الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البارزاني .. الزعامة القبلية في مواجهة الضاغط الديمقراطي

جعفر المظفر

2017 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


البارزاني .. الزعامة القبلية في مواجهة الضاغط الديمقراطي
جعفر المظفر
كنت أبحث في كومة القش السياسي الدولي والإقليمي عن الإبرة التي راهن البارزاني عليها حينما إتخذ قرار الإنفصال فلم أجدها. لقد كتبت حينها أقول أن قرار الإستفتاء كان بمثابة هروب من الضاغط الديمقراطي الكردي الذي صار صعبا تحقيق مستحقاته دون تغيير فعلي ينال من خطاب الحكم القبلي المتوارث الذي وصل بفضله البارزاني إلى سدة الحكم.
هل تتذكرون حروب المالكي من أجل الحصول على الولاية الثالثة التي مكنت داعش من إحتلال ثلث العراق. البارزاني الذي كان خصما للمالكي حينها وقع في نفس المأزق. لقد إستهلك الخطاب القبلي نفسه وحينها كان لا بد من العثور على مخرج لتعطيل مستحقات الضاغط الديمقراطي الكردي فلم يجد أفضل من تأجيج الشعور القومي وتعبئته حول مشروع الإستقلال.
لم تنقص معركة البارزاني مشاهد الكوميديا السوداء, فالرجل الذي راح يقود معركته ضد خصمه الكردي لم يجد صعوبة في نقل المعركة إلى ساحة المواجهة القومية مع عدو عراقي وهمي كان إخترعه.
تحت عباءة معركته القومية لتحقيق الحلم الكردي بالإنفصال عن العراق كانت هناك معركة حقيقية بين خطاب قبلي موروث مكن رجاله البارزانيون الإستيلاء على أهم مفاصل السلطة الكردستانية وبين قوى كردية وضعت الديمقراطية في يدها شرعية التغيير الذي يفتح الساحة الكردية لطي صفحة الخطاب الماضوي القائم على نفوذ وسلطة العشيرة البارزانية.
لكن هذا الصراع الملتهب لم يعد بالإمكان حصره كاملا في ساحة المواجهة بين الضاغط الديمقراطي الإجتماعي السياسي وبين مؤسسة حكم وطنية واحدة متجانسة. أيضا على الجبهة الأخرى كان نفوذ العائلة الطالبانية يقف على رأس معركة تاريخية بين أكراد السليمانية وأكراد أربيل الذين تترأسهم القبيلة البارزانية.
هذا الأمر جعل الصراع في النهاية محكوما بالمواجهة بين نفوذ العائلتين معيدا إلى الأذهان صورة المعركة التي حدثت في منتصف التسعينات من القرن الماضي بين أكراد الطالباني, أي أكراد السليمانية, من جهة وأكراد البارزاني, اي اكراد أربيل على الجهة الأخرى.
لكن ثمة تغيير مهم كان طرأ على المشهد السياسي. في المعركة التسعينية بين السليمانية وأربيل إستنجد مسعود البارزاني بعدو الأكراد المفترض صدام حسين من أجل مساعدته على إيقاف زحف خصمه الذي صار على أبواب مقره في أربيل, ولم يكن صعبا حينها على الطالبانيين ومقاتلي سليمانية إتهام خصمهم الأربيلي بالعمالة لعدوهم القومي المفترض صدام حسين. في المعركة الأخيرة لإسترداد كركوك وبقية الأراضي التي كان أتفق على تسميتها بالأراضي المتنازع عليها لم يكن صعبا هذه المرة على أكراد البارزاني إتهام الطالبانيين بتهمة التعاون مع العدو القومي المفترض المتمثل برئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي.
ويظل العامل الإقتصادي عاملا حاسما في تفعيل الصراع. إن الأزمة مع بغداد وتدهور أسعار النفط إضافة إلى الفساد الذي ضرب أطنابه وتناوبت عليه رجالات السلطة الأربيلية بشكل رئيسي كان خلق أزمة إقتصادية حقيقية أمكن بوضوح مشاهدة تأثيراتها المتسارعة على الصعيد الإجتماعي العام. لقد حاول البارزاني أن يعوض عملية الإفقار تلك بالإستيلاء على أبار النفط في كركوك, وإستخدام وارد تهريب النفط العراقي لتغذية ماكنة الحكم الأربيلية بشكل اساسي.
هذا الأمر كان رتب جبهة الأعداء والحلفاء بشكل مثير وخطير. على السطح كان يمكن رؤية خصمين يقفان في مواجهة بعضهما, خصم كردي يقوده البارزاني بعلم تتوسطه الشمس الكردية وخصم عراقي يقوده العبادي بعلم تتوسطه جملة الله أكبر. لكن تحت ذلك السطح مباشرة كان الجانب الكردي نفسه يخوض صراعا حادا بين أنصار سليمانية بقيادة الطالبانيين وأنصار أربيل بقيادة البارزاني, وكان (بافل الطالباني) قائد بيشمركة السليمانية ووريث أبيه في زعامة الإتحاد الوطني الكرستاني قد وقع مع الدكتور حيدر العبادي في السر وقبل يومين من الإنسحاب الكبير وثيقة كسر ظهر مسعود الذي تحول بين ليلة وضحاها من قائد للحلم القومي الكردي إلى قائد للخيبة البارزانية.
بإمكان الزعيم السياسي أن يخسر معاركه الصغيرة ويبقى على سدة الحكم, لكن حينما تجبر مستحقات الإستمرار في السلطة الزعيم لتفخيم معركته فإن تكلف الخسائر ستكون كبيرة.
وربما يكون بوسع البارزاني أن يؤخر الإعلان عن سقوطه القانوني غير ان السقوط السياسي الكبير سرعان ما سيفرض مستحقاته.
أما التاريخ فسرعان ما سيغلق صفحة من خسر ويفتح صفحة أخرى لمن إنتصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المظفر الكريم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 10 / 19 - 21:48 )
تحية طيبة
جرب ان غرزها في قطعة قماش فنذت تلك الابره...فأنتشى
فبدأ بحفر الجدار الصخري بها فتكسرت
تلفت يمينا و شمالاً فشاهد من يراقبه و ينتظر ان يرى البوابة الكبيرة التي وعدهم بها تلك التي تطل على الجنة...و خوفاً من الفشل استمر حتى بدأت اصابعه تقطر دماً بعد ان تكسرت الابرة...و استمر هكذا حتى حل الليل ...فهرب يداوي نفسه و يشحذ همته من جديد فخرج كما خرج العرب في 1967 و اعلن عن مؤامرة و خيانة و انها نكسة .
....................
لكم تمام العافية


2 - الأستاذ الكريم عبد الرضا حمد جاسم
جعفر المظفر ( 2017 / 10 / 20 - 20:50 )
تحياتي أولا والشكر الكبير لتوقفاتكم النبيلة ولمداخلاتكم الثمينة
خطاب النكسة والهزيمة هو خطاب مشترك بين العرب والأكراد
ها هو البارزاني لا يجد أمامه غير نظرية المؤامرة طريقة لتصريف الهزيمة
أما مواجهة المشاكل البينية بينه وبين خصومه الكرد أو حلفائه في النظام السياسي العراقي الذين اصبحوا اضدادا فيجري تهريبها عن طريق إشعال معارك تحمل من الروح الأناشيدية ما يجعلها تضيع الفرصة على كل محاولة جدية للمراجعة والتراجع عن الأخطاء
تحياتي اخي العزيز الأستاذ عبدالرضا

اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام