الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يهدد المنافسين ويؤدب الخارجين عن الطاعة ..البترول سلاح روسي أيضا

إكرام يوسف

2006 / 2 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


منذ تفكك الاتحاد السوفيتي لم يمنع التحول الاقتصادي نحو الاقتصاد الرأسمالي روسيا من التطلع إلى الحفاظ على مكانة دولية وإقليمية مؤثرة كانت لها؛ الأمر الذي وضعها في أحيان كثيرة موضع المنافس المثير للقلق أمام الدول الفاعلة ذات الوضع المستقر تاريخيا سواء في قيادة العالم الغربي أو العالم كله. ولم تعدم روسيا الأسلحة التي تستخدمها بين حين وآخر لتكريس المكانة التي تطمح إليها.. ولعل من بين هذه الأسلحة، سلاح البترول الذي كان العرب أول من استخدموه بفعالية خلال حرب 1973. ولما كانت روسيا كما يعرف الجميع ثاني الدول المنتجة للبترول في العالم؛ فإن تحركاتها في هذه الساحة تبعث القلق لدى جميع اللاعبين بداية من الولايات المتحدة التي تستهلك جميع إنتاجها تقريبا من البترول ودول أوروبا وانتهاء بأعضاء منظمة أوبك. ومن ثم يرى المحللون أن روسيا تقف وراء أزمة النفط الحالية، سواء روسيا الدولة أم الشركات، أم تقاطع مصالح الطرفين.

قمة البترول

ووفقا لنظرية " قمة هوبرت" (التي تعرف أيضا باسم قمة بترول, وهى محل خلاف فيما يخص الإنتاج والاستهلاك طويل المدى للزيت وأنواع الوقود الحفرية
الأخرى. وتفترض أن مخزون البترول غير متجدد, وتتوقع أن إنتاج البترول المستقبلي في العالم يجب حتما أن يصل إلى قمة ثم ينحدر بعدها نظرا لاستمرار استنفاد مخزون الزيت) فقد لاحظ "إم. كينج هوبرت" أن الاكتشافات في الولايات المتحدة وصلت لقمة في الثلاثينيات من القرن العشرين, ومن ثم توقع وصول الإنتاج إلى قمته في السبعينيات من القرن العشرين؛ الأمر الذي اتضحت صحته. وبعد وصول الولايات المتحدة لقمة الإنتاج في عام 1971 – بدأت في فقدان السعة الإنتاجية – وقد استطاعت الأوبك وقتها الحفاظ على أسعار البترول مما أدى لأزمة الزيت عام 1973. ومنذ هذا الوقت وصلت مناطق عديدة لقممها الإنتاجية, مثل بحر الشمال في التسعينيات من القرن العشرين. وأكدت الصين أن اثنتين من أكبر مناطق الإنتاج لديها بدأت في التراجع, كما أعلنت الشركية القومية لإنتاج البترول بالمكسيك أن حقل "كانتاريل" يتوقع أن يصل لقمة إنتاجه عام 2006, ثم يكون معدل انحداره 14% سنويا. إلا أن روسيا لم تعلن بعد وصولها لقمة الإنتاج.. ولعل هذا ما يسمح لموسكو حتى الآن بهامش أكبر للمناورة.
وفي الشهر الماضي اتهمت روسيا حكومة أوكرانيا بسرقة ما قيمته 25 مليون دولار من صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا؛ وذلك بعد أن قررت موسكو قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا. وجاء الاتهام الروسي بعد أن أعلنت النمسا وسلوفاكيا انخفاض إمدادات الغاز القادمة إليها من روسيا عبر الأراضي الأوكرانية بنحو الثلث؛ وكانت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا بدأت عندما أعلنت شركة جازبروم الروسية المملوكة للدولة أنها سترفع سعر إمدادات الغاز من 50 دولارا إلى 230 دولارا لكل ألف متر مكعب. (والمعروف أن روسيا تمد أوكرانيا بنحو 30% من احتياجاتها من الغاز كما تمد دول غرب أوروبا بنحو 25% من احتياجاتها. الأمر الذي يعني وجود أوراق ضغط قوية في يد الدب الروسي مما دفع بأحد الباحثين للقول "عندما تدفأ روسيا يبرد الغرب"). ورغم أن الاحتجاج الأمريكي- الأوروبي على روسيا كان حادا؛ إلا أن الإنصاف يدفعنا إلى اعتبار ما قامت به روسيا حقا شرعيا لها. فقد قررت ـ وهذا حقها ـ التوقف عن تدليل أوكرانيا بعد تمردها على العلاقة الخاصة معها؛ وتعديل السعر التفضيلي الذي كانت تبيع به الغاز لأوكرانيا ليتساوى مع سعر السوق الغربي. فضلا عن حقها في منع أوكرانيا من سرقة الغاز الروسي المار في أراضيها. فموسكو لن تسمح بالطبع لأوكرانيا أن تسرق الغاز الروسي لتنفق على تجهيز نفسها للانضمام لحلف الأطلسي المعادي لموسكو.

تأديب وعبرة

فلا شك أن الرئيس بوتين يرى أن ما أسماه الغربيون " الثورة البرتقالية" في أوكرانيا كان بمثابة طعنة قوية موجهة لروسيا، يضاف إلى ذلك تسارع مساعي دول أوروبا الشرقية للانضمام إلى حلف الأطلسي، الأمر الذي يزيد من مخاوف دفع هذه الدول بين حين وآخر للتحرش بالدب الروسي ـ التي كانت يوما ما ضمن رعاياه ـ لإعاقة حركته نحو استعادة مكانة لائقة على الساحة الدولية.
ويرى الباحث الدكتور عادل سمارة أن "بوتين" اعتبر فصل الشتاء القارص الذي تظهر فيه أهمية النفط في أقصى صورها فرصة كي "يعرف المتهالكون على الغرب أن الغرب لا يقيم غائلة البرد؛ وأن الغرب خلق لكي يأخذ وليس كي يهب".
وهكذا؛ تراجع ضخ الغاز الروسي مؤخرا من 20-40 بالمائة وفق التقارير الصحفية، الأمر الذي أثر بالطبع على أوروبا الوسطى والشرقية بل وكل أوروبا. وبدورها أعلنت أوكرانيا أنها سوف تسرق الغاز الذاهب إلى أوروبا الغربية إذا ما وصلت درجة الحرارة نقطة التجمد.
وكانت تقارير أفادت مؤخرا تدهور الأوضاع الاقتصادية في أوكرانيا؛ بعد أن فاحت روائح فساد النظام الجديد الموالي للغرب؛ فجاءت الظروف مواتية للخطوة التأديبية الروسية ضد أوكرانيا بعدما تزامن انكشاف فساد النظام الجديد مع حلول فصل الشتاء القارص.
ويرى المراقبون أن معدل النمو المقبول الذي تشهده روسيا عندما يتزامن مع قدرتها على توجيه ضربة قوية لأوكرانيا المنشقة عنها، فإن هذا يحيي مناخاً قومياً في روسيا، ويزيد من حماسة المواطنين لدعم الدولة؛ وربما يعطي درسا أيضا للمهرولين إلى الارتماء في أحضان الأطلسي على حساب موسكو.
وجاءت المواقف الروسية لتوضح لكبار اللاعبين في أسواق النفط العالمية وخصوصا شركات البترول العالمية التي يشرف عليها ويشارك في ملكيتها عائلة بوش وعدد من المتنفذين في السياسات الأمريكية والغربية مثل كيسنجر ومارجريت تاتشر؛ أنهم لا يستطيعون أن يعولوا كثيرا على وهم سيطرتهم على نفط العالم بعد احتلال أفغانستان والعراق، مع وجود روسيا كمنافس مؤثر.
ويرى محللون أن الضغط الروسي، قد يرفع أسعار النفط مجدداً، أو على الأقل ستواصل الأسعار مستويات ارتفاعها الحالية ( خطوة روسيا تهدد برفع سعر الغاز في أوكرانيا بنسبة 400%) الأمر الذي سيرفع بدوره أسعار سلسلة من المنتجات مما يعني في التحليل ألأخير رفع تكلفة المعيشة على نطاق عالمي.

بديل لبترول الخليج

ويؤكد هذا التحليل ما جاء في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" البريطانية بقلم "إدوارد مورس" موضحا أن روسيا قادرة على أن تكون مصدر الطاقة القادم لكل من
الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا؛ بل وآسيا كبديل للبترول الخليجي.
وقال الكاتب أن على روسيا والدول السابقة التي كانت تنضوي تحت مظلة الاتحاد السوفييتي السابق مواصلة سياستها البترولية المتمثلة في زيادة حصتها البترولية على حساب دول الأوبك، بغض النظر عن العوامل الاقتصادية التي رأى أيضاً أنها ستلعب في صالح روسيا أكثر من المملكة السعودية صاحبة المركز الأول بين الدول المنتجة للبترول.
جدير بالذكر أن روسيا وقعت أيضا اتفاقا مع الصين يقضي بأن تورد موسكو 20 مليون طن من النفط سنويا إلى بكين عبر خط أنابيب يبدأ من إنجارسك بشرق سيبيريا بين عامي 2005 و2010. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أنه من المقرر زيادة الصادرات إلى 30 مليون طن سنويا بين عامي 2010 و2030 .
والمعروف أن الصين تستورد أكثر من 60% من استهلاكها من الطاقة من الشرق الأوسط، لكن وارداتها العام الماضي بلغت 1.45 مليون طن من النفط الخام بشكل مباشر من روسيا واستقبلت أغلبه عبر السكك الحديدية.
فروسيا دولة نفطية، وتملك احتياطيات غاز كبيرة، ومع أنها دولة تبحث عن استعادة دورها كدولة صناعية جبارة، أصبحت برأي محللي الاقتصاديات النفطية، مصدر التهديد لأوبك وأنها وسيلة التعويض عن مخاطر بترول منطقة الشرق الأوسط، سواء بالنسبة لأمريكا أو أوروبا أو آسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب