الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا منتصر في الحروب.. وفي السلم الحياة

محمد رياض حمزة

2017 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


وتغلبت صفتا الرعونة والحمق على الحكمة بين الحكومة المركزية في بغداد وبين قيادة الإقليم في أربيل. وقد يجهل الساسة أن تصلبهم الذي يقود إلى الحرب أنْ " لا مُنْتَصَرَ في الحروب.. فالكل خاسر".
إن من السذاجة مطالبة الكرد العراقيين بإلغاء الاستفتاء ونتائجه. فالاستفتاء حدث وأعلن الإقليم نتائجه التي جاءت بتأييد أكثر من 92% من الكرد بتأييد الإقليم بالانفصال عن العراق وقيام دولة مستقلة. ذلك إيمان الكرد وحلمهم. والكرد، شعبا وقادة، يعلمون علم اليقين أنهن لن يتمكنوا من الإنفصال عن العراق ولن يؤسسوا دولة في الأمد المنظور. وإنهم على دراية الآن أن تركيا وإيران لا ولن تقبلا بكيان كردي مستقل على جوار دولتيهما، وقد أعلنتا إنفصال الإقليم عن العراق يهدد أمنهما القومي.
إن الذي يمكن أن يُؤْخذَ على السيد مسعود البرزاني وعلى حكومة الإقليم الاندفاع والإصرار على إجراء الاستفتاء والتحدث عن المضي في تفعيل نتائجه لقيام الدولة. وهم يعلمون علم اليقين أن من المستحيل القاطع قيام كيان مستقل للكرد العراقيين ليس فقط لرفض بغداد وأنقرة وطهران وإنما لما يفرضه واقع الجغرافية السياسية. ليس الآن وحتى لأجل غير مسمى.
وكما أن من حق الكرد الاحتفاظ بنتائج الاستفتاء، فإن من حق الحكومة المركزية في بغداد عدم الاعتراف بالاستفتاء وبنتائجه بحجة مرجعية الدستور والحرص على وحدة العراق أرضا وشعبا عربا وكردا وتركمانا وعلى مختلف معتقداتهم الدينة والمذهبية.
وسؤال موجه إلى القادة الكرد في أربيل وقد تداركت الأحداث وساد التوتر خطوط التماس بين القوات المسلحة العراقية وبين قوات البيشمركة. وذكرت وسائل إعلام حدوث مناوشات بالمدفعية على مشارف كركوك وقبلها في طوز خرماتو. ألم يسمعوا بتصريح واضح صدر يوم الأحد 15 تشرين الأول عن وزارة الخارجية الأمريكية " يدعو بغداد واربيل للحوار. وأن تصعيد التوتر يؤثر سلبا على قتال داعش. وأكد التصريح على تأبيد الولايات المتحدة لوحدة العراق".
بل أن تصرف الإقليم بإجراء الاستفتاء ومن ثم إعلان نتائجه وتأكيد قادة الكرد على المضي بتنفيذ نتائجه كان هدف إسرائيل في دفع الإقليم للوضع الي يعيشه الآن وهو إشعال حرب مضاف في المنطقة.
أما هروب أكثر من ألف من مقاتلي داعش وتسليم أنفسهم للإقليم يؤكد أن أعدادا غيرهم وجدوا الأمن والأمان في الإقليم. والكرد جميعا يعلمون أن هؤلاء المجرمين قتلوا عراقيين أبرياء أو من القوات المسلحة. وحري بالإقليم تسليمهم للقضاء العراقي أسوة بالذين سلموا أنفسهم للقوات المسلحة العراقية.
إن الحكمة والعدل والإنسانية والتقدمية والديمقراطية والسلم .... وأي صفة تميز البشر يجب أن لا يغلب التصلب الأعمى على الحكمة. فإنْ تفاقم التوتر وتصاعد العنف ونشبت الحرب فستحترق كركوك وأربيل والمناطق المتنازع عليها وأي أرض تمتد لها النيران. وقبل هذا سيُقتل عراقيون كردا أو عربا. من العراقيين الفقراء ولن يمس أبناء الساسة أذى. فدائما وقود الحروب الفقراء.
الرجاء أن تغلب الحكمة على التصلب والحمق والعودة إلى الحوار. وأن لا يستنكف السيد مسعود البرزاني من قيادة الحوار بنفسه مع بغداد. ولابد من معرفة عدد من عناصر الاختلاف منها:
ــــــ لا يمكن بعد الآن دفع أي مبلغ مالي للإقليم إنْ أصر الإقليم بالسيطرة على الموارد المالية من صادرات النفط من أي منطقة في أي محافظة في شمال العراق فعائدية الثروات الطبيعية، ملكية وإدارة، للكومة المركزية في بغداد كما أقر الدستور.
ـــــــ عقود النفط المبرمة بين الإقليم والشركات الأجنبية يعاد النظر فيها لتقييم عدالتها ومدى فائدتها للعراق من قبل وزارة النفط العراقية لتتمكن الوزارة من دفع مستحقات الشركات وفق أسس جديدة.
ـــــــ يمكن أن تلتزم الحكومة المركزية بدفع رواتب منتسبي البيشمركه إنْ اعتبروا جزء من القوات المسلحة العراقية ويأتمرون بوزارة الدفاع. وكذلك الموظفين الحكوميين في الإقليم.
الفقرتان أعلاه قابلتان للنقاش بين المركز والإقليم.. أما وضع الإقليم ككيان شبه مستقل بدستور ورئيس وبرلمان ووزارات وصلاحيات يمارسها الإقليم كدولة، فإن وضع الإقليم كما هو عليه الآن يتناقض مع مفهوم الدولة الفدرالية وحتى الكونفدرالية. فالدول الفدرالية مرجعها دستور واحد وقوات مسلحة واحد وعملة واحدة ووزارات سيادية تحكم لمكوناتها الإدارية بما في ذلك المنافذ الحدودية كافة.
وبما أن الحكومة المركزية تريد أن تبسط سيطرتها على العراق الموحد الفدرالي فإن من الصعوبة أن يبقى الإقليم كما هو عليه حكومة وصلاحيات.
فقرات كُتِبت قبل تصاعد التوترات الأخيرة: بالعودة إلى ما قبل 25 أيلول 2017، أي قبل إجراء الكرد العراقيين استفتاءَهم. كان كل من تركيا وإيران تعتبران البرزاني رئيسا للإقليم. وصادرات النفط العراقي من كركوك ومن الحقول الأخرى متواصلة إلى ميناء جهان التركي. وبالشاحنات يتسلم الإقليم الغاز الإيراني والسلع المصنعة والمنتجات الزراعية والحيوانية من تركيا وإيران. تلك العلاقات التجارية والأمنية كانت متواصلة بعلم ومعرفة كل من انقرة وطهران ولم تتوقف ولن تتوقف، فالمصالح أقوى من المبادئ. كما تعلم أنقرة وطهران أن الإقليم مستقل فعلا دون أن يعلن ذلك، وإن الموارد المالية من النفط المصدر والرسوم التجارية تذهب حصرا لخزانة الإقليم. ولا يخفى على العاصمتين (علما أن المتضرر من تلك العلاقات بين أربيل وأنقرة وطهران هو العراق. ولعل الذي لا تدركه الحكومة المركزية في بغداد هو أن الرفض القاطع الإيراني والتركي لاستفتاء الإقليم أو انفصاله لا حبا بالعراق، حكومة وشعبا، وإنما لتثبيت مصالح. فالإقليم قبل إجراء الاستفتاء في 25 أيلول 2017 كان مستقلا ويرتبط بكل من إيران وتركيا بعلاقات نفطية وتجارية بقيمة مليارات الدولارات سنويا مصدرها النفط والتجارة السلعية.
جدير بالذكر أن قادة كرد العراق يراهنون على الوقت الذي يتقادم فيخفف من غضب بغداد وطهران وانقرة، وعلى ضخامة المصالح في علاقة الإقليم مع إيران وتركيا. إذ يقول المتحدثون الكرد "أن 1300 شركة تركية تعمل في الإقليم. وأن حجم التبادل التجاري ـــ النفطي بين الإقليم وتركيا يتجاوز 18 مليار دولار. وإن التبادل التجاري ــ النفطي بين الإقليم وإيران كبير جدا. والأمل يحدو القادة الكرد إلى العودة إلى قبل 25 أيلول في العلاقة بين الإقليم وكل من إيران وتركيا.
وبالعودة إلى موقف كل من إيران وتركيا من الإقليم. فإن للإقليم، في استفتائه، فَضْلٌ على أنقرة وطهران إذ كانتا بعيدتين عن التقارب سياسيا لتناقضهما حول عدد من القضايا الإقليمية. وتغيرت العلاقات بين البلدين بين عشية وضحاها. ففي 4 تشرين الأول 2017 قام الرئيس التركي أردوغان بزيارة لإيران حيث وأعلن مع الرئيس موقفا متطابقا معارضا لطموحات الكرد العراقيين في الانفصال وتأسيس كيان مستقل وهددا بإجراءات صارمة سياسيا واقتصاديا ضد الإقليم بالتنسيق مع الحكومة المركزية في العراق. تلك أهداف معلنة والزمن سيحكم على صدق وعودهما.
وبالقدر الذي تبديه الحكومة المركزية في بغداد من التصلب وسعيها للسيطرة على الإقليم وتجريده من مقومات تأسيس دولة يتسلم إدارة المنافذ الجوية والبرية مع تركيا وإيران وسورية. فإن ردود أفعال الإقليم متصلبة بقدر تصلب بغداد. فمسؤولون ومتحدثون من الكرد يؤكدون أن الإقليم ماضٍ بتنفيذ نتائج الإستفتاء بالإنفصال. وهم يعلمون أن الانفصال غير ممكن.
والغريب المضحك المبكي أن الطرفين يتذرعان بمرجعية الدستور العراقي في تناقضاتهم. هذا الدستور الذي "سُلقَ" في عهد حكم "بول بريمر" تضمن احكاما وبنودا قابلة للتفسير المزدوج. مما جعل كل جانب يتهم الجانب الآخر بخروجه على الدستور. يراهن البرزاني على الوقت والمصالح أن تركيا وإيران ستقبلان بعودة العلاقات النفطية والتجارية مع الإقليم كما كانت عليه قبل إجراء الإستفتاء، بوساطات يجريها أوروبيون وتجار متنفذون. عندئذٍ سيقبل بوساطات أخرى للحوار مع بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل