الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسم تقريبي لإرهابي

عماد حبيب

2006 / 2 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


لست بارعا في فن الرسم، و لا في غيره في الحقيقة، لذلك احتجت رسّاما جيدا، يكون متخصصا في رسم الوجوه التقريبية للمذنبين و المشبوهين. على أن لا يكون دانمركيا بطبيعة الحال، لكي لا يكون يومي أسود من يوم الجمعة الأسود ببنغازي. و عموما سيكون عمله سهلا، فأنا أعتقد أن بإمكاني أن أعطيه كل الأوصاف لتكون صورة الارهابي واضحة و بامكان من رآه أو يراه ،أن يتعرف عليه فورا. و رغم أني لم أرى صاحبنا مباشرة يوما، إلا أني لن أكون شاهد زور حتما.

بعد بحث لم يطل، و باعتباري مساهما متطوعا في الحملة الدولية لمواجهة الارهاب، جادت عليّ وزارة مساعدة الغلابة الأمريكانية برسام بارع من قسم الشرطة الفنية في السي اي اي. رحبت به و أنا مزهوّ معتقدا أني جئت بالأسد من أنفه، بل من الثقب الأيمن تحديدا. و بت أنتظر انتهاء الصورة لتصعقهم النتيجة ليفيقوا أخيرا. و لأنني أتذاكى و أحاول أن لا أقع في الأخطاء القاتلة هنا في الغرب، و هي أولا و أخيرا ان يستشفّ من كلامك أنك معاد للساميّة، فقد قررت ان ألمح دون أن أصرّح، ففي النهاية الارهابي يمكن أن يكون مناظلا قوميا من انفصاليي جزيرة كورسكا أو من الباسك، تماما كما يمكن ان يكون يهوديا أو من جزيرة مكرومينيا.

قلت له أن الارهابي الذي نبحث عنه قد نشأ حتما في أمة تعتبر نفسها مفضّلة على بقية الأمم، لم أقل شعب الله المختار طبعا حتى لا يرمي بالورقة و القلم في وجهي، ففي النهاية سيرسم الصورة التي أريدها انا. صاحبنا أيضا من أمة تعتبر نفسها مضطهدة و مستهدفة و تحاك ضدها المؤامرات و الدسائس، يشعر أفرادها أن الغير يكرههم و لا يقبلهم، و يغيرالجميع منهم لأنهم شعب الله و ابنائه المدلليل الموعودين. و هذا الارهابي هو ايضا ذكي و تلميذ شاطر في طفولته، لكنه يوما لم يقبل تفوق زميل له عليه، لأنه ليس من أمته أو شعبه، و أعتبر أن الاستاذ يعاقبه بسبب أصله. لذلك كان يجد راحته في المدارس الدينية، لم أقل التلمودية أو التوراتية كما اتفقنا، قلت فقط الدينية، التي يدرس فيها كيف أنه أفضل خلق الله و أنه كذلك لأنه من هذه الأمة، و أن الاغيار انما خلقهم الله ليستبيحوا أرضهم و نسائهم و أموالهم، حتى فقد شيئا فشيئا ملامحهم الانسانية في عينه، و صار مهيئا أن يفجرهم بشيوخهم و نسائهم و أطفالهم، متأكدا أن الله سيكون سعيدا بذلك.

الارهابي الذي نبحث عنه قارئ جيد لكن لنوع فقط من الكتب التاريخية، بالنسبة اليه هي مقدسة ، فيها خلاصه و سعادته في الدنيا و الآخرة، و هو كأغلب أبناء أمته يقدسون تفسيرا معينا لهذه النصوص، و يخرجون من ملتهم من منهم قرأ بطريقة مختلفة او قال أنهم على خطأ، و لم أشأ هنا أن أذكر له كمثل الجماعات اليهودية الداعية للسلام أو الرافظة لقيام إسرائيل أصلا. و قلت له أنه سيكون على الأغلب ملتحيا، يعيش بخياله في الماضي المجيد زمن الانبياء أكثر من الحاضر، و أن تراثه يسمح له باستهانة الاستيلاء على أرض الغير و القضاء عليهم حتى حتى تعلوا راية أمته كما امر الله. و قبل أن أواصل ألقيت نظرة على صورة الارهابي التي رسمها، معتقدا انه سيكون اراهبيا على شاكلة شارون او شامير، فصعقت أنا. كانت صورة شرقي مسلم، هو عربي على الأغلب.

كنت قد أعددت لرسامنا فنجان قهوة تأكيدا لكرمنا العربي، لم يكن شرب منه شيئا بعد، فأخذت من امامه و انا اقول في قلبي و الله لن تشرب شيئا يا هذا. ابتسمت له في نفاق و قلت، عفوا، ليس هذا الارهابي الذي وصفته، لمذا أنتم لا ترون الا ما يحلو لكم، لما عقدة العربي المسلم الارهابي هذه. قال لي بالعكس، أنت قلت أنه من خير أمة أخرجت للناس، و أعتقد أنكم تقولون عن أنفسكم ذلك، و أن الله لا يقبل غير الاسلام دينا، و أن البقية هم المشركون الذين لم يهدهم الله و لن يقبل منهم و أن جهادهم واجب ليوم القيامة. و أنتم ترون من حقكم الدعوة لدينكم و تبنون المساجد في كل رقعة حتى قرب الفاتيكان، لكن لا تسمحون لأحد غيركم أن يقيم شعائره عندكم فضلا عن بناء دور عبادته أو التبشير أو الدعوة لمعتقده. و أنتم من تكفّرون من قرأ منكم تراثكم بطريقة مختلفة و تقتلونه، فرج فوده لم يكن يهوديا أعتقد، بل ربما تصوره بعضكم صهيونيا مدسوسا ليدمر الاسلام من الداخل. و أنتم من تذبحون الأسرى كالنعاج و تكبرون و تأكدون أن هذا هو دينكم، و هذا هو الشرع، فلما تلوموننا ؟

قلت له مهلا، أنت تضع الظالم و المظلوم على قدم المساوات، المحتل و المقاوم، من يهدي حياته لتحرير أرضه المغتصبة ، و من يقتل ليستولي على أرض غيره. قال لي، اعطني تعريفا واضحا للإرهاب، أرسم لك صورة الارهابي التي تريد. قلت له بالنسبة لي الارهابي هو الصهيوني و لا احد غيره، قال لي، الارهابي بالنسبة لي هو المسلم و لا أحد غيره، و لن تفرض علي تعريفك بهذه الطريقة. كان واضحا أن محاولتي كانت فاشلة، ربما كان كلانا على حق، و كان الجميع يتحمل مسؤولية الدم المراق من الجانبين، الجميع من بوش الى صدام الى بن لادن و شارون مرورا بالحاخامت و متفيقهي الارهاب، كل من غسل مخ جندي امريكي و جعله يعتبر العراقيين اقل من مستوى البشر و يتمتع بتعذيبهم و تصويرهم، من غسل مخ أم فلسطينية تتصور مع ابنها المراهق قبل أن ترسله للموت فيفجر نفسه في نساء و اطفال اليهود،،،، ربما أنا أيضا مسؤول لأني التجئت لرسام من السي اي اي. لكن مذا أفعل و ديننا يحرم فن الرسم على ما يبدو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح