الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلسوف قصص قصيرة جدا

ناجح فليح الهيتي

2017 / 10 / 14
الادب والفن


الفيلسوف
خمس قصص قصيرة جداً
ناجح فليح الهيتي
الفيلسوف(1)
ذهبت إليه في الموعد المحدد بيننا في عطلة نهاية كل أسبوع ،حيث كان يسكن في غرفة خاصة في فندق في بداية رجوعه بعد إنهاء دراسته العليا في الخارج،طلبت من عامل الفندق أن يخبره أنني أنتظره في البهو،لأنه كان لا يقابل أحداً إلا حين يكون مرتدياً ملابسه التي كان يرتديها حين يذهب لإلقاء محاضراته في الكلية أو يكون خارج مكان إقامته،تلك عادة أكتسبها أيام دراسته العليا في جامعة كمبرح ،عاد العامل وأخبرني أنه سيأتي بعد قليل وغاب عني،انتظرته قليلاً لكنه لم يأت ،غادرت الفندق ،مشيت في الشارع ،أخذت أتطلع في واجهات المخازن المخصصة لبيع الملابس لأنني أردت شراء قميص لي ،وضع يده على كتفي وقال :لماذا لم تبق تنتظرني؟
قلت:اعتقدت أنك كنت تكتب مقالاً وأردتَ أن تنتهي من كتابتهٍ
قال:لم أكن كما اعتقدت
قلت:لماذا تأخرت؟!
قال: أرسلت بذلتي الوحيدة إلى المكوي أول أمس وحين جئت أرسلت العامل لإحضارها
قلت:أعتذر لما سببته لك من إشكالات ومتاعب
قال:لقد أخرجتني من سجني
قلت: هل أنت رهبن المحبسين في هذا الزمن؟
قال:نعم
قلت: حقا ًإنك شاعرً وفيلسوفً وظاهرة ليس لها مثيل
تبسم وأمسك بيدي ومشينا نكمل لقاءنا المعتاد كما كنا نفعل
الفيلسوف (2) دخل الفيلسوف غرفة رئيس أحد الأقسام في كلية الآداب محاولاً أن ينهي نزاعاً حدث بين رئيس القسم وأستاذٍ كان مدرساً لرئيس القسم في المدرسة الثانوية لأن الأستاذ أراد من رئيس القسم أن تكون جميع محاضراته في الأيام الثلاثة في بداية كل أسبوع وتكون الأيام الباقية عطلة له يسافر فيها إلى زوجته الأخرى في مسقط رأسه,لكن رئيس القسم رفض ذلك لأنه يشجع الأساتذة الآخرين أن يطلبوا مثل ذلك الطلب فحدث نزاع بينهما وتطور إلى شكايات رفعت إلى عمادة الكلية وإلى رئاسة الجامعة,قال الفيلسوف لرئيس القسم :دكتور أنكم أبناء مدينة واحدة,قاطعه رئيس القسم قبل أن يكمل ما أراد أن يقول ,وقال أستاذنا الكبير: إن عائلة الأستاذ رغم قدومها قبل مائة وخمسون سنة إلى المدينة لم ينتمِ أحدٌ منهم إلى مدينتناالعريقة ولم يخلص أحدٌ منهم لها أبداً,سكت الفيلسوف لأن ما قاله رئيس القسم حقيقة يعرفها الفيلسوف جيداً لأنه من أبناء المدينة ,فقام الفيلسوف وصافح رئيس القسم للخروج من الغرفة ,فقام رئيس القسم احتراما له ومشى خلفه مودعاً حتى باب الغرفة معتذراً للفيلسوف وشكره على حضوره.
الباقية عطلة له يسافر فيها إلى زوجته الأخرى في مسقط رأسه,لكن رئيس القسم رفض ذلك لأنه يشجع الأساتذة الآخرين أن يطلبوا مثل ذلك الطلب فحدث نزاع بينهما وتطور إلى شكايات رفعت إلى عمادة الكلية وإلى رئاسة الجامعة,قال الفيلسوف لرئيس القسم :دكتور أنكم أبناء مدينة واحدة,قاطعه رئيس القسم قبل أن يكمل ما أراد أن يقول ,وقال أستاذنا الكبير: إن عائلة الأستاذ رغم قدومها قبل مائة وخمسون سنة إلى المدينة لم ينتمِ أحدٌ منهم إلى مدينتناالعريقة ولم يخلص أحدٌ منهم لها أبداً,سكت الفيلسوف لأن ما قاله رئيس القسم حقيقة يعرفها الفيلسوف جيداً لأنه من أبناء المدينة ,فقام الفيلسوف وصافح رئيس القسم للخروج من الغرفة ,فقام رئيس القسم احتراما له ومشى خلفه مودعاً حتى باب الغرفة معتذراً للفيلسوف وشكره على حضوره.

الفيلسوف (3) أسـتأجر مدرس الإعدادية الذي كان الاول على على قسم الفلسفة في كلية الاداب بدفعته الاولى بدرجة إمتياز سيارة أجرة في المدينة التي تقع المدرسة الإعدادية فيها للذهاب إلى بيته في مدينة أخرى, دفع أجرة السيارة إلى السائق الذي كان يعرف كنيته,ركب المدرس في المقعد الأمامي وقال للطلاب الثلاثة الذين كانوا يريدون السفر إلى نفس المدينة أيضا:أركبوا في المقعد الخلفي,ركب الطلاب الثلاثة وتحركت السيارة وحين وصلت إلى الطريق الرئيسي زاد السائق من سرعة السيارة وأخذت تقطع الطريق بسرعة كبيرة ,التفت المدرس إلى السائق وقال: أريد أن أسألك سؤالا هل تسمح؟
قال السائق:أسأل أستاذ أسأل
قال المدرس: لماذا تلقب بالفاگس*
قال السائق: والله يا أستاذ( لم أشتغل شغله وأطلع فيها راس)*
قال المدرس:أنت تمارس سياقه السيارات منذ سنيّن
قال السائق : نعم لأني أهواها لذلك لم أتركها وأعمل في مهنة أخرى
قال المدرس :أنت الآن سائق ماهر وليس فاگس,فضحك السائق وشكر المدرس وأخذ يقود السيارة بحذر أكثر خوفاً أن يغير الأستاذ رأيه فيه ويقوم بإيجار سيارة غير السيارة التي يسوقها هو في المستقبل ...
هوامش
*1-الفاگس:لقب يطلق على المصائد التي تنصب لصيد الحيوانات والطيور لكنها حين تأتي الحيوانات والطيور وتقف عليها أو تدخل فيها يذهب نصبها لم تصدها على الرغم من انفلات ما نصب للامساك بما يراد صيده حين الوقوف عليه
*2-أي لم أمتهن مهنة من المهن وأنجح فيها
الفيلسوف (4)
لم يكن يوم محاضراته ولم يكن وقت انتهاء المحاضرات, كانت الساعة الواحدة ظهراً حين رأيته يدخل إلى بناية إدارة الجامعة هو وشخص كان معه,كنت أقف في الطابق الأرضي أتحدث مع بعض الطلبة,استأذنت من الطلبة وسارعت بالذهاب إليه قبل يصعد السلم قاصداً غرفتي,صافحته وسألته:ما الذي جاء بك في هذا الوقت ؟سحبني من يدي ومشى خطوات تاركاً من معه في مكانه بعد أن أستأذن منه
قال:جاء بي زميلي الذي معي
قلت أعرفه,أنه زميلك في الدراسة في جامعة كمبرج وتدريسياً في قسم الفلسفة في كلية اداب بغداد وسألته :ماذا يريد؟
قال:لديه بحث يريد نشره في وعلى هذا البحث يتوقف ترقيته الى درجة الأستاذية لأن مجلة كلية آداب بغداد قد اكتملت البحوث والمواد فيها وأرسلت إلى المطبعة وقد عرف أن مجلة كلية آداب المستنصرية لم تكتمل بحوثها وأن عميد الآداب في المستنصرية هو رئيس تحريرها وجئت معه لأنه طلب مني ذلك لأن أحد الزملاء في القسم أخبره ان عميد كلية آداب المستنصرية من مدينتي
قلت:لا تذهب ,سوف لم يوافق على نشر البحث حتى وإن كانت المجلة تحتاج إلى عشرات البحوث حتى تكتمل
قال:إني محرج أمام زميلي ولا بد من الذهاب
قلت: سوف ترى
ودعني وذهب مع زميله إلى عميد آداب المستنصرية وعاد بعد أقل من ساعة,قال:كان حدسك حقيقة وأضاف لم يوافق على نشر البحث وسألني عن السبب؟
قلت :إنه يعاني من مركبات نقص كثيرة وليس مركب نقص واحد ويشعر بالغيرة من الآخرين وإنه إمعة وأضفت لقد أطلق عليه الطلبة لقب كامل الأوصاف لأنه أعور وأعرج وأصلع إضافة إلى أمور أخرى ...
ضحك وقال:لقد نجح الطلبة بإطلاق أغنية عبد الحليم حافظ عليه بشكل مخالف للأغنية ...,ودعني وقال سأرك في وقت آخر قبل أن يذهب
الفيلسوف (5)
ذهبت اليه يوم 7نيسان لأني أعرف أن هذا اليوم سيكون يوم احتفالات وإن لم يكن عطلة رسمية وإن الدراسة ستتوقف في هذا اليوم لإجراء الاحتفالات ,لم أجده في غرفته في قسم الفلسفة,سألت أحد العمال العاملين في القسم عنه,قال لي موجود وأخذني وفتح باب قاعة صغيرة لإلقاء المحاضرات رأيته يجلس على المنصة يلقي محاضرة على طلاب لم يتجاوز عددهم أربعة طلاب,قام من على المنصة وصافحني وقال:أجلس مع طلبة الدكتوراه حتى انهي محاضرتي
قلت متعمداً:إن التدريس متوقف في هذا اليوم لأنه يوم احتفالات
فقام وقال للطلاب:سنكمل المحاضرة في وقت اخرر,قادني من يدي إلى غرفته في القسم وحين جلست معه قلت:تعمدت أن أقول إن اليوم يوم احتفالات حتى لا تكمل المحاضرة لأني خفت عليك لأنك الوحيد الذي يحاضر في هذا اليوم وأن الجميع يعرف أنك مناهض للسلطة في كتاباتك
وقد يفسر إلقاء المحاضرات في هذا اليوم أنك تجبر الطلاب على عدم المشاركة بالاحتفالات.
ضحك وقال:لم أنتبه إلى تاريخ هذا اليوم وأضاف حسناً فعلت ثم خرجنا من الكلية ومشينا مسافات طويلة ونحن نتحدث ثم تناولنا طعام الغذاء في مطعم أختاره هو ثم مشينا مسافات أخرى فودعته وذهبت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال