الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم النوفمبري: الشعب لا يتحف بإحياء الذكريات وإنما بتجسيدها

بوشن فريد

2017 / 11 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



تحتفل الجزائر اليوم بالذكرى ال 63 لأول نوفمبر 1954, وستحاول السلطات العليا بالبلاد استعراض مسيرة رجال تلك الحقبة الثورية الذين كافحوا الذل المعنوي وتصدوا يومها لأقوى قوة استعمارية في منطقة البحر الأبيض المتوسط, وستأمر كذلك تلك السلطات التي تنعم بكرسي الاستقلال برفع معنويات المواطن الجزائري, وذلك بإطلاق العنان للأناشيد الثورية, تلك المقاطع الشرعية المنظمة في قمم الجبال من قبل شباب عصرته الآلام والأحزان, فحولها بقدرة قادر إلى كلمات ثقيلة المعنى وتجعل قلوب من يستمع إليها تتدفق حبا للوطن والحرية والراية, نعم يا قارئي العزيز, هكذا تحتفل السلطات المركزية بأعظم يوم في دفاتر الثورة ضد جور الاستعمار, ناسية أو متناسية أن الشعب برمته اليوم ليس مهتما إلى إحياء الذكريات بقدر ما هو محتاج إلى من يقتدي بها ويؤمن بطقوسها ويعمل على تجسيدها في ميدان الواقع, الشعب اليوم لا يتحف بالنشيد الوطني وإنما يهمه احترام كلماته من طرف المسؤولين السياسيين الذين تربعوا على عرش البلد منذ الاستقلال, بفعل الدسيسة السياسية والانقلابات على الشرعية الحقيقية, وليس بفضل كفاءتهم وخبرتهم ووطنيتهم وميلهم إلى خدمة البلاد والعباد..
والسؤال المتداول بشدة في وسط شباب الجزائر, يكمن في ماهية هذا الاستقلال الذي تتحدث عنه السلطات, في وقت هم يقبعون في سجون الفقر المدقع والبطالة القاتلة واللا اعتراف بهم, ولا بشهاداتهم, ولا بمواهبهم الفكرية والسياسية, ولا بوطنيهم التي تفوق حجم أجسادهم.. وليس غريبا اليوم, أن نرى ونسمع بأن الكثير منهم يقبلون الموت في مركز البحر ويختارون الهجرة أو الحراقة من أجل الانعتاق من شمولية السياسة المنتهجة في بلادهم الغالية, وآخرون يصطفون أمام القنصلية الفرنسية طالبين وبكل إذلال معنوي الحق في العيش في فرنسا, تلك الدولة التي قهرتنا وصنعت لنا رجال سياسة على مقاسها, ولا يصلحون إلا لتلبية مصالح فرنسا, إنها الحقيقة المرة, للأسف الشديد, لكن ما عساي أن أقول, ووجوه شبابنا هجرتها شمس الشبيبة والتمسك بالحياة الكريمة في ظل استمرار نظام بالجزائر أصابته الشيخوخة في كل مفاصله وعناوينه ورجالاته.
الاستقلال الحقيقي هو أن تتمكن السلطات السياسية بالبلاد في غرس لدى شبابها ثقافة حب تاريخهم لا تحقيره بسبب تعرضه إلى التزوير والخياطة الإيديولوجية, وتسعى إلى حمايتهم من القرصنة الغربية السلبية الآتية, وتربيتهم على سبل العيش الكريم, وذلك بتوفير لهم مناصب عمل محترمة, ومنحهم مشعل القيادة واحترام فكرهم العصري, وليس إهمالهم ودفعهم إلى حمل السلاح والانخراط في صفوف المتطرفين أو الهروب من حدود البلد نحو دول أخرى تستغلهم بأقل الأثمان مقابل جواز سفر أو إقامة محدودة.
الثورة النوفمبرية لم تخلق من العدم, فهي مجموعة من الآلام والأحلام الممزوجة ببعضها البعض, لتجسد ميلاد أمة مستقبلية على يد أبنائها القادمين من المستقبل, فأين هذا الحلم النوفمبري من كل هذه الفوضى القائمة حاليا في جزائر مليون ونصف مليون شهيد يا ترى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي


.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه




.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر