الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في قصة مراهقة للكاتب مجيد الكفائي

مجيد الكفائي
محام وكاتب

2017 / 10 / 30
الادب والفن


مراهقة
أحبته بصدق، وعشقته بجنون، حلمت ببيت صغير يعيشان فيه معاً، اثنان من الأولاد يكفي، لا ثلاثة، صبيان وبنت، سأعلمهم وأربيهم أحسن تربية، لن أدعهم يحتاجون شيئاً، كل راتبي سأنفقه عليهم، سأشتري لهم ملابس فاخرة وألعاباً وهدايا، سأدرسهم يومياً، سأقضي جل وقتي معهم؛ أفاقت من الحلم على صوت أمها وهي تناديها: نظفي البيت قبل أن يرجع والدك من العمل.
قراءة نقدية لقصة مراهقة
النص ققج
العنوان : مراهقة والمراهقة تعني : راهق مراهقة وأرهق مراهق ، ولغة هو الغلام الذي قارب حدّ البلوغ ، لكن لم يبلغ . المعجم: مصطلحات فقهية والمراهق من قارب الرشد نستطيع من خلال هذا العنوان أن نستشف الموضوع الذي يدور حوله النص الذي بين أيدينا. وهو إرهاصات فتاة مراهقة راحت ترسم لنفسها أحلاماً وقد تكون أوهاما شأنها شأن أيّ فتاة في سنّها. ابتدأ الكاتب نصه بجملة أحبته بصدق/ وهل يكون الحبّ الأوّل إلا صادقاً؟ شأنه شأن المأدوبة الكبرى التي تُولم عليها كل أمانيها وأحلامها! بل عشقته بجنون/ معلوم أنّ المراهقين يُمعنون في الحبّ حدّ الجنون فعلاً حتى يهيمون في كلّ واد! حلمت ببيت صغير يعيشان فيه معاً / بيتٌ صغير هو غاية المنى ومنتهى الأرب ذاك التّتيّم في المحبوب حلمٌ لا يتعدى لتحقيقه (بيتٌ صغير ) فكلٌ يحلم على مقاسه.!! وهنا يُفصّل الكاتب أحلام تلك المراهقة على مقاسها فلا يجوْزُ مخيالها سقفه! وماذا بعد؟ لابدّ وبعد أن يضمّها وحبيبها بيتٌ واحد أن ينجبان أطفالاً. ترى من هم أطفالها الذين حلمت بهم تلك المراهقة؟ اثنان من الأولاد يكفي، لا ثلاثة. صبيان وبنت/ هذا المنولوج الداخلي الذي يدور في خاطر بطلة النص مؤطراً بأمنيةٍ مشروعة في ظلّ مجتمع ذكوريٍّ بحتٍ يرجّح دائماً كفّة الذّكر على الأنثى. - سأعلمهم وأربيهم لن أدعهم يحتاجون شيئاً / يبدو لي من هذه العبارة أنّ تلك الفتاة المراهقة قد حُرمت من حق التّعلم وتحصيل المعارف واكتساب العلوم.. الأمر الذي جعلها تتعهّد بينها وبين نفسها أن تعوّض هذا النقص في أطفالها المنتَظرين، فتُحسن تربيتهم وتسعى إلى تسليحهم بالعلوم وإكسابهم المعارف. لن أدعهم يحتاجون شيئاً كل راتبي سأنفقه عليهم/ هي فتاة تحلم أن تكون ذات شأن ومركز إجتماعي ومستوى ثقافي يؤهّلها لعملٍ جيد يكسبها رزقاً وفيراً لتقدمه لأبنائها وتضمن لهم العيش الكريم دون أن يسألوا الناس إلحافاً أعطوهم أو منعوهم!! سأشتري لهم ملابس فاخرة وألعاب وهدايا/ جملة تدلّل على حبها الكبير لأولاد المستقبل ورعايتها لهم حقّ الرعاية وحرصها حتّى لأماكن ملابسهم لتقتنيها لهم من أفخر الماركات والمحلات التّجارية. بل لن تكتفي بذلك إنّها تُمنّيهم بينها وبين نفسها بالهدايا والألعاب فتبسط كفّ الرفاهية والبذخ لتغدق عليهم من فيض عطائها وجودها وكرمها. سأدرسهم يومياً / تلك الفتاة الحالمة المراهقة بل الواعية لن تنسى رعاية أولادها علمياً ومتابعتهم بشكلٍ حثيث دراسياً فهي لن تتوانى عن دعم تحصيلهم العلمي ولن تُلهِها عاطفتها الرّؤوم عن متابعتهم ومدارستهم يومياً أفاقت من الحلم على صوت أمّها وهي تناديها/ جملة تحطُّ برحال أحلام تلك الفتاة المراهقة على عتبة الواقع القميئ لترتطم بصخرة خذلانها بنداء أمّها الذي يصفع سقف أحلامها بأرض الواقع البغيض. نظّفي البيت قبل أن يرجع والدك من العمل/ هذه الجملة الختامية الصادمة التي يختتم بها الكاتب نصه تضعنا على حافة آلام تلك الفتاة المراهقة وتكشف لنا عن سرّ أحلام اليقظة التي لم تسعدْ في العيش في ظلّها كثيراً. وتضعنا أمام أسئلة مؤلمة: هل هي فتاةٌ تعيش في ظلّ مجتمعٍ متخلّف؟! محرومة من الخروج من المنزل خوفاً عليها من أن تحب وتعشق وتتزوج من تحب! كعادة أغلب المجتمعات المتخلفة في العالم الثالث!! ومحرومة من حقّ التعليم؟ حتى زيّنتْ لها أحلامها تعليم أولادها لتعوّض حرمانها من العلم عن طريق تعليم أولادها؟ وهل هي فتاة لأبوين فقيرين؟! شظف العيس حال بينهما وبين أن يؤمّنان لها حياةً كريمة!! فراحت تحلم بتقديم حياة رغيدة لأولادها التي حلُمت بانجابهم! وقد حدّدت عددهم (صبيّان وبنت) وكأنّها ضمن ثُلّةٍ كبيرة من الأخوة الذين حال الفقر دون تعليمهم وكسوتهم بالشكل الذي تحلم به لأولادها!! وهل هي ابنةٌ لأبوين جاهلَيْن؟ لم يُعنيا بها دراسياً حتّى حلّقت في أحلامها!! المشروعة من العلم إلى العمل الكريم بمردودٍ وفير يضمن لها ولأولادها حياةً هانئة دون ذكرٍ لدور زوجها فيها، وكأنّها ترفض أن تكون ظلّاَ لرجل وتؤمن بحرية المرأة واستقلالها المادي أولاَ وأخيراً. كلها أسئلة مشروعة عن أسرار أحلامها التي ارتطمت بصخرة الواقع المرير، إذ أعادها إلى حقيقتها المرّة التي غلّتْ كلّ أحلامها ووأدتْ كلّ آمالها بين جدران المنزل الذي.. رهنتها أمها لتنظيفه قبل عودة ربّ الأسرة من العمل!! نص جميل يسلط الضوء على مشكلة إجتماعية هامة ويرصدها من زوايا عدة بأسلوب رشيق ومحبب تحية تليق للكاتب راجيةً أن أكون قد وفّقتُ في قراءة هذا النص الماتع وما أنا بقارئة!
ايمان السيد
سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ