الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الفاشية الجديدة والتمييز العنصري

محيي الدين محروس

2017 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


للأسف، يُلاحظ انتشار ظاهرة الفاشية الجديدة والتمييز العنصري في العديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول. فما هي أسبابها؟ وبماذا تتمثل؟ وكيف يتم الصدي لها؟
تقوم الأحزاب اليمينية وتنظيمات أخرى تتصف بالتعصب القومي والديني والكره للآخر، باستغلال ما يُسمونه أزمة اللاجئين ( وخاصةً من سوريا)، والقيام بعمليات إرهابية في تلك الدول من أشخاص موالين لداعش، وبأن ذلك يشكل خطراً على الأمن القومي. كما تقف هذه التنظيمات ضد استقبال اللاجئين والمهاجرين وخاصةً من الدول العربية والأفريقية، بحجة "البعد الحضاري و الثقافي"، وعدم إمكانية اندماجهم في هذه المجتمعات، والخوف من " أسلمة أوروبا"! أي ما نسميه ظاهرة " الإسلاموفوبيا"!
فما هي صحة هذه الادعاءات؟
بصورة عامة تُعاني كل دولة من الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى وضع الحلول. فتقوم هذه التنظيمات من خلال خطاب شعبوي بتوجيه الأنظار إلى مسائل أخرى، كما ورد سابقاً، وفي محاولةٍ منها للانقضاض على السلطة السياسية! وتُعلن بانها ستتصدى لهذا "الخطر القادم"،من خلال التخويف من "الإسلام" و "العرب" و السود" أي نشر الفاشية الجديدة والتمييز العنصري.
من المفيد التذكير هنا:
- بأن مَن مول َوسلحَ ودربَ قيادات القاعدة هي المخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان ضد التواجد السوفياتي. وبعد خروج السوفيات من أفغانستان ومحاولة إقامة القاعدة دولتهم الإسلامية، وقفت ضد مشروعهم. وعندها تحول التنظيم إلى العمل الإرهابي في مختلف الدول!
- كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية، بتعليمهم لتشكيل التنظيم على أساس " الشبكة العنكبوتية" – Network- وهذا البناء يعني: اكتشاف خلية، لا يؤثر سلباً على بقية الخلايا.
- تنظيم الدولة الإسلامية – كتنظيم وليس كفكر سلفي وهابي ـ نشأ في العراق على خلفية الاحتلال الأمريكي، وما ارتكبته من أخطاء فادحة في حل الجيش العراقي، وتسليم السلطة على أساس المحاصصة وغيرها من الأخطاء.
- انتشار داعش وسيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا كان بمعرفة وبضوء أخضر من حلف الناتو وخاصةً تركيا، التي سهلت مرور العديد من الإرهابيين من أوروبا إلى سوريا عبر حدودها!
- عدم إيجاد حل سياسي للمأساة السورية لسنوات من قبل الدول الفاعلة و المؤثرة، أدى إلى لجوء ملايين السوريين إلى دول الجوار ودول العالم. عدا عن ذلك يمكن تلخيص أسباب الهجرة:
- هرباً من قصف النظام لمدنهم وقراهم
- هرباً من سيطرة المنظمات الإرهابية على مناطقهم وما يتم فيها من إرهاب ومجازر
- هرباً من إجبارهم على الخدمة في جيش النظام الذي يُمارس قتل شعبه
- هرباً من إجبارهم على الانضمام للمنظمات الإرهابية
- هربا من الاعتقال الذي يعني التعذيب الوحشي، والذي يصل للقتل في الكثير من الأحيان!
- بالإضافة إلى ذلك: بعد اللجوء إلى دول الجوار والعيش بظروف قاسية، تفتقر إلى أساسيات مقومات الحياة من ماءٍ وغذاءٍ ودواءٍ وعدم التدفئة شتاءً، عدم متابعة تعليم الأطفال.... كل هذا أدى إلى متابعة تغيير مناطق اللجوء من الدول المجاورة إلى الدول الأوروبية ودول العالم هذه متابعة اللجوء وليست هجرة بالمعنى القانوني.

بخصوص تهديد" الأمن القومي"، ما يتم من جرائم قتل وحالات اغتصاب في هذه الدول أكثر بكثير من بعض العمليات الإرهابية التي يقوم بمعظمها، الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين، وليس من قبل اللاجئين السوريين! وتبقى حالات نادرة، مقارنةً بالجرائم الأخرى. هنا يقوم الإعلام بدوره في الانتقائية للخبر ونشره على نطاق واسع، طالما القائم به هو مسلم أوعربي أو إفريقي!

السوريون هم أكثر الناس سرعةً في الاندماج بالمجتمعات الجديدة، كون سوريا متعددة الثقافات والحضارات من آلاف السنين. ولكون معظمهم متعلم ومثقف وأصحاب مهن حرفية عديدة. وهذا ما تشهد عليه الوقائع في هذه البلدان... حيث نستمع عن إبداعات وتفوق السوريين في أوروبا وغيرها من الدول.

مسألة الإسلاموفوبيا، تحتاج إلى بحث مُنفرد، ولكن باختصار:
كما نعرف بأن الإسلاموفوبيا هو الخوف غير المشروع والغير مُبرر من المسلمين والإسلام.
وبغض النظر عن هل هذا التخوف عن جهلٍ أو لسببٍ واعٍ، فإنه ينشر الكراهية و الازدراء للإنسان بناءً على انتمائه الديني، وهذا بحد ذاته شكل من أشكال العنصرية!
مع أهمية التذكير بأن الإسلام فيه مذاهب وطوائف، ومدارس فكرية مختلفة. من هنا، لا يجوز وضعهم كلهم في كيس واحد ..و التنديد بهم، وبدينهم! بينما من الضروري التنديد بكل التنظيمات السياسية- الدينية – المسلحة التي تقوم بالعمليات الإرهابية. أي التي تستغل الدين لمصالحها السلطوية.
كما علينا التمييز بين الإسلام كدين وبين الإسلام السياسي، الذي يسعى لإقامة الدولة الدينية الإسلامية حسب رؤيتهم وتصوراتهم، وهذا يُخالف مفاهيم الدولة لعَلمانية ودولة المواطنة والديمقراطية.

التصدي للظاهرة:
تقوم العديد من المنظمات المدنية و الأحزاب السياسية الديمقراطية في التصدي لهذه الظاهرة من خلال نشر أخطار انتشارها في المجتمع، مع حملة تثقيفية حول أهمية التمييز بين اللاجيء و المُهاجر، والموقف الإنساني لتقديم يد المساعدة لهذا اللاجيء الهارب من الموت! ويقوم بعض رجال الدين المسيحي بنش أفكار التسامح والمحبة للإنسان.
كما تقوم الجاليات العربية و الإسلامية وخاصةً الجاليات السورية بنشاطات عديدة سياسية واجتماعية ومدنية وفنية، لإظهار وجه السوريين الحضاري والإنساني.
ويبقى الحل الجذري لمعالجة الإرهاب واللجوء يكمن في إيجاد الحل السياسي الوطني للمأساة السورية. وهذا يحتاج بالإضافة إلى الجهود السورية، جهود جادة من الدول الفاعلة والمؤثرة في سوريا.
من هنا،يوجد تقاطع مصالح بين سوريا وبقية دول العالم. فالتخلص من كافة أشكال الاستبداد في سوريا، يعني وقف عمليات اللجوء، كما يعني ضرب مواقع التنظيمات الإرهابية على الأرض السورية.
وهو بنفس الوقت، عامل هام في التصدي لظاهرة الفاشية الجديدة والتمييز العنصري في العديد من الدول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو