الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع بيروت

جهاد الرنتيسي

2006 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يقترب الحراك السياسي اللبناني من صياغة نموذج شرق اوسطي جديد للتغيير ، قد تتمكن بعض عواصم المنطقة من تلقفه ، والاستفادة منه في احداث تحولات تنتظرها ، وتعجز عن تحقيقها .
فما بين 14 اذار و 14 شباط كرس اللبنانيون حقائق يصعب القفز عنها ، ومن بين هذه الحقائق قدرة الشارع على قول كلمته حين تتوفر الظروف الملائمة ، وامكانية دوام لحظة التغيير ، والحاح الحاجة للحفاظ على قدسية الدساتير في منطقة لا تحترم القوانين ، وفي ظل نظام سياسي ركيزته الاساسية التوازن الديمغرافي .
وكما كان الحال عند نزول اللبنانيين الى الشوارع اثر اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري اعاد تجمع المليون في ساحة الحرية الى الاذهان الهبات الشعبية التي اطاحت بالانظمة الشمولية مع نهايات الحرب الباردة .
والى جانب اوجه الشبه هناك جوانب اختلاف يصعب القفز عنها ، فقد استغرق وصول رياح التغيير الى المنطقة العربية قرابة العقدين ، وعملية التغيير التي يمر بها لبنان استغرقت وقتا اكبر مما حدث في معظم دول المنظومة الاشتراكية ـ اذا قيست بالفترة الفاصلة بين تحرك الشارع وسقوط رموز الانظمة ـ وفاتورة التغيير التي دفعها لبنان من دماء سياسييه ومثقفيه واعلامييه خلال العام الفائت فاقت المعقول .
ورغم هول الانفجارات التي اودت بحياة قادة فكر واعلام وسياسة ، وبقاء الفرز الطائفي ، وتجربة الحرب الاهلية الماثلة في اذهان اللبنانيين تحرص قيادات الطوائف على تجنب الانجرار لاقتتال داخلي يعيد لبنان الى ما قبل اتفاق الطائف الذي يبدي البعض حماسا في الدفاع عنه ، ويتقبله آخرون على مضض .
وتكاد الارضية التي اختارها اللبنانيون لخوض صراعاتهم الداخلية ان تكون كافية لترحيل حكومة الرئيس عمر كرامي ، واقالة الرئيس اميل لحود ، وادخال تعديلات على مواد في الدستور ، وتنفيذ شعارات الحرية واستعادة السيادة بشكل سلمي .
فهناك ما يشبه التوافق على ادارة الظهر للاقتتال الداخلي ، وحرص على السلم الاهلي رغم التحالفات الممتدة خيوطها الى الخارج ، والمفتوحة نوافذها على عواصم الاقليم والعالم ، وتضارب الاجندات المثقلة بتجربة الماضي وقلق المستقبل .
وقد يكون شبه التوافق ضمانة كافية لتجنب الحسم بالقوة ، والحيلولة دون العودة الى الحرب الاهلية التي اكتوى اللبنانيون بنارها ما يزيد عن 15 عاما ، والبحث عن قواسم مشتركة تتيح التعايش الامن بين فرقاء الامس .
فالسجال المحتدم بين الاطراف المتنافرة في المعادلة اللبنانية يتسع للتفاصيل وينحسر لدى الاقتراب من الجوهر رغم صخب القضايا التي يجري التعامل معها باعتبارها محاور اصطفافات سياسية .
ولا يخرج مصير رئيس الجمهورية الذي اطلق تجمع 14 اذار حملة لاقصائه عن هذا السياق .
فلم يخل خطاب قوى 14 اذار من اشارة الى ان النزول للشارع ياتي بعد نفاذ صبرها ، وياسها من رحيل الرئيس لحود طوعا بعد 11 شهرا من بدء اطلاق الدعوات لمغادرته قصر بعبدا .
وفي رده على الخطاب السياسي الذي استخدمه اطراف 14 اذار مر زعيم حزب الله السيد حسن نصرالله مرور الكرام على الجانب المتعلق برحيل رئيس الجمهورية الامر الذي اعتبرته الاوساط اللبنانية استعدادا لغض الطرف
ـ وربما اكثر من ذلك ـ عن حملة الاطاحة بالرئيس .
و مع تشديده على اتباع الطرق القانونية في تغيير الرئيس حرص البطرك مار نصرالله صفير على توجيه انتقاد واضح لما آل اليه موقع الرئاسة في عهد الرئيس لحود .
ولا يبتعد طرح العماد ميشيل عون الرافض لترحيل لحود من خلال تحرك شعبي كثيرا عن موقف صفير .
والى حد ما تحاكي هذه المواقف مبادرة الحزب الشيوعي اللبناني الذي نشط زعيمه خالد حداده في التنظير لها بعد تجمع المليون في ساحة الحرية فهي تدعو الى انتخابات نيابية مبكرة ولكنها لا تضع فكرة رحيل رئيس الجمهورية في دائرة التابوهات .
وترى شريحة سياسية يمثلها في الشارع السياسي رئيس الوزراء الاسبق سليم الحص بضرورة ان يبادر الرئيس لحود الى التنحي ضمن مبادرة للانقاذ الوطني .
وبفعل طبيعة السجال الدائر بين الاطراف اللبنانية يصعب تنحية تباين وجهات النظر حول الية رحيل رئيس الجمهورية عن الحوار الوطني المرجح عقده في الثاني من اذار المقبل .
فمن بين القضايا المطروحة للحوار ـ كما حددتها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ـ قرار مجلس الامن 1559 الذي ينص على نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية في لبنان ، والعلاقة بين لبنان وسوريا ، والتحقيق في اغتيال الرئيس الحريري .
ولا يمكن عزل هذه البنود عن ازمة رئيس الجمهورية الذي ارتبطت دعوات رحيله بغياب رفيق الحريري ، ويثير خصومه الشبهات حول طبيعة علاقته مع دمشق ، ويلقى الدعم من حزب الله .
ومثل كل الحوارات سيكون الباب مفتوحا امام المناورات السياسية واللقاء عند منتصف الطريق .
كما ان احتمالات وصول حوار اطراف المعادلة اللبنانية الى طريق مسدود تبقي غير مستبعدة .
وفي جميع الاحوال ستحدد نتيجة الحوار اللبناني المسارات التي ستتبعها قوى 14اذار في الاطاحة برئيس الجمهورية والتى حددتها الاوساط السياسية اللبنانية بـ " 4 " خيارات تتمثل في :
· الاستمرار في الاعتصامات والتظاهرات حتى يتم اجبار رئيس الجمهورية على التنحي عن موقعه .
· القيام بمسيرات ضخمة الى قصر بعبدا لاقناع الرئيس بان الشارع اللبناني لم يعد يقبل ببقائه .
· التدخل الدولي من خلال صدور قرار عن مجلس الامن الدولي يقضي بعدم شرعية رئيس الجمهورية .
· توافق الكتل البرلمانية على الغاء التعديل الدستوري الذي تم بموجبه تمديد فترة ولاية الرئيس لحود .
واللافت للنظر ان تجمع 14 آذار الاكثر حدة في المطالبة برحيل الرئيس لحود يفضل الخيار الاخير .
فالتصريحات التى يدلى بها قادة هذا التجمع تتجه نحو البحث عن نصوص دستورية لتقصير ولاية الرئيس وتامين اوسع تصويت على هذه النصوص في مجلس النواب .
والخطوات التي اتخذها فريق 14 اذار على الارض تصب في هذا الاتجاه بدء من تشكيل لجنة قانونية لاعداد الصياغة المناسبة ومرورا بتشكيل وفد سياسي لبحث تقصير فترة ولاية لحود مع التيار الوطني الحر وحزب الله .
والواضح ان تسارع الاحداث الداخلية في لبنان لن يكون معزولا عن تطورات الاوضاع في سوريا وتازم العلاقة بين ايران والغرب .
فما زالت بيروت مشدودة بفعل عوامل اقليمية ودولية نحو التجاذبات التي حولتها الى ساحة لتصفية الحسابات .
والمؤشرات المتوفرة توحي بان الربيع الذي تنتظره بيروت سيكون مقدمة لصيف ساخن في بعض عواصم المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت