الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية والهند ... آفاق جديدة للتعاون

المصطفى عبد الحافظ

2006 / 2 / 21
الادارة و الاقتصاد


لاشك أن زيارة الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين للهند الشهر الماضي تعبر عن رؤى جديدة في السياسة السعودية وتأتي تعبيراً عن إدراك واعي لمجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، وخاصة في ظل توجه أمريكي نحو الاهتمام بمجموعة من الدول الآسيوية منها الصين والهند - والذي يعبر عن مدى ما تمثله هذه الدول من أهمية - خصوصاً بعد أن أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية أن أميركا قررت إلغاء قرابة مائة منصب دبلوماسي من أوروبا ونقلها إلى دول ناشئة مثل الهند والصين.
وترتبط كل من الهند والسعودية بعلاقات قوية واستراتيجية تحسنت هذه العلاقات منذ أوائل التسعينات رغم ما كانت تشهده العلاقات من توترا في الثمانينات بعدما رفضت الهند إدانة غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان فيما ساعدت السعودية في تمويل المجاهدين الإسلاميين الذين كانوا يحاربون القوات السوفيتية في أفغانستان ،إلا أن هذه العلاقات تحسنت واتخذت منحى آخر منذ بداية التسعينات وذلك مع زيادة معدل النمو الاقتصادي الهندي وحاجته للطاقة التي تتوفر بشكل كبير في منطقة الخليج وخاصة السعودية والتي تزود الهند بنحو ربع وارداتها من النفط الخام والبالغة إجمالا 1.9 مليون برميل يوميا كما اشترت نيودلهي في عام 2004 نفطا من السعودية بلغت قيمته 6.2 مليار دولار.
وتعود هذه العلاقات الاستراتيجية إلى أن السعودية هي أكبر سوق في الخليج، وهي عضو في منظمة التجارة العالمية ،فيما أصبح القطاع الخاص أكثر تطوراً وتقدماً الآن ،وقفز تصنيف البنك الدولي للسعودية في ما يتعلق بالجاذبية للاستثمار الأجنبـي المباشر عالمياً من المركز السابع والستين إلى المركز الثامن والثلاثين ،هذا إلى جانب أن المملكة قررت استثمار نحو 624 مليار دولار في شتى القطاعات خلال فترة السنوات الخمس إلى العشر القادمة، كما أنها تبحث عن استثمارات وشراكات في مجالات مصانع التحلية والمياه والطاقة والصحة والتعليم والبنى التحتية وتقنية المعلومات والطيران المدني والسكك الحديدية، فيما قامت اثنتان وثمانون شركة هندية باستثمارات بقيمة 467.2 مليون دولار في المملكة، فضلا عن أنها من أكثر الدول تصديرا للنفط بل وتملك أكبر احتياطي عالمي من النفط يقدر بنحو 25% من الاحتياطي العالمي.
وعلى الجانب الآخر نجد أن الهند تُعد أكبر بلد ديمقراطي في العالم ويضم ما يزيد على مائة وخمسين مليون مسلم وهي رابع أكبر اقتصاد على مستوى العالم ، وقد يصبح أحد أكبر ثلاثة اقتصاديات خلال الأعوام الخمسة والعشرين القادمة، فلقد تضاعف معدل ناتجها المحلي خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، إذ ينمو بمعدل ستة بالمائة، ومن المحتمل أن يتضاعف المعدل مجدداً بحلول عام 2010 ،كما ارتفع احتياطها من العملة الأجنبية من مليار دولار في عام 1991 إلى 140 مليار دولار في عام 2005.
التبادل التجاري
يشهد حجم التبادل التجاري بين المملكة والهند نمواً كبيراً ، حيث تعتبر الهند رابع أضخم شريك تجاري مع المملكة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2004م نحو 33 مليار ريال مقارنه بنحو 25 مليار ريال خلال عام 2003م، و سجلت الصادرات السعودية نسبة 5.5 % بالنسبة للاستيراد الهندي، كما تشكل البضائع الهندية نسبة 5.95 في المائة للصادرات إلى السعودية، وتقع الهند في التصنيف التاسع بالنسبة لمجموع الاستيراد السعودي الخارجي، وبلغت الصادرات الهندية للسعودية في الربع الأول من عام 2005 ما قيمته 39.90 مليون دولار مقابل استيراد ما قيمته 316.70 مليون دولار من السعودية ،وخلال عام 2005 سجلت الصادرات الهندية إلى السعودية ارتفاعا بنسبة 22.78 % عن عام 2004.
التجارة بين الهند والمملكة العربية السعودية (بمليون دولار أمريكي)
نسبة الزيادة في الصادرات الهندية إجمالي التجارة الصادرات إلى المملكة العربية السعودية الواردات من المملكة العربية السعودية السنة
4.11-% 3161.74 742.50 2419.24 2000-1999م
10.83% 1444.06 822.94 621.12 2001-2000م
0.42 % 1290.42 826.43 463.99 2002-2001م
13.83% 1445.47 940.74 504.72 2003-2002م
19.41% 1861.08 1123.31 737.77 2004-2003م
المصدر: القسم التجاري بحكومة الهند.
ومن الصادرات الهندية الرئيسية إلى المملكة العربية السعودية هي أرز باسمتي وغير باسمتي, الشاي, غزلا صناعيا يدويا, أنسجة, الملابس الجاهزة, غزلا قطنيا, حديدا وفولاذا أوليا ونصف مصنع وكيماويات ومنتجات مشمع الأرضية والبلاستيكية.
وتحتوي الواردات الهندية من المملكة العربية السعودية على النفط ومنتجات بتروكيمياوية ،كما أن المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط الخام إلى الهند حيث تقوم بتزويدها بربع من الاحتياجات النفطية للهند تقريبا، وبلغت واردات منتجات النفط والنفط الخام للهند من المملكة العربية السعودية خلال عام 2003-2004م 20 مليون طن ما قدرها 4.77 مليار دولار أمريكي و هكذا تلبي المملكة العربية السعودية 26% من احتياجات النفط الخام سنويا.
كما تعتبر الهند رابع أضخم شريك تجاري مع السعودية وتأتي في المركز العاشر على لائحة واردات السوق السعودية ، كما ظهرت الهند ضمن أكبر الدول المصدرة للعمالة الجيدة والماهرة إلى المملكة خلال السنوات الماضية، حيث يقدر عدد المغتربين الهنود بالمملكة حوالي مليون ونصف المليون شخص ،وتمثل السعودية السوق الأكبر الخامس عشر في العالم من حيث الصادرات الهندية.
النفط
تعتبر السعودية المزود الأكبر للنفط الخام في الهند، بالنسبة إلى الشركات الهندية في القطاعين العام والخاص تمدها سنويا شركة أرامكو السعودية، حيث بلغ حجم شراء هذه الشركات 20 مليون طن متري من النفط الخام سنويا وتشغل نسبة 20 % من استهلاك الهند للنفط، كما يأتي 32 % من إجمالي واردات خام النفط الهندي من السعودية ، فقد تضاعفت واردات النفط من السعودية أربع مرات "من ستة ملايين طن في عام 1999 ـ 2000 إلى عشرين مليون طن في عام 2003 ـ 2004".
وتسعي نيودلهي الآن لعقد اتفاقيات أطول أمداً لتوريد النفط الخام بدلاً من العقود السنوية الحالية، وكما تسعى للحصول على المساعدة لتكوين احتياطات استراتيجية من النفط، حيث تأمل الهند في تكوين احتياطي لمدة خمسة عشر يوماً بحلول عام 2008، والحصول على الغاز الطبيعي في المستقبل ،لذلك تتطلع نيودلهي إلى شراكة إستراتيجية طويلة الأجل في مجال الطاقة مع السعودية وإنشاء المؤسسات الضرورية لدعم تلك الشراكة فهناك عروضا لإنشاء مؤسسة خاصة تجمع شركة النفط السعودية أرامكو وشركتي نفط هنديتين رئيسيتين -هما شركة النفط الهندية وشركة النفط والغاز الطبيعي- لبحث إمكانية الاستثمار في مجال الطاقة في كل من السعودية والهند .
الاستثمارات
وفي مجال الاستثمارات تشير معلومات رسمية إلى أن المملكة تعتبر المستثمر 22 في الهند حيث بلغت قيمة الاستثمارات السعودية بالهند 858 مليون ريال (228.8 مليون دولار أمريكي) خلال الفترة الممتدة من 1991 وحتى 2004 ، كما أن هناك 49 مشروعا مشتركا هنديا سعوديا كما أن هناك شركات سعودية عديدة بالهند تعمل في مجالات مختلفة مثل صنع الأوراق وكيماويات و برمجة كمبيوتر والمنتجات الصناعية ، الأسمنت، والصناعات المعدنية.
ويذكر أن 82 رخصة أصدرتها الهيئة العامة للاستثمار للشركات الهندية لتنفيذ المشاريع المشتركة خلال العامين الماضيين (2004 ، 2005 ) أو المشاريع بملكية 100% يتوقع لها أن تجلب بقيمة 467,18 مليون دولار أمريكي إلى المملكة ،وتختص هذه الرخص بمختلف المشاريع مثل المشاريع الخدمية لدولة الهند والمشاريع الصناعية لدولة الهند والاتصالات وتقنية المعلومات والصيدليات ،بجانب أن العديد من الشركات الهندية تعمل بالتعاون مع الشركات السعودية في مجالات التصميم والاستشارة والخدمات المالية وتطوير البرمجة ،وخلال العامين الماضيين.
كما تنمو الاستثمارات الثنائية بين البلدين بصورة مستمرة ومنذ منتصف عام 2000م, استغلت عدد كبير من الشركات الهندية الأنظمة السعودية الجديدة و أقامت المشاريع المشتركة أو المشاريع الثانوية المملوكة بالكامل في المملكة العربية السعودية. حسب المعلومات الصادرة من الهيئة العامة للاستثمار السعودي فإنها قد أصدرت 82 رخصة للشركات الهندية لتنفيذ المشاريع المشتركة خلال العامين الماضين أو المشاريع بملكية مائة في المائة والتي تتوقع أن تجلب بإجمالي الاستثمار بقيمة 467.18 مليون دولار أمريكي إلى المملكة العربية السعودية. إن هذه الرخص تخص بمختلف المشاريع مثل المشاريع الخدمية لدولة الهند والمشاريع الصناعية لدولة الهند والاتصالات وتقنية المعلومات والصيدليات وغير ذلك. وبالإضافة إلى ذلك تعمل العديد من الشركات الهندية بالتعاون مع الشركات السعودية في مجالات التصميم والاستشارة والخدمات المالية وتطوير البرمجة.
ويعتبر قطاع التقنية من القطاعات التي تستقطب الاستثمارات السعودية والدليل على ذلك إقامة شركة إكسنسيس، كأول استثمار سعودي بنسبة 100 % في الهند في مجال صناعة البرمجيات وتقنية المعلومات بهدف المشاركة في نقل التجربة والخبرة الهندية المتقدمة في تقنيات المعلومات والاستفادة منها لصالح تطوير قطاع التقنية في المملكة وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني، وتعد شركة إكسنسيس من الاستثمارات السعودية البارزة في الهند وهي الشركة السعودية الوحيدة التي تعمل في هذا المجال في الهند منذ عام 2001م واستطاعت شركة إكسنسيس أن تحتل مكانة رائدة ومتميزة بين الشركات العاملة في قطاع تقنيات المعلومات والبرمجة ـ ليس فقط على مستوى القارة الهندية وإنما على المستوى العالمي أيضاَ ـ حيث حققت نموا سريعاَ وانتشارا واسعاَ خلال سنوات عمرها القصيرة.
وأخيراً يمكن القول بأن توجه السعودية نحو الشرق إنما ينم عن رؤية واضحة وبصيرة ثاقبة وقراءة سليمة للتطورات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية بشكل عام فالهند ستصبح أكبر بلد في العالم، وسيتجاوز عدد سكانها عدد سكان الصين خلال أقل من عقدين من الزمن، إلى جانب أنها حققت خلال السنوات الثلاث الماضية نسبة نمو بلغت ما بين 7.0 و 8.5 % ،ومن المتوقع أن تظل هذه النسب في الارتفاع خلال السنوات القادمة ،وبالإضافة إلى كونها دولة نووية، فهي المصدر الأول للموارد البشرية الماهرة، وأصبحت بحق من الدول الرائدة في تصدير برامج الكمبيوتر المتقدمة ،وليس من المستبعد أن تنجح الهند في مسعاها لتصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. بدء المنافسة فيبعد الإعلان ع


.. اقتصاد: تراجع البورصات الأوروبية غداة نتائج الانتخابات البرل




.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي: محتاجين توسيع القاعدة الضريبية وأ


.. كلمة أخيرة - طرح مسودة أولية لوثيقة السياسة الضريبية للنقاش




.. بعد طرح مسودة أولية لوثيقة السياسة الضريبية 2030.. ماذا يريد