الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكونات الشعب العراقي والوحدة الوطنية

جاسم هداد

2006 / 2 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في الآونة الأخيرة كثر تداول مفاهيم " مكونات الشعب العراقي " و " الوحدة الوطنية " بين السياسيين العراقيين سواء كانوا نوابا أم وزراء او قياديين في احزاب سياسية ، وتناقلت وكالات الأنباء والصحف الورقية والألكترونية تصريحات لهذا الوزير او ذاك النائب ، ومع الأسف نجد تفسيرات مشوهة لمفهوم " الوحدة الوطنية " او " لمكونات الشعب العراقي " فنرى بعض هؤلاء يصرون وعن قصد مبيت على تعميق الأنقسام القومي الطائفي الذي أرساه النظام البعثي الفاشي والذي واصلت السير فيه الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمراتها التي عقدتها قبل غزو العراق .

نائب في مجلس النواب وله مكانة متميزة في كتلته الأنتخابية يختزل مكونات الشعب العراقي بـ " الشيعة ، السنة ، الأكراد " ، مرددا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية ، ومقدما لها خدمة مجانية ، وكأنه لا يعلم ويبدو انه لا يعلم ما فعلت هذه التقسيمات في الشعب اللبناني لأكثر من خمسة عشر عاما ولا تزال نذر شؤمها تهدد الشعب اللبناني .

ووزير في الحكومة الحالية يؤكد على انها " حكومة وحدة وطنية " ، طالما تضم في تشكيلتها " الشيعة والسنة والأكراد " ، ويطالب ان تكون الحكومة المقبلة على غرارها ، ولا ادري كيف يطلب منا هذا الوزير ان نعتبره وزيرا لكل العراقيين ، وهو يصرح علنا انه وزير في حكومة " شيعة وسنة وأكراد " أي حكومة طائفية قومية ، فأين موقع ابناء الديانات والقوميات الأخرى من الأعراب كما يقال ؟ ، ومن هو الوزير الذي يمثلهم ويرعى مصالحهم ؟ ، وأين قوى التيار الديمقراطي اليساري العلماني ؟ ، أليس هؤلاء عراقيين ولهم حق في هذا الوطن يقره الدستور العراقي الذي لم ينشف حبره بعد .

ان من يردد هكذا تشويهات يؤسس بقصد او بدون قصد لمرض سرطاني ، ويؤسس لدق أسافين وليس أسفين واحد في المجتمع العراقي ، بل يؤسس لتثبيت معاول تهديم للمجتمع العراقي ، وبدلا من ازالة التشويهات التي الحقها نظام البعث الفاشي طيلة فترة حكمه بالمجتمع العراقي ، نرى ان هؤلاء بتفسيراتهم المشوهة لمفهوم " مكونات الشعب العراقي " و " الوحدة الوطنية " يزيدون في تشويهات البعث الفاشي عمقا ويسيرون في دربه ، ويحققون احلام اعداء العراق وشعبه ، وعجبا انهم بتجارب الشعوب الأخرى لا يتعظون ، فهل هم لا يفهمون ؟ ام عن ذلك يتعامون .

صحيح جدا ان احدا لا يستطيع نكران قوميته او دينه او طائفته ، ولكن الخطأ يكمن عندما يجعل لها الأسبقية على عراقيته ، ويكون الولاء للطائفة او القومية بدل الولاء للعراق ، والكارثة الكبرى عندما يقول المواطن انا شيعي او سني او كردي بدلا من القول انا عراقي ، فغطاء العراق أشمل يلتحف به الجميع وغطاء الطائفة او القومية لا يكفي الا للطائفيين او القوميين .

ووزير الحكومة الحالية يعترض على مطالبة مجلس الأمن الداعية بتشكيل " حكومة وحدة وطنية " ويعتبر هذه المطالبة بـ " تدخل غير مبرر من جانب مجلس الأمن في شؤون العراق " ، والذي يثير الأستغراب ان هذا الوزير يقيم في المنطقة الخضراء المحمية بقوات الأحتلال " متعددة الجنسية " والمتواجدة بموافقة مجلس الأمن ، فكيف يكون وزيرا، ومن استوزره وهو ليس له علم بقرار مجلس الأمن الذي شرعن قوات الأحتلال وحولها الى قوات متعددة الجنسية ، وهي محط مراجعة من قبل مجلس الأمن سنويا ويتم التمديد لها بطلب من الحكومة العراقية التي هو وزير فيها ، الا يعلم وزير الحكومة الوطنية ان حكومته قدمت طلبا رسميا لمجلس الأمن لتمديد تواجد هذه القوات وبدون أخذ موافقة الجمعية الوطنية ؟ ، هل يعتقد هذا الوزير ان تصريحه لا يقرأه احد ، طالما هو لا يقرأ شيئا ؟ .

ان المأساة التي يمر بها العراق وشعب العراق بحاجة الى نواب يمثلون كل الشعب العراقي ، وينطقون بأسمه ويدافعون عن مصالح كل عراقي ، وبحاجة الى وزير يكون وزيرا لكل العراقيين وليس وزيرا لقومية معينة او طائفة معينة ، ويقوم بخدمة كل عراقي مهما كانت قوميته او دينه او طائفته ، وزيرا يجعل ضميره نصب عينيه ، وليس الحزب الذي رشحه لهذا المقعد الوزاري ، فلعنة التاريخ ستلاحق كل من يكرس النعرات الطائفية والقومية في مجتمعنا العراقي ، ومن يزيده تمزيقا ويشارك في تعميق جراحه في الوقت الذي هو بأمس الحاجة لتضميد هذه الجراح .

فلله درك يا عراق ويا شعب العراق ، فمثل هؤلاء الوزراء وهؤلاء النواب لا يرعون لك مصلحة ، ولا تتوفر لديهم الأهلية لتضميد جراحك النازفة .
18 شباط 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟