الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبعاد العلامات في افلام البولندي اندرية زلاوسكي

محمد احمد الغريب عبدربه

2017 / 10 / 30
الادب والفن


العلامات في افلامه السوداوية التي مستها أيد خفية

تأتي الشاعرية الحسية، فوضي الكلمات والاشياء، حسية لا تتوقف عن الاعلان عن نفسها، علامات شاعرية مستمرة، كل ذلك في افلام المخرج اندرية زولاسكي، عندما تبدأ الشخصية في السرد في صورة مهتزة، ومونتاج سريع وملئ بتوليد معني يتألف من علاقات مهتزة ايضا، الشخصية لدي زولاسكي ليس شخصية في ذاتها، فهي تعلن عن وجدها في شاعريتها بالاخر، الصورة بها حركة سريعة، ليس للتشويق والحدث السريع المعتاد، انما لوجود بعد اعتباطي بدون قيمة، فالمعني هنا لا يفتح بعقلانية وواقع به علامة محددة وثابته، انما حركة دائمة، لتعلن عن المعني بفوضي وشاعرية حزينة، فالمعني مشتت وينشأ من الشخصية من الداخل ليخرج بصورة حركية حسية.

وفي افلامه هناك انفصال للشخصيات عن بعضها في حالة عاطفية كالمعتاد في الافلام، او في حالة فكرية، فالعلاقات بين الشخصيات تكون لوحدها ترتبط فقط في حالة شاعرية للتعبير عن معني ما، او اشارة ما، ففي فيلم Chamanka، البلطة تلهث وراء رغبتها نحو معني الحب مع رجل يعمل انثوبولوجيا في معامل للبحث عن تحليلات الجثث الأدمية، هل هناك علاقة بين لهث هذه البطلة والتحليل المعلمي للجثث الأدمية، تحدث ممارسات للحب في شكل هستيري بدون متعة تقليدية، هناك حالة ايروتيكية متجددة غير مفهومة في كل مرة بين هذه الانثي الغير واضحة الشخصية وذكرها المعملي.

والاحداث في افلام زولاسكي خارج الزمن المعتاد، فهي لا تعبر عن زمن يتداخل مع نفسه او متغاير اذا قلنا انه ذو رؤية للزمن غير تقليدية، أنه اقرب الي التزامنية، فالزمن لا يتحرك، الشخصيات تتجاور بعضها البعض، والاحداث، تعبر عن تجاور أيضا، وقد لا يكون حدث هناك، انما هناك حكاية مروية، مثل الحكايات الانسانية التي تروي دائما، فاذا امسكت حكاية مثلا في فيلم Possession، بين طرفين يريد احدهم السيطرة علي الاخر، البطل في قصة الحب يريد الاستحواذ علي انثاه، ولكن بشكل غير مصرح به، فهناك دائما ضبابية ومرئيات غير مكشوفة، قد تكون منطق اللاوعي هنا تتحدث بلغة لا تتوقف عن علامات تشير الي معاني كثيرة من حكاية رئيسية قد لا تكون هي المهمة في الفيلم، فكل لقطة هي لوحدها دور ووظيفة، وتكون قصة وحكاية مروية في ذاتها.

هسهسة الجسد والمشاعر الحسية، تكررت كثيرا في افلام زولاسكي، حيث كانت تتحرك لقول شئ اعتباطي، للتعبير عن ما بداخل الذات، فكان المغزي مراوغ، ينفلت، لذا حركة الكاميرا كانت سريعة كما ذكرنا، فهي كانت تتحرك مع الجسد، كنت تعبيرات الجسد مكثفة ورشيقة في وقت واحد، هل كانت الكاميرا هي الجسد، الصورة تخلق الجسد، فليس معني وحركة الجسد كفكرة او كلام تعبر عن شئ، انما الصورة المتمثلة في المونتاج والكاميرا عبرت عن شئ ما للجسد، شئ ما يريد التحرر والتعبير والانطلاق. ويتحدت جسد المشاهد والمتذوق مع جسد الممثلين وحركة الصورة، تحدث لذة لا تنتهي من التذوق، وهذا ما يميز افلام زولاسكي وهي الشاعرية الحسية التي تثير كيان الذات لكي ينتفح ولا يقول شئ واضحا وصريحا، انما الانفتاح والارتجاف هو المقصد.

ليس هناك حاجة الي اثارة شبقية، او اثارة جسدية، فالجسد يتحول الي شاعرية مطلقة حسية لدي زولاسكي، ابدية التعبير الجمالي لروحانية الجسد، يختفي خطاب الاثارة امام حضور خطاب لذة الصورة للجسد، الذي يتنفض بايماءة، بحركة، بمعني ما، بأشارة، يحاول تفكيك كل شئ من اجل ذاته المفرطة في الحضور. فكان البعد التعبيري اشد قوة من أي خطاب اخري، فيترك انطباع لدي المشاهد بشئ، هذا الانطباع شاعري، فكانت اللغة مهمة، وحضور الصوت عندي الشخصيات سواء الهمس الداخلي، او الاذعان بحركة ما شئ مؤكد ويتكرر.

هل يعطي زولاسكي قيمة للاشياء، قيمة واقعية للشخصيات، والملامح، ليس هناك وظيفة للقيمة لديه، فالشخصيات تلهث في علاقات دائمة دون ابداء مقارنة للقيمة واهمية، فهناك تعبيرات دائمة للمعني الدخلي للذات فقط، وليس لصنع علاقات خارجية مع الخارج، الخارجي المرجع، لا يمكن ان يكون له حضور قوي في فيلمية زلاوسكي، فليس هناك عقلانية للصورة او السرد، وليس هناك لا عقلانية واضحة، هناك تصريح للمشاعر ان تهرب من الذات الي صورة سريعة ومربكة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??