الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسلمة ومعارك الصراع الأيديولوجي بين الفكر الحداثي والتقليدي

كرم خليل

2017 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


هناك رسائل و رسائل مضادة مباشرة حينا وغير مباشرة أحيانا أخرى, يتداخل فيها السياسي بالديني والمذهبي. لكنها رسائل محملة بالجمرة الخبيثة, وستخلق شروخاً بين شعوب المنطقة يصعب ردمها, ناهيكم عن كونها تغيب الحديث في التنمية والحريات الأساسية وتهمش مفهوم الكرامة الإنسانية وحقوق الناس, وتغتال عظمة اسلام رفض الاكراه في الدين والمذهب, وتجعل من تفاصيل الفقه القرون وسطي منهج حياة. لم يعطنا التاريخ حتى اليوم مثلاً وأحداً لمذهب أو ايديولوجية تتضمن الردود على التحديات المجتمعية الكبرى. من سوء طالعنا وبؤس أوضاعنا, إن الحوار السائد والصراعات المعلنة نخبوية سلفاً. والبعد الديني لها يدخلها في عالم المقدس والمدنس, الحرام والحلال, الفكر والايمان. وبالتالي فهو يضع قطاعات واسعة خارج نطاق القدرة على التدخل. فمن أنت لتنتقد أية الله محمد علي تسخيري؟ وأن كان فهمي هويدي قد طعن في رأيه عندما انتقد الشيخ القرضاوي, فهل سيسمع أحد لما يقوله نادر فرجاني مثلاً؟ الم تصبح الهالة المحيطة ببعض رجال الدين من القوة بحيث نسمع فتوة بالقتل للعاملين في الفضائيات الفاسدة,؟ فنتجنب اصدار بيان استنكار لها, وننتظر ضابطاً سابقاً في الجيش الإسرائيلي لينقل عبر (ميمري) رأي رجل دين سوري من جزيرة العرب بضرورة قتل ميكي موس والفئران الممقوتة والمفسدة؟
من المؤسف أن تتراجع السياسة ويغيب مفهوم الحوار. وان يتراجع الفكر الديني لصالح خطاب اصولي منغلق على نفسه. لشحن مذهبي عاجز عن التجاوز, وتدخلات تشيد سور الصين بين الفرق والآراء الإسلامية, وتحدد قدرة المسلمين على تجديد المدارس الفقهية أو إعادة اكتشافها بشكل نقدي.
ما معنى ان يصل الأمر أحياناً إلى حد الاستباحة الثقافية والفكرية الرمزية لدم المذهب الأخرى. يجري التعبير عن ذلك في التفوق الذاتي أولاً, والتنقيب المجهري للامساك بمثلب او غلو أو انزياح عن الصراط المستقيم عند هذا او ذاك.
من لطف الله بالبشر, إن الأمثلة التي انتقل فيها الصراع المذهبي إلى صراع دموي قليلة. وعندما حدث ذلك, والشاهد العراقي أمام الاعين, لم ينتصر أحد على أحد. أي كانت الهزيمة جماعية.
لن نتوقف طويلاً في التعرض لقضايا تسيطر فيها الدولة على رجال الدين. لكن من حقنا أن نقول للسنة والشيعة وغيرهم اننا نعلم علم اليقين بأن الآراء والفتاوى ليست بريئة من المكان والزمان والمحيط.
نعلم أيضاً انها تخضع عادة لضغوط الحاكم أكثر منها لاحتياجات المحكوم. وان كنا بالأساس مطعون بتدخلنا وبرأينا في منطق الحق والباطل من وجهة النظر المذهبية, فمن حقنا التطرق لموضوع جوهري أسمه حدود وقيود حرية التعبير والاعتقاد في العالم الإسلامي اليوم.
هل يقبل عالم علامة كبير في المذاهب الخمسة ان يفتح باب الاجتهاد لمذهب ينطلق من الأصول واحتياجات المسلمين في هذا العصر, رغم انهم جميعهم يعتبرون الاجتهاد من أسس الإسلام: سواء المادة الثانية من الدستور الإيراني أو فتاوى كبار علماء المسلمين السنة؟ ذلك رغم ان القطاع الأكبر يقول انه يحترم الاختلاف المذهبي كما هو حال المقطع الثاني من المادة 12 من الدستور الإيراني.
كرم الإسلام الانسان ومنع الاكراه في المعتقد, ومع هذا يسود العالم الإسلامي منهج التلقي والطاعة, ويتمتع الراهب بالقداسة في دين لا رهبنة فيه؟ وتسود حالة ذهنية يصفها الصديق منصف المرزوقي بقوله: "علم الشيخ هو بالضرورة حقائق من النوع الذي يردده الوعاظ والفقهاء منذ قرون, سواء حصل ذلك في المساجد الريفية او من اعلى منبر قنوات والبرامج الدينية المتكاثرة هذه الأيام.. "حقائق" لم تمنع امتنا, لا من الانحطاط الأخلاقي ولا من التخلف الفكري ولا من التوحش السياسي.. معطيات لا يرقى لها الشك يسوقها لنا الشيخ العالم بكل ما يملك من طلاقة اللسان وقوة الحجة ليعلمنا كل ما يجب علينا معرفته من شؤون ديننا ودنيانا. لا غرابة الا يسال الشيخ ابداً ونادراً ما يتساءل. كيف يسأل وهو من يعرف كل الردود ومهمته تقتصر على انارة الجهال والتائهين لأنه خلافاً لهم جاهلاً أو تائهاً, وكيف يكون تائهاً أو حائراً وهو البوصلة التي تشير الى اتجاه الجنة. خاصية مهمة أخرى لمنهج الشيخ: مواقف وتصرفات المتلقي اكان المحاور او المستمع.
فكل ما في هذه التصرفات يوحي بالتسليم لصاحب السطوة. لا مكان هنا للمشاكسة, للمعاكسة, للتشكيك, للجدل. فالمواقف مبنية على الانصات والاستيعاب ومحاولة الفهم لان الخطأ ليس من عجز الأستاذ عن التبليغ وانما دوماً نتيجة البلادة الفطرية التي هي فينا.
هذا هو عالم السمع والطاعة لاولياء الامر منا الذين قادونا طوال قرون طويلة على طريق الحرية وجعلوا منا فعلاً خير امة أخرجت للناس". ثقافة التلقي والارضاء تخلق بيئة مستعدة لخوض كل المعارك المسطحة وكل الحروب غير المجدية التي لا ينتصر فيها أي طرف. يتملكنا الخوف على الذات والخوف من الذات وخوف من الاخر. وكنا هور كهايمر بيننا عندما تناول وظيفة اللاهوت والدين: " كان للعلوم الدينية وظيفة تسمح, بدون وجود بوليس كلي القدرة وجيد التدرب, باحترام الانسان للإنسان, على الأقل في نفس المجتمع, كذلك عدم ارتكاب الجرائم. لقد كان للإيمان بالسماء والنار وظيفة اجتماعية كبرى, ما دام اغلب الناس من المؤمنين, فهم يتجنبون الشر لوجود عدالة اعلى. في الفترة المضطربة التي نعيشها, ثمة فقدان لهذا الوظيفة بشكل مطرد مثير للمخاوف". ليس من شك, في ان غياب مصر السياسية قد ترك بصماته واضحة في غياب هيبة مصر الازهرية. وان الفراغ الاستراتيجي السعودي قد اضعف المكانة الرمزية لأهل السنة, لكننا اليوم أمام معضلات سياسية وغياب استراتيجي للدولتين أولاً وأخيراً, وليس للبعد المذهبي قيمة تذكر في تقييم الوضع الإقليمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة