الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاقد الشئ لا يعطيه

مالوم ابو رغيف

2006 / 2 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل تستطيع الاحزاب والقوى السياسية الحالية بناء الديمقراطية ودولة حقوق الانسان وهي على حالها هذه، نسخة تشابه اصل انظمتها في الدكتاتورية وسيطرة الرئيس او السكرتير او الرجل الاول في الحزب او المنظمة.؟
كيف لمن لا يمارس الديمقراطية في الحياة الحزبية الداخلية ان يدعوا الى بناء الديمقراطية والاقتناع بحرية اختيارات الانسان والاستجابة لها وهو لا يقتنع بالتغير ولا بالتجديد ولا يلاحظ الفروقات الكبيرة على مستوى التفكير الذي يفرضه التطور الحاصل في الوعي الاجتماعي والمادي والديالكتكي بين الواقع والهدف.؟ فكم من رؤساء احزاب قد تغيروا وبدلوا او استقالوا نتيجة فشل في الحملة الانتخابية او اتهام سياسي عابر، او فضيحة صغيرة، كتشغيل عامل لا يملك اقامة شرعية او امتلاك شركة ما اظافة الى مركزه الوظيفي البرلماني. اما عندنا، فالامر كما هو عليه، وجوه لا تتبدل ولا تتغير، ولا تغيب عن مشهد الحدث، رغم كثرة الفضائح وكثرة الاتهامات، وكثرة السرقات، و وسرعة الثراء ومصادرة المال العام.
فاذا كان زمن الهيمنة الشمولية من قبل فرد او حزب او مجموعة او كيان على السطلة قد ولى وانتهى ولم تعد الناس مقتنعة حتى وان اجبرت على النفاق، فان مجموع الاحزاب التي يترأسها رجال شبه ازليون، هو تعبير ايضا عن روح الحياة الشمولية والخوف من التغيير، وهو تجسيد غير مباشر لسيطرة الفرد الاوحد، حسب موقع الحزب في السلطة، على الحياة الاجتماعية والحزبية والدينية.
الاحزاب العراقية مثلها مثل جميع الاحزاب الشرق اوسطية، باغلبها احزاب تقليدية، لا تمارس الديمقراطية الحقيقة في داخلها ولا تتفهم ميول ورغبات حتى اعضائها ناهيك عن الشعب بشكل عام، وتقف عاجزة امام متطلبات العصر الجديد الذي غدا فيه مطلب الديمقراطية من اولى المطالب الرئيسة حتى قبل الخبز، فالانسان لا يحيى بالخبز وحدة، كما يحاول البعض اياهم الناس، بان متطلبات الحياة تقتصرعلى توفير الكهرباء والماء والخبز، كلام حق يراد به باطل، فالناس ليس بقطعان من الاغنام يرمى لها العلف وتنظف زرائبها بين فترة واخرى فتقتنع وتدعوا الى الله ان يطيل عمر الطاعم الكاسي.
وتكريس لحالة سيطرة الافراد المتنفذين، المسيطرين على مقدرات احزابهم،او عشائرهم جاء مقترح اهل الحل والعقد، لاعطاء هذه السيطرة شكلا شرعيا وقوة قانونية الاصل فيها الوجاهة، والمركز العشائري والقبائلي، والتحكم الفردي ومراعاة المصالح الانانية الضيقة قبل اي اتفاق، رشوة مبطنة لما يسمى بالاعيان وطفيلي الاقتصاد و توزيع طائفي بغيض يعمل على شراء مراكز النفوذ وليس تطمين مصالح الناس، وهو حل يناسب التطلعات الامريكية التي درجت ليس اطفاء النار بل دفنها تحت الرماد والتخفيف من شدة التهابها سيكون لها ضرام عند هبوب اي عاصفة خلاف طائفي او مذهبي.
فهل يمكننا تصور من يدعوا الى بناء دولة حقوق الانسان، والديمقراطية ان يدعوا الى مجالس تبنى على النمط العشائري المتخلف، على اسس الانصياع لرغائب حفنة من ما يسمى بالحكماء او العقلاء او مجالس الشورى.؟
كما ان من الصعب التصور بان الاحزاب الدينية او تلك التي تدعي تمثيل طوائفها، احزاب قادرة على التعامل بروح عصرية، متطورة، مستندة على قوانين وانظمة انسانية، علمانية، تنظر الى الانسان بصفته قيمة وكرامة لا يمكن المساس بها، مهما كان ميوله واتجاهاته الفكرية او الدينية. فهل حقا ان هناك صراع بين الطبقات الفقيرة مهما كانت انتمائاتها او بين العامل الكردي او السني او الشيعي او المسيحي او اي عامل اخر بينما الظروف التي يعيشونها هي نفس الظروف المعاشية المزرية بشكل عام؟ هل يمكن لنا تصور ان هذه الطبقات التي تعيش تحت خط الفقر تتناحر بعضها مع البعض الاخر من اجل تحسين مدخولاتها وظروف حياتها، بينما قادة الاحزاب ومعارفهم واقاربهم وحاشياتهم تعيش حياة مترفة مرفهه، رواتب عالية جدا، وحمايات شخصية باهظة الثمن، وقصور وفلل، تغرف بالاموال من دون حسيب ولا رقيب ثم تدعوا الى عدالة التوزيع وتتسائل باستغراب اين اموال البترول بنينما افوهها تنانير موقدة تلتهم الاخضر والاصفر والاسود لكنها على تكاليفها الباهظة غير صالحة لانتاج ارغفة الخبز.!
يبدوا اننا في مرحلة جيدة، مرحلة لا تختلف عن ما سميت بالويا جركا الافغانية، يجتمع فيها رجال الدين، ورجال العشائر، اي ما يسمون انفسهم بالشيوخ، والاغنياء، ومالكي الاحزاب وبعض العسكر المنقسم وفق نسب المحاصصة، للصراع على الغنائم وتوزيعها على شكل حقائب وزراية ومناصب ادارية تبتلع اكثر مما تنتج. ولا يمكن تخطي هاذا النظام المسمى تزويقا وتجميلا مرة بالوفاق الوطني او الاتفاق الوطني او الشراكة الوطنية او الوحدة الوطنية. قد يكون اتفاقا او وفقا او مشاركة او اي اسم اخر، الا ان يكون وطنيا، اذا ما قصد بالوطنية الناس ومصالحهم، فهؤلاء اخر من يُعطة بالا واهتماما، واخر من يأكل، واول من يموت.
الاحزاب التقليدية بشكلها الحالي فشلت فشلا ذريعا على كل الاصعدة، ولم تعد تعبر عما مصالح اافرادها بقدر ما تعبر عن مصالح قادتها الذين سيسارعون الى الجلوس الى المائدة لاحتلال موقع الصدارة حتى وان لم يُدعى اليها من يحرصون على تمثيله، وحتى لو لم يكن المكان في الصدارة، فانهم سيتننعون بالاخير اذا ما ظُمن لهم ان بطونهم ستمتلأ الى حد التخمة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تبدو النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات العامة البري


.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز تصريحات وزير المالية الإسرائيلي سموت




.. بايدن يعترف: لقد أخفقت في المناظرة وكنت متوترا جدا وقضيت ليل


.. استطلاعات رأي: -العمال- يفوز في الانتخابات البريطانية ويخرج




.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح