مما يستحقون من قبل قائمة التحالف الكوردستاني ، ولكن د . ميرزا وبحكم قربه من مراكز القوى علم بعد ان نشرت احدى الصحف الكوردية استثناءا ، قائمة بأسماء المرشحين للانتخابات لقائمة التحالف
الكوردستاني وظهر ان القائمة تحتوي على اسمين من الايزديين ، ولا ( حظّ ) لهما في الحصول على مقعد . ولم يكن هنالك متسع من الوقت لان يتم تحريك الفعاليات الايزيدية لكي يستطيعوا ان يعالجوا الامر ، مما ادى بالدكتور
ميرزا ونتيجة غيرته وحرصه الشديد على حقوق ابناء جلدته ، ان يسطّر مقالة ، وانا اعتبرها اثمن مقالة ربما كتبت في العراق ( اذ انها عادلت منصب مستشار الرئيس ) ودعا فيها التحالف الكوردستاني الى معالجة هذا الخلل وازالة الغبن الواقع على الايزيدية ،( خاصة ان قادة التحالف الكوردستاني يعتبروهم في تصريحاتهم بانهم اصل الاكراد ) وفي حالة خلاف ذلك فيحق للايزيديين ان يتخذوا الموقف الذي يخدم مصالحهم ، ومن الجدير بالذكر انه اشار في المقالة الى انه يكتب كمواطن وليس انطلاقا من موقعه الوظيفي ! وبدلا من تفهم فحوى الرسالة المعبّرة عن ضمير الايزيديين فقد تحركت خفافيش الظلام ومن وراء الكواليس حزبيا وكوردستانيا واعتبروا ان ذلك بمثابتة دعوة " انقلاب " ربما سيؤدي ذلك الى العصف بكل " مكاسب " كوردستان !! وسرعان ما وضعت تلك القوى المتحركة في الظلام الخطة المحكمة " لتخليص " كوردستان الحبيبة من هذا الخطر الداهم ! فاوعزت الى ضرورة عزل هذا العدو والذي شبههوه بخطرانفلونزا الطيور!!
وقضوا على فرحة الايزيديين اليتيمة البائسة ، واصروا على ان لا تمتد فرحتهم حتى انتهاء ولاية الفقيه عفوا ولاية الرئيس . وربما كانت تلك القوى تنتظر من الدكتور ميرزا ان يعتذر عن مقالته كثمن لاصلاح الامر ، ولكنه ( ميرزا ) وقف وقفة المثقف المبدأي والرجل المدافع عن قناعاته الصحيحة والوقوف مع شعبه في محنته ، مضحيا بكل تلك المغريات التي لا يمكن ان تساوي شيئا بنظر الانسان الذي يحمل في نفسه قيم الخير وينتمي بحق الى شعبه .

وقد اثبتت الاحداث والوقائع صحة تقديرات السيد ميرزا الدنايي ، اذ ظهرت النتائج النهائية للقوائم الفائزة ، لتظهر انها بياض في بياض بالنسبة للايزيدية ، فبعدما كان لهم ( 3 ) نواب ، فقد سلبت اصواتهم واستغلت ايما استغلال !، وتركوا على قارعة الطريق يغنون ياليلي ياعين . وكأن لسان حال جماعة التحالف الكوردستاني يقول لهم : انصرفوا الى حال سبيلكم ، فنحن لا نحتاجكم بعد الان، فلا قيمة لكم ....


نعم خسر الدكتور ميرزا الوظيفة ـ المنصب ، ولكنه كسب احترام الناس وحبهم العميق له ، واثار اعجاب بسطاء الايزيديين وحماسهم ، وقدم للايزيديين وبكل شرائحهم المثل الايجابي الجيد عن المثقف الذي يمكن ان يضحي بالكثير من اجل مصلحة شعبه وقومه ، بخلاف التجارب السابقة الراعية للولائم و المحبطة للعزائم .



وفي نفس الوقت اضيفت تجربة جديدة وبرهانا واضحا على هزالة ديمقراطية الاحزاب والقيادات ، التي " تتطيّر " من مقالة بسيطة ، وتلجأ الى اسهل واسرع الحلول في الازاحات و التصفيــ....
كما كانت هذه التجربة درسا قاسيا وبليغا لكافة الايزيديين ، وفتحت اعينهم على من يتوجب عليهم مستقبلا ان يضعوا ثقتهم فيه .

حبنا واحترامنا لك دكتور ميرزا ، وانت في القلوب .


صبحي خدر حجو
المانيا ــــ 16 / 02 / 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس